قرآنيات

معلومات الكاتب :

الاسم :
الشيخ ناصر مكارم الشيرازي
عن الكاتب :
أحد مراجع التقليد الشيعة في إيران

ما هي خزائن اللّه تعالى ؟

الشيخ ناصر مكارم الشيرازي

قال تعالى : {وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْزُونٍ (19) وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ وَمَنْ لَسْتُمْ لَهُ بِرَازِقِينَ (20) وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ} [الحجر : 19 - 21] .

نقرأ في آيات القرآن أن : للّه عزَّ وجلّ خزائن ، للّه خزائن السماوات والأرض ، بيده خزائن كل شيء.. فما هي خزائنه تعالى ؟

«الخزائن» لغةً جمع «خزانة» : وهي المكان المخصص لحفظ وتجميع المال.

وهي من مادة (خَزَنَ) على وَزْنِ (وَزَنَ) بمعنى : حفظ الشيء وحبسه.

بديهي ، أن مَنْ كانت قدرته محدودة وغير قادر على أن يهيء لنفسه كل ما يحتاج إِليه على الدوام ، يبدأ بجمع ما يملك وخزنه لوقت الحاجة إِليه مستقبلًا.

وهل يمكن تصور ذلك في شأنه سبحانه !؟ الجواب بالنفي قطعاً ..

ولهذا فسّر جمع من المفسّرين أمثال العلاّمة الطبرسي في (مجمع البيان) والفخر الرازي في (تفسيره الكبير) والراغب في (المفردات) ، فسّروا خزائن اللّه بمعنى (مقدورات اللّه) ، يعني : أنّ كل شيء جمع في خزانة قدرة اللّه ، وكل ما يخطه ضرورة أو صلاحاً لمخلوقه يخلقه بقدرته.

وقد فسّر بعض كبار المفسّرين «خزائن اللّه» بأنّها : (مجموع ما في الكون من أصوله وعناصره وأسبابه العامّة المادية ، ومجموع الشيء موجود في مجموع خزائنه لا في كل واحد منها) (1).

هذا التّفسير وإِن كان مقبولًا من الناحية الأصولية ولكنّ تعبير «عندنا» ينسجم أكثر مع التّفسير الأوّل.

وانَّ عبارة «خزائن اللّه» وما شابهها لا تصف مقام الرب وشأنه الجليل ، ولا يصح أن نعتبرها بعين معناها ، وإِنّما استعملت للتقريب ، من باب تكلم الناس بلسانهم ، ليكونوا أكثر قرباً للسمع وأشد فهماً للمعنى.

وذكر بعض المفسّرين أنّ «خزائن» تختص بالماء والمطر ، ولكن من الواضح حصر مفهوم «خزائن» بهذا المصداق المحدد تقييد بلا مقيد لإِطلاق مفهوم الآية ، وهو خال من أيِّ دليل أو قرنية.

___________________

1. تفسير الميزان ، ج12 ، ص142.

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد