مقالات

’مسجد جمكران’.. حيث اللقاء بالمعشوق

ذَٰلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ

إن للمسجد مقاماً خاصاً في الثقافة الإسلامية، فإن القيمة و الأهمية التي أولاها الإسلام للمسجد باعتباره مركزاً معنوياً و توحيدياً لم تُعط لأي مؤسسة أُخرى.
ولا تخلوا بلاد المسلمين من المساجد في شتى المدن و القرى فهو مكان معراج المسلمين و الإنقطاع التام لله جل و على.

مسجد جمكران هو أحد الأمكنة المقدسة و المنتسبة إلى صاحب العصر و الزمان عجل الله تعالى فرجه الشريف، و وتأسيسه كانت على أساس أن يكون محلاً لتجلي عناية و كرامات إمام العصر عجل الله فرجه و هو من أهم المعالم التاريخية و الدينية لمدينة قم المقدسة.

سبب البناء على ما أخبر به الشيخ العفيف الصالح حسن بن مثلة الجمكراني. يقول كان في ليلة الثلاثاء السابع عشر من شهر رمضان المبارك سنة ٣٩٣ نائماً في بيته فلما مضى منتصف الليل فإذا بجماعة من الناس على باب بيته فأيقظوه و قالوا:
- قم وأجب الإمام المهدي صاحب الزمان فإنه يدعوك-
فقام و تعبأ و تهيأ
فلما خرج رأى قوماً من الأكابر
و ذهبوا به إلى موضع المسجد الآن
فلما أمعن النظر .. رأى أريكة فرشت عليها فراشٌ حسان و عليها وسائد حسان
و شخص في عمر ابن الثلاثين متكئاً عليها و بين يديه شيخ و بيده كتاب يقرؤه عليه، وحوله أكثر من ستين رجلاً يصلّون في تلك البقعة، و على بعضهم ثياب بيض و على بعضهم الآخر ثياب خضر.

كان ذلك الشيخ هو الخضر عليه السلام
فدعى الإمام الشيخ حسن بإسمه
و أمره أن يذهب إلى حسن بن مسلم (مالك الأرض) و كانت أرضاً زراعية، و يقول له ألا رخصة له في العود فيها و عليه رد ما انتفع به من غلات هذه الأرض ليُبنى فيها مسجد
و أن الله اختارها من غير الأراضي وشرفها
و سيُعلّم موقع الأرض بعلامة كي لا يلتبس الموضوع على أحد
فقال الشيخ حسن في نفسه : كأنما هذا المسجد للإمام الحجة عجل الله تعالى فرجه الشريف مشيراً إلى الشاب الثلاثيني، فأشار إليه أن اذهب.

و أمره الشاب بشراء معزاً ذو مواصفات معينة من قطيع أبي جعفر الكاشاني و ذبحه و توزيع لحمه على الفقراء و من بهم أمراض و علل لا يُرجى شفاؤها
فإن الله يشفي جميعها

فعاد الشيخ إلى داره و لم يزل الليل متفكراً حتى أسفر الصبح
فأدى الفريضة
و ذهب مع علي بن المنذر فقصص عليه الحال و ذهب معه إلى حيث المكان الذي اخذوه اليه الليلة السابقة
فرأى العلامة التي قال له عنها الإمام
كانت سلاسل و أوتاد

بعدها ذهب إلى دار السيد الشريف أبي الحسن الرضا فلما وصل رآه متهيئاً لاستقبالها بخدامه و غلمانه
فقص أبي الحسن أنه في الليلة السابقة أيضاً رأى مناماً يحدثونه فيه عن رجل من جمكران اسمه حسن بن مثلة و أمروه بتصديق ما يقول

فقص عليه الحسن بن مثلة ما جرى، فذهب مع الحسن بن مثلة إلى جعفر الراعي و أخذوا الماعز الذي تنطبق عليه المواصفات
يقول جعفر أنه لم يرى هذا الماعز من قبل في قطيعه إلا اليوم.
و أخذوه إلى موضع البناء فذبحوه

ثم أحضروا الحسن بن مسلم و استردوا منه الغلات و جاؤوا بغلات رهق و سقفوا المسجد بالجذوع و ذهب السيد ابو الحسن الرضا رحمه الله بالسلاسل و الأوتاد و أودعها في بيته فكان يأتي المرضى و المعلولون و يمسّون أبدانهم بالسلاسل فيشفيهم الله تعالى عاجلاً و يصحون.

يقول السيد القائد دام ظله الشريف : من أعظم النعم الإلهية هي الخدمة في مسجد جمكران المقدس و على الخادمين في هذا المسجد المقدس من الأخوة و الأخوان أن يُقدروا هذه الخدمة.