إنّ صفة (الرحمن) تشیر إلى الرحمة الإلهیّة العامّة، وهي تشمل الأولیاء والأعداء، والمؤمنین والکافرین، والمحسنین والمسیئین، فرحمته تعمّ المخلوقات. وصفة (الرحیم) إشارة إلى رحمته الخاصّة بعباده الصالحین المطیعین، قد استحقوها بإیمانهم وعملهم الصالح، وحُرِمَ منها المنحرفون والمجرمون.
المشهور بین جماعة من المفسّرین أنّ صفة (الرحمن) تشیر إلى الرحمة الإلهیّة العامّة، وهی تشمل الأولیاء والأعداء، والمؤمنین والکافرین، والمحسنین والمسیئین، فرحمته تعمّ المخلوقات، وخوان فضله ممدود أمام جمیع الموجودات، وکلّ العباد یتمتعون بموهبة الحیاة، وینالون حظهم من مائدة نعمه اللامتناهیة، وهذه هي رحمته العامّة الشاملة لعالم الوجود کافة وما تسبّح فیه من کائنات.
وصفة (الرحیم) إشارة إلى رحمته الخاصّة بعباده الصالحین المطیعین، قد استحقوها بإیمانهم وعملهم الصالح، وحُرِمَ منها المنحرفون والمجرمون.
الأمر الذی یشیر إلى هذا المعنى أنّ صفة (الرحمن) ذکرت بصورة مطلقة فی القرآن الکریم ممّا یدل على عمومیتها، لکنّ صفة (الرحیم) ذکرت أحیاناً مقیّدة، لدلالتها الخاصّة، کقوله تعالى:﴿ ... وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا ﴾ (1) وأحیاناً أخرى مطلقة.
وفي روایة عن الإمام جعفر بن محمّد الصادق (علیه السلام) قَالَ: «وَالله إلهُ کُلِّ شَیْء الرَّحْمنُ بِجَمِیعِ خَلْقِهِ، الرَّحِیمُ بِالْمُؤْمِنینَ خَاصَّةً» (2).
من جهة أخرى، کلمة (الرحمن) اعتبروها صیغة مبالغة، ولذلك کانت دلیلًا آخر على عمومیة رحمته. واعتبروا (الرحیم) صفة مشبّهة تدلّ على الدوام والثبات، وهي خاصّة بالمؤمنین.
وثمّة دلیل آخر، هو إنّ (الرحمن) من الأسماء الخاصّة بالله، ولا تستعمل لغیره، بینما (الرحیم) صفة تنسب لله ولعباده. فالقرآن وصف بها الرّسول الکریم، حیث قال:﴿ ... عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ ﴾ (3).
وإلى هذا المعنى أشار الإمام الصادق (علیه السلام)، فیما روی عنه: «اَلرَّحْمنُ إسْمٌ خَاصٌّ بصِفَة عَامَّة، وَالرَّحیمُ عَامٌّ بِصِفَة خَاصَّة» (4).
ومع کل هذا، نجد کلمة (الرّحیم) تستعمل أحیاناً کوصف عام، وهذا یعني أنّ التمییز المذکور بین الکلمتین إنّما هو في جذور کل منهما، ولا یخلو من استثناء.
في دعاء عرفة ـ المنقول عن الحسین بن علي (علیهما السلام) ـ وردت عبارة: «یَا رَحْمنَ الدُّنْیِا وَالاْخِرَةِ وَرَحِیمَهُمَا» (5).
نختتم هذا الموضوع بحدیث عمیق المعنى، عن رَسُولِ اللهِ (صلى الله علیه وآله) قَالَ: «إنَّ للهِ عَزَّ وَجَلّ مائَةَ رَحْمَة، وَإنَّهُ أَنْزَلَ مِنْهَا واحِدَةً إلَى الأَرْضِ، فَقَسَّمَهَا بَیْنَ خَلْقِهِ، بِهَا یَتَعَاطَفُونَ وَیَتَرَاحَمُونَ، وَأَخَّرَ تِسْعاً وَتِسْعِینَ لِنَفْسِهِ یَرْحَمُ بِهَا عِبَادَهُ یَوْمَ الْقِیَامَةِ» (6).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1. القرآن الكريم: سورة الأحزاب (33)، الآية: 43، الصفحة: 423.
2. توحید الصدوق، ومعانی الأخبار، نقلاً عن تفسیر المیزان; وأصول الکافي، ج 1، ص 114.
3. القرآن الكريم: سورة التوبة (9)، الآية: 128، الصفحة: 207.
4. تفسیر مجمع البیان، ج 1، ص 21; ومصباح الکفعمي، ص 317.
5. أصول الکافي، ج 2، ص 557، ح 6; ووسائل الشیعة، ج 8، ص 41، ح 10057.
6. تفسیر مجمع البیان، ج 1، ص 21; وتفسیر الصافي، ج 1، ص 82.
الشيخ محمد صنقور
السيد محمد حسين الطهراني
عدنان الحاجي
الشيخ محمد مهدي شمس الدين
السيد عباس نور الدين
السيد عبد الأعلى السبزواري
حيدر حب الله
الشيخ فوزي آل سيف
الشيخ محمد جواد مغنية
الشيخ جعفر السبحاني
أحمد الرويعي
علي النمر
حسين حسن آل جامع
حبيب المعاتيق
زهراء الشوكان
الشيخ علي الجشي
عبدالله طاهر المعيبد
شفيق معتوق العبادي
جاسم بن محمد بن عساكر
رائد أنيس الجشي
هل كان القاسمُ بنُ الحسن (ع) صبيًّا لم يبلغ الحلم؟
عريس كربلاء
خذني
القاسم بن الحسن: الـمخضّب بالدّماء
أيّام عاشوراء والتّكامل المعنوي
الرّضّع يوائمون أساليب تعلّمهم بحسب المواقف والظروف
هل كان للعباس (ع) أولاد في كربلاء؟
العباس (ع): نافذ البصيرة
ترشيد الحضارة البشرية ودور مدرسة أهل البيت (ع)، محاضرة للدكتور الخليفة في مأتم بقية الله
محاضرة بعنوان (أريد حلًّا) خلال أيّام عاشوراء للشّيخ صالح آل إبراهيم