قرآنيات

معلومات الكاتب :

الاسم :
السيد محسن الأمين
عن الكاتب :
السيد محسن ابن السيد عبد الكريم الحسيني ولد في قرية (شقرا) في جنوب لبنان وذلك في حدود ١٢٨٢ ه‍ ودرس المقدمات في مدارس جبل عامل على المشاهير من فضلائها وبرع بين أقرانه ثم هاجر إلى النجف للتحصيل الفقهي وذلك عام ١٣٠٨ وأكب على التحصيل واستقى من الاعلام وهاجر من النجف إلى الشام سنة ١٣١٩ ه‍ بطلب من أهلها. توفي ببيروت وشيع تشييعًا فخمًا مشى فيه رجال السلك الدبلوماسي من الجمهوريتين اللبنانية والسورية وذلك يوم الرابع من شهر رجب ١٣٧١ ه‍. ونعته دور الإذاعات الإسلامية والعربية.

حول قصّة الغرانيق

 

السيد محسن الأمين
قال الله تعالى في سورة الحج : {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنْسَخُ اللهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللهُ آيَاتِهِ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ * لِيَجْعَلَ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ فِتْنَةً لِلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ}[الحج: 52، 53].
قال الواحدي في أسباب النزول، وابن سعد في الطبقات الكبرى، والطبري في تاريخه، وجماعة من مفسّري أهل السنّة:
إنه لما رأى رسول الله (صلى الله عليه وآله) تولي قومه عنه، وشقّ عليه ما رأى من مباعدتهم عمّا جاء به، تمنى أن يأتيه من الله ما يقارب بينه وبين قومه، فجلس يوماً في ناد من أندية قريش حول الكعبة، فأنزل الله تعالى عليه سورة النّجم، فقرأها، حتى إذا بلغ {أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى * وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى}[النجم: 19، 20] ألقى الشيطان على لسانه لما كان يحدث به نفسه وتمنّاه: تلك الغرانيق العلى، وإن شفاعتهنّ لترتجى. وفي رواية: وشفاعتهن ترتجى. فلما سمعت قريش بذلك فرحوا، ومضى في قراءته، فقرأ السورة كلّها، وسجد في آخرها، وسجد المسلمون بسجوده، وسجد جميع من في المسجد من المشركين، فلم يبق كافر ولا مسلم إلا سجد، إلا الوليد بن المغيرة وأبا أحيحة سعيد بن العاص، أخذا حفنة من البطحاء ورفعاها إلى جبهتيهما وسجدا عليها، لأنهما كانا شيخين كبيرين، فلم يستطيعا السجود، وفرحت قريش وقالوا: قد ذكر محمد آلهتنا بأحسن الذّكر، فنزل جبرئيل على رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال: ماذا صنعت، تلوت على الناس ما لم آتك به عن الله؟ وقلت ما لم أقل لك. وفي رواية أنه قال له أعرض عليّ كلام الله، فلما عرض عليه قال: أمّا هذا فلم آتك به، هذا من الشيطان، فأنزل الله تعالى: {وَمَاْ أَرْسَلْنَا مِنَ قَبلِكَ مِنْ رَسُول} الآية.
أقول: العجب من هؤلاء الّذين أودعوا كتبهم هذه الرّوايات التي لا يحتاج بطلانها وفسادها إلى بيان، والّتي تنسب إلى النبيّ (صلى الله عليه وآله) أقبح النّسب من الزّيادة في القرآن بما يقتضي الكفر، من مدح الأصنام، والقول فيها بقول المشركين إنها تشفع، وعدم تنبّهه حتى نبّهه جبرئيل، كبرت كلمة تخرج من أفواههم، وكيف سرّ المشركون بذلك، وقد قرأ (صلى الله عليه وآله) السّورة إلى آخرها، وفيها بعد ذلك ذمّهم وذمّ آلهتهم بقوله: {أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الْأُنثَى * تِلْكَ إِذاً قِسْمَةٌ ضِيزَى * إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْمَاء سَمَّيْتُمُوهَا أَنتُمْ وَآبَاؤُكُم مَّا أَنزَلَ اللهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الْأَنفُسُ...}، وما هذه الرّوايات إلا كالّذي رووه من أنَّ النّبيّ (صلى الله عليه وآله) أثَّر فيه السّحر، مصدِّقين قول الكفَّار: {إِن تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلاً مَّسْحُور} وغيرها .
أمَّا الذي ذكره مفسِّرونا، فقال الطبرسي في مجمع البيان: روي عن ابن عباس وغيره، أنّ النبيّ (صلى الله عليه وآله)، لما تلا سورة النّجم وبلغ إلى {أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى * وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى}[النجم: 19، 20]، ألقى الشيطان في تلاوته تلك الغرانيق العلى، وأن شفاعتهن لترجى، فسرَّ بذلك المشركون، فلما انتهى إلى السجدة، سجد المسلمون وسجد أيضاً المشركون لما سمعوا من ذكر آلهتهم بما أعجبهم. قال: فهذا الخبر، إن صحّ، محمول على أنّه كان يتلو القرآن، فلما بلغ إلى هذا الموضع وذكر أسماء آلهتهم، وقد علموا من عادته أنه يعيبها، قال بعض الحاضرين من الكافرين: تلك الغرانيق العلى، وألقى ذلك في تلاوته بوهم أن ذلك من القرآن، فأضافه الله سبحانه إلى الشيطان، لأنّه إنما حصل بإغوائه ووسوسته، قال: وهذا أورده المرتضى (قدس الله روحه) في كتاب التنزيه، وهو قول النّاصر للحقّ من أئمة الزيديّة، وهو وجه حسن في تأويله.

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد