مقالات

محمد رائد الإنسانية الكاملةِ

 

لم تكن تلك الشخصية عادية أو تتفق مع العادات البشرية  فهي التي استطاعت تغيير وجه الإنسانية بالكامل، بل هي التي خلقت المفهوم الصحيح للإنسانية والوجود الإنساني ككل، فرغم المعاناة و المحن والابتلاءات إلا أنها صبرت في سبيل إصلاح البشرية وإيصالها لكمالها المنشود، فيغدو جميع سكان هذا العالم أحراراً وتتجسد فيهم حقيقة الإنسانية بكل أبعادها التي تسمو بحد ذاتها عن درجة الملائكة المقربين، وتشاطر في القرب والزلفى الأنبياء والمرسلين، فؤلائك هم "ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين".
      
تلك الشخصية التي ثارت على الواقع المليء بالجاهلية والعصبية البغيضة، المكرس لمبدأ الظلم والجور، الممتشق لسيف الاسكتبار والاستعباد لكل الضعفاء، القاضي على كل الأحلام والأماني لغدٍ أفضل، هذا الواقع الذي واجهته هذه الشخصية بالأخلاق الرفيعة "وإنك لعلى خلق عظيم" والإيمان الصلب والإرادة القوية التي أصبحت أنواراً مضيئة كأنها التاج الأعظم على رأس تلك الشخصية التي استحقت بكل المعاني لقب "الإنسان الكامل".


نعم تلك الشخصية هي  شخصية الرسول الأكرم محمد -صلى الله عليه وآله-، الذي لا تزال بركاته وفيوضاته ومعارفه الإلهية تلقي بظلالها على البشرية وتنشر أشعة أنوارها على كل أقطاب العالم دون تفرقة أو تمييز.
تبقى شخصية الرسول الأكرم -صلى الله عليه وآله- فريدة من نوعها لا يمكن لكل تلك الإساءات والأصوات الناشزة من قوى الاستكبار العالمي وإعلامها المأجورة أو التكفيريين المتطرفين الذين أساؤوا بشكل كبير لتلك الشخصية وللإسلام عموماً، أن تمحي شيئا من فضائله ومناقبه التي قد تلمستها يد الإنسانية جمعاء.


إن من الجدير بنا كمسلمين ننتسب الى دين النبي الخاتم، بل حتى كبشر نسعى إلى تحقيق إنسانيتنا في هذا العالم  أن نطلع ونضطلع على سيرة أعظم إنسان وجد في الكون بكل تفاصيلها الدقيقة، والسعي إلى سبر أغوارها وكشف اللثام عن الكثير من الأسرار التي غابت عنا - أو حرمنا منها - ولا ريب أن تكون خاتمتنا الذوبان في تلك الشخصية العظيمة، فسيرته دستور حياة يتكامل الفرد مع تفاصيلها نحو الكمال المنشود والذي هو هدف لكل إنسان.