مقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
الشيخ جعفر السبحاني
عن الكاتب :
من مراجع الشيعة في ايران، مؤسس مؤسسة الإمام الصادق والمشرف عليها

دلائل حجية الإمام الجواد عليه السلام

 

الشيخ جعفر السبحاني
إنّ الإمام الجواد كان أوّل إمام يبلغ الإمامة في طفولته، فمن الطبيعي أن يكون أوّل سؤال يخطر بالبال عند دراسة حياته هو أنّه كيف يمكن لحدث أن يتحمل مسؤولية ومهمة إمامة وقيادة المسلمين الحسّاسة والكبيرة؟ 
فهل من الممكن أن يبلغ إنسان وهو بذلك العمر إلى هذا الكمال الذي يجعله خليفة رسول اللّه ؟
وهل حصل ذلك في الأُمم السابقة ؟
يجب الالتفات في الإجابة على تلك الأسئلة إلى أنّه صحيح أنّ مرحلة نضوج عقل الإنسان وجسمه تتعيّن في فترة زمنية معينة عادة بتوفرها ينضج الإنسان روحاً وجسماً، ولكن ما المانع في أن يجعل اللّه القادر الحكيم تلك المرحلة مرحلة النضج تحدث في بعض عباده قبل موعدها المقرر لمصلحة ما فتقصر المسافة كان وما يزال في المجتمع البشري أفراد شذّوا عن هذه القاعدة العادية وبلغوا منصب الإمامة وقيادة الأُمّة في سن الطفولة في ضوء عناية الباري تعالى الخاصة ورحمته ولتوضيح ذلك أكثر نشير هنا إلى بعض تلك الاستثناءات من تلك القاعدة :
1- قال القرآن المجيد حول النبي يحيى ورسالته وانّه بعث وهو صبي: {وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا} [مريم: 12] وقد فسّر بعض المفسّرين كلمة الحكم في الآية بالفهم والعقل، وقال بعض آخر :إنّ المراد منها هو النبوة والذي يؤيد النظرية الثانية روايات ذكرت في أُصول الكافي ومنها رواية تنقل عن الإمام الخامس يفسّر فيها كلمة الحكم بنبوة النبي يحيى في طفولته، ويستشهد بذلك ويقول: ثمّ مات زكريا فورثه ابنه يحيى الكتاب والحكمة وهو صبي صغير أما تسمع لقوله عزّوجلّ: {يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا} [مريم: 12].
2- وعلى الرغم من أنّ لبداية التكلّم لدى الطفل يحتاج عادة إلى فترة زمنية تقارب الاثني عشر شهراً غير أنّنا نعلم أنّ النبي عيسى (عليه السلام) تكلم منذ أيّامه الأُولى ودافع عن أُمّه التي حملت بأمر اللّه وولدت طفلاً وسيء الظن بها واتّهمت بصلابة، ودحض خزعبلات المكابرين بالحجج المنطقية، مع أنّ التكلّم بهذا المستوى وبهذا المضمون ليس إلاّ في وسع الكبار ويروي لنا القرآن ذلك بهذا النحو: {قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا * وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنْتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا * وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا } [مريم: 30 - 32]
وممّا تقدم نستنتج بأنّه كان هناك رجال إلهيون آخرون تمتعوا بهذه النعمة الإلهية قبل الأئمّة وهذا ليس مختصاً بالأئمّة فقط ويتبيّن من خلال دراسة حياة الأئمّة أنّهم كانوا يواجهون هذا الأمر أيضاً لا سيما في عهد الإمام الجواد، وكانوا يدحضون التشكيكات بنفس ذلك الاستدلال المذكور آنفاً، وهنا نسترعي انتباهكم لثلاث روايات في هذا المجال :
1- عن علي بن أسباط قال: قدمت المدينة وأنا أُريد مصر، فدخلت على أبي جعفر محمد بن علي الرضا (عليه السلام) ، وهو إذا ذاك خماسي فجعلت اتأمّله لأصفه لأصحابنا بمصر، فنظر إليّ وقال: يا علي إنّ اللّه أخذ في الإمامة كما أخذ في النبوة فقال سبحانه في يوسف: {وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا } [يوسف: 22] وقال عن يحيى {وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا} [مريم: 12].
2- ويقول أحد أصحاب الرضا (عليه السلام) : كنت واقفاً بين يدي أبي الحسن الرضا بخراسان فقال له قائل: يا سيدي إن كان كون فإلى من؟ قال: إلى أبي جعفر ابني فكأنّ القائل استصغر سن أبي جعفر، فقال أبوالحسن (عليه السلام) : إنّ اللّه تبارك وتعالى بعث عيسى بن مريم رسولاً نبيّاً صاحب شريعة مبتدأة في أصغر من السن الذي فيه أبو جعفر .
3- وقال الإمام الرضا لأحد أصحابه ويدعى معمر بن خلاد: هذا أبو جعفر قد أجلسته مجلسي، وصيّرته مكاني، إنّا أهل بيت يتوارث أصاغرنا عن أكابرنا القذة بالقذة .

 

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد