مقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
غنيمة حبيب
عن الكاتب :
رئيسة فريق دعم أهالي المدمنين ورئيسة مجلس إدارة الرابطة الوطنية للأمن الأسري في الكويت

الآخر


غنيمة حبيب ..

ماذا لو كنت أنت الآخر؟ هذا الغريب الذي لا ترى من ملامحه سوى العداء ورغبته في القضاء عليك، أو ترى مصالحك لا تتوافق مع مصالحه، هل هذه الرؤية حقيقة؟ أم إحساس نما في داخلك وتفاقم مع الظروف والأحداث، ماذا لو اكتشفت بأن الآخر يجدك غريبًا ويخشاك كما تفعل أنت؟
هذا الآخر ليس الآخر، إنه صورة عنك، لكنه تعايش مع ظروف مختلفة عن تلك التي مرت بك فبدا لك مختلفًا وغريبًا، قال تعالى:{يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} (الحجرات:13)، ولعلنا نجد بهذه الآية الشيء الكثير، فالله سبحانه وتعالى بين للناس كافة وليس للمؤمنين فقط أن من أسباب الخلق التكاثر والتعارف، والخطاب للناس هنا مهم جدًّا، لأنه يوضح العلاقة بين المسلمين وغيرهم من الشعوب، كما أن التعارف لا يتوقف عند المعنى المعجمي للمفردة إنما هو التعامل بالحسنى.
وقد انتزع بعض المفسرين (الطبري) وغيره كلمة "شعوبا وقبائل" واختزلها في القبائل العربية دون غيرها ناسيًا أو غير منتبه للمعنى العام الواضح في صيغة المخاطب في الآية الكريمة (الناس) قائلا: "إذا قيل للرجل من العرب: من أيّ شعب أنت؟ قال: أنا من مضر، أو من ربيعة"، وهذا التفسير فيه الكثير من الإجحاف.
وأنا لا أنكر على البعض الحق في الانتماء والعصبية للقبيلة أو الوطن أو غيرها، بل هو أمر محمود، لكني هنا أود أن يدرك البعض بأن العصبية والانتماء لا ينبغي أن تجعلنا نلغي الآخرين، فهي تخرج هنا من إطار العصبية إلى إطار التعصب والتطرف، قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:"خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي"، فالانتماء للأهل والأقارب من الدين، لكن الضغينة وكره الأخر وتمني الشر له ليس من الدين في شيء.
علينا أن نعلم أبناءنا ما يرد في كتاب الله تعالى من إرشادات في التعامل بين الناس، فالدين معاملة، والمعاملة تتطلب الأخلاق الحميدة، فالله سبحانه ما أراد لنا أن نكون متطرفين أو مغالين في تعاملنا مع الشعوب الأخرى، لأننا نعكس صورة الإسلام المعتدل لدى تلك الشعوب ونجعلهم ينظرون إلينا بالكثير من الاحترام.
وفي مقابل ذلك لا ينبغي علينا التفريط بأي حق لنا، فاحترام الآخر لا يكون بالتنازل عن الحقوق وإيثاره علينا، احفظ له حقه ودافع عن حقك، إنها قمة الاعتدال التي أرادها لنا الله سبحانه بأن تكون طريقتنا في المعاملة من دون السماح للآخرين بالنيل من حقوقنا.

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد