مقالات

بضعة الإمامة والولاية

السيدة المعصومة في خطاب الإمام الخامنئي

إنّ إحدى الخصوصيات المهمّة لمدينة قمّ العزيزة، هي أنّها بُنيت حول مرقدٍ شريف لإحدى النساء المنتجَبات من آل البيت عليهم السلام، وهي السيّدة فاطمة المعصومة عليها السّلام، ولو أنّ ماضي هذه المدينة يرجع إلى أبعد من ذلك، إلاّ أنّ هذه المدينة عُرفت، طوال الاثني عشر قرنًا الماضية، بالمدينة المحتضِنة لمرقد بنت موسى بن جعفر عليهما السلام، وهذه ميزة مهمّة.

(رجب 1416، خطاب في أهالي مدينة قمّ)

لا شكّ في أنّ دور السيّدة المعصومة عليها السلام، في جعْل قمّ ما هي عليه، وإضفاء العظمة على هذه المدينة الدينية التاريخية العريقة، هو دورٌ لا كلام فيه. فهذه السّيّدة الجليلة، وهذه الفتاة التي ترعرعت في حضن أهل بيت النّبيّ، بحركتها بين الأتباع والأصحاب والمحبّين للأئمّة عليهم السلام، ومسيرها بين المدن المختلفة، ونثْر بذور المعرفة والولاية بين النّاس على امتداد هذا المسير، وبعد وصولها إلى هذه المنطقة ونزولها في قمّ، تمكّنت من جعل هذه المدينة تسطع كمركزٍ أساس لمعارف أهل البيت عليهم السلام في ذلك العصر المظلم والحالك لحكومة المتجبّرين، وتتحوّل إلى قاعدة تشعّ منها أنوار العلم وأنوار معارف أهل البيت على أطراف العالم الإسلاميّ، بشرقه وغربه.

(ذو القعدة 1431، لقاء مع أساتذة وطلاب الحوزة العلمية في قم)

عبادة الإمام الخميني في مقام المعصومة عليها السلام

لقد كان إمامنا العظيم -كما سمعت من كبارنا- يتعبّد منذ شبابه في حرم السيدة المعصومة. وقد نقل لنا المرحوم الميرزا جواد الطّهراني في «مشهد» قبل الثورة بعدّة سنوات، فقال: «ذهبتُ إلى قم للدراسة في الحوزة، وكنت في كلّ يوم أذهب فيه إلى الحرَم أرى وجهًا نورانيًّا، ورجلاً وقورًا، وشابًّا نورانيًّا، وسيّدًا نورانيًّا، وقد غرق في العبادة، فانجذبت إلى نورانيّته وتعبّده، وسألت عنه، فقالوا إنه الحاج السيد روح الله الخميني».

وكان هذا في ذلك الزّمان عندما لم يكن إمامنا العظيم -هذه الشّخصيّة البارزة- قد بلغ الثّلاثين من عمره. نعم، فهذه هي نتائج تلك العبادات والتوجّهات والارتباط والاتّصال بمعدن نور الغَيب الإلهيّ والأولياء الإلهيّين. فاغتنِموا هذه الإشراقات في قلوبكم الشابّة وقدّروها حقّ قدرها.

(رجب 1421، محاضرة في المدرسة الفيضية)

                       

«...وإنّ لنا حرمًا وهو بلدة قم»

مقام السيدة فاطمة المعصومة عليها السلام

رُوي عن الإمام أبي عبد الله الصّادق عليه السلام، أنّه قال: «إنّ لله حرَمًا وهو مكّة، وإنّ لرسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم حرَمًا وهو المدينة، وإنّ لأمير المؤمنين عليه السلام حرَمًاً وهو الكوفة، وإنّ لنا حرَمًا وهو بلدة قمّ، وستُدفن فيها امرأةٌ من أولادي تُسمّى فاطمة، فمَن زارها وجبتْ له الجنّة».

(البروجردي، جامع أحاديث الشيعة: 12/282)

يقع حرم السيدة فاطمة المعصومة عليها السّلام في قلب المدينة المقدّسة قمّ، على مساحة واسعة من الأرض تقدّر بنحو 1.4 كلم2، وتحيط به معاهد العلم وأماكن العبادة، فيتّصل به من جهة الشمال مسجدان:

أحدهما: يعرف بمسجد «بالا سر» أي «فوق الرأس»، أي أنّه متاخم لناحية شاهد الضّريح المبارك.

والآخر: هو المسجد الكبير المعروف بـ«المسجد الأعظم»، الذي تميّز منذ تأسيسه عام 1373 هجرية بأمر المرجع الديني الكبير السيد البروجرديّ قدّس سرّه، وتحت إشرافه، إلى يومنا هذا -إضافة إلى إقامة الجماعات فيه- بأنّه معهد للّدراسات الدّينيّة العليا، وملتقى آلاف الطلاب من مختلف أنحاء العالم، حيث يتلقّون العلم في الأصول والفقه والتّفسير والحديث والرّجال. ويعدّ اليوم أكبر مجمع علميّ يضمّ أكبر عدد من الطّلّاب.

وأمّا من جهة الشّرق، فتتّصل به مدرستان كبيرتان: «الفيضيّة»، و«دار الشّفاء»، تشتملان على عدد كبير من الغرف يسكن الطّلّابُ بعضها، ويدرسون في بعضها الآخر.

مصلّى السيّدة المعصومة

ما يزال المحراب الذي كانت السيّدة فاطمة تصلّي فيه في «دار موسى بن خزرج» ماثلاً إلى الآن، يقصده النّاس لزيارته والصّلاة فيه. وشُيّدت إلى جانبه مدرسة لطلبة العلوم الدّينيّة تُعرف بـ«المدرسة السّتّيّة». يقع المحراب في الشّارع المجاور للصّحن الشريف، ويُعرف بشارع «چَهار مَرْدان»..

بيت النور

هو البناء الذي أقيم في المحلّ الذي أقامت فيه السّيدة فاطمة المعصومة عليها السلام عند نزولها في قم، وهو عبارة عن حجرة في بيت الـمُوالي «موسى بن خزرج الأشعريّ»، ويقع «بيت النّور» داخل «المدرسة الستّية» آنفة الذكر.

 

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد