الشيخ جعفر السبحاني
( وَالذّين اتَّخَذُوا مَسْجِداً ضِراراً وَكُفْراً وَتَفْرِيقاً بَيْنَ الْمُؤمِنينَ وإِرْصاداً لِمَنْ حَارَبَ اللهَ وَرَسُولَهُ مِنْ قَبْلُ وَلَيَحْلِفُنَّ إِنْ أَرَدْنا إلاّ الحُسْنى وَاللهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ * لا تَقُمْ فِيهِ أَبَداً لَمَسْجِدٌ أُسّسَ عَلى التَّقْوى مِنْ أَوَّلِ يَومٍ أَحقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطهَّرُوا وَاللهُ يُحِبُّ المُطَّهّرين * أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيانَهُ على تَقْوَى مِنَ اللهِ وَرِضْوانٍ خَيرٌ أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيانَهُ على شَفَا جُرُفٍ هارٍ فَانْهارَ بهِ فِي نارِ جَهَنَّمَ وَاللهُ لا يَهْدي القَومَ الظّالِمين ). (١)
تفسير الآيات
«الضرار»: هو إيجاد الضرر عن عناد.
«الإرصاد» بمعنى الإعداد.
«البنيان» مصدر بنى.
و «التقوى» خصلة من الطاعة يحترز بها عن العقوبة، والواو فيه مبدلة من الياء لأنّها من وقيت.
«شفا»: شفا البئر وغيره، جُرفَه، ويضرب به المثل في القرب من الهلاك.
«الجرف» جرف الوادي جانبه الذي يتحفر أصله بالماء، وتجرفه السيول فيبقى واهياً.
قال الراغب: يقال للمكان الذي يأكله السيل فيجرفه، أي يذهب به، جرف.
هار البناء وتهوّر: إذا سقط، نحو: انهار.
ذكر المفسرون أنّ بني عمرو بن عوف اتخذوا مسجد قباء، وبعثوا إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن يأتيهم، فأتاهم وصلى فيه، فحسدهم جماعة من المنافقين من بني غُنْم بن عوف، فقالوا: نبني مسجداً فنصلي فيه ولا نحضر جماعة محمد وكانوا اثني عشر رجلاً، وقيل خمسة عشر رجلاً، منهم: ثعلبة بن حاطب، ومعتب بن قشير، ونبتل بن الحرث، فبنوا مسجداً إلى جنب مسجد قباء، فلمّا فرغوا منه، أتوا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهو يتجهّز إلى تبوك.
فقالوا: يا رسول الله إنّا قد بنينا مسجداً لذي العلة والحاجة والليلة المطيرة والليلة الشاتية وإنّا نحبّ أن تأتينا فتصلّي فيه لنا وتدعو بالبركة.
فقال صلى الله عليه وآله وسلم: «إنّي على جناح سفر، ولو قدمنا أتيناكم إن شاء الله فصلّينا لكم فيه»، فلمّـا انصرف رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى تبوك نزلت عليه الآية في شأن المسجد.
إنّ الآية تشير إلى الفرق الشاسع بين من بنى بنياناً على أساس محكم، ومن بناه على شفا جرف، فالأوّل يبقى عبر العصور ويحتفظ بكيانه في الحوادث المدمرة، بخلاف الثاني فإنّه سوف ينهار لا محالة بأدنى ضربة.
فالمؤمن هو الذي يعقد إيمانه على قاعدة محكمة وهو الحقّ الذي هو تقوى الله ورضوانه، بخلاف المنافق فإنّه يبني إيمانه على أضعف القواعد وأرخاها وأقلّها بناءً وهو الباطل، فإيمان المؤمن ودينه من مصاديق قوله: (أَفَمَنْ أسَّس بُنيانه على تقوى من الله ورضوان) ولكن دين المنافق كمن (أسّس بنيانه على شفا جرف هار) فلا محالة ينهار به في نار جهنم.
ـــــــــــــــ
١ ـ التوبة : ١٠٧ ـ ١٠٩.
عدنان الحاجي
الشيخ جعفر السبحاني
الشيخ محمد مصباح يزدي
الشيخ محمد صنقور
حيدر حب الله
الشيخ فوزي آل سيف
الشيخ علي رضا بناهيان
الشيخ محمد مهدي شمس الدين
السيد محمد حسين الطهراني
السيد عباس نور الدين
أحمد الرويعي
حسين حسن آل جامع
أحمد الماجد
فريد عبد الله النمر
علي النمر
حبيب المعاتيق
زهراء الشوكان
الشيخ علي الجشي
عبدالله طاهر المعيبد
شفيق معتوق العبادي
نشاط الدّماغ حين نحاول قراءة ما يفكّر به الآخرون
حقوق أهل البيت (عليهم السلام) في القرآن الكريم (2)
هدهدة الأمّ في أذن الزّلزال
ليلة وحشة زينب (ع)
حقوق أهل البيت (عليهم السلام) في القرآن الكريم (1)
ما جدوى إقامة الشعائر الحسينيّة؟
صريع الدمعة الساكبة
تاريخ المأتم الحسيني في القرون الهجريّة الأولى (3)
لن يجد العالم أنقى من راية الحسين (ع)
مفتاح شخصيّة الحسين بن عليّ (ع)