مقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
الشيخ عبد الله الجوادي الآملي
عن الكاتب :
فيلسوف، مفسر وعالم دين إسلامي و مرجع شيعي، مؤسس مؤسسة الإسراء للبحوث في في مدينة قم الإيرانية

سرّ فريضة الصّيام وغايتها

الشيخ عبد الله الجوادي الآملي

لكل عبادة ظاهر وباطن، فالأحكام الواجبة والمستحبّة تحدّد الشكل الظاهريّ لهذه العبادة أوتلك، أما الإرادة والنيّة فهما تحدّدان باطنها، وقد تكفّل القرآن الكريم بتعريفنا أسرار العبادات، فضلاً عن دعوتنا إلى التزام أدائها والتقيّد بآدابها.

قال الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾. (البقرة:183).

ومفاد هذه الآية المباركة توكيد أن الغاية من الصيام بلوغ الصائم منزلة التقوى والكرامة عند الحقّ تبارك وتعالى، لقوله سبحانه في الآية 13 من سورة الحجرات: ﴿..إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقَاكُمْ..﴾.

فليس الجوع والعطش هما المقصودان من الصّوم، وإنما الكرامة عنده عزّ وجلّ، وهي -أي الكرامة- من أجلّ صفات الملائكة: ﴿وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ * كِرَامًا كَاتِبِينَ﴾. (الانفطار: 10 -11)

فالتقوى محور الكرامة، والكريمُ هو الذي لا يقترف الذنوب والمعاصي، لا طمعاً بالجنّة أو خوفاً من النار، بل لمجافاة المعصية حقيقة الكرامة التي حباه الله تعالى بها.

ومتى صام العبد ملتزماً الآداب التي أمر بها الله، دنا، شيئاً فشيئاً، من باطن الصيام الذي يُدني منه تعالى، وقد ورد في الحديث القدسيّ: «الصومُ لي وأنا جزي به«.

وهذا التعبير خاصّ بالصيام فقط، ولم يرد في غيره من العبادات. ومن نافل القول إنه من أسرار هذه العبادة، لا من أحكامها أو آدابها.

وبالتقوى ينال الإنسان دَرجتيْن:

الأولى: الجنّة التي وُعِد المتقّون، وفيها اللذّات الظاهريّة،كما في قوله تعالى: ﴿إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ﴾.

 الثانية: مجاورة الله سبحانه وتعالى ﴿فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ﴾.

يتوجّب علينا جميعاً أن نعمل من أجل الفوز بهذه الدرجة.

فالثمار والأنهار للبدن، وأمّا لقاء الله تعالى فمن نصيب الرّوح، وهذا هو سرّ الصيام وباطنُه.

 

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد