ترجمة عدنان احمد الحاجي
يوضح المقال لماذا النصيحة السائدة "لا تنم على غضب أبدًا" قد تكون ضارة بالعلاقات الزوجية. لكنّ دراسة تقترح على الزوجين أن يؤخرا جدالهما حول خلافاتهما إلى وقت آخر. وبعد أن يرتاحا ويستعيدا هدوءهما ويصفو ذهنهما ويستطيعا الإنصات إلى بعضهما، يتمكنان من إعادة النظر في المشكلة القائمة بينهما، وإدارة الحوار بهدوء، حتى يفهم كل منهما وجهة نظر شريك حياته، ويحس بمشاعره. فمن شأن ذلك أن ينتهي بحل الخلاف القائم بينهما.
فلو تجادل الزوجان في وقت متأخر من الليل وهما تعِبان ومشحونان انفعاليًّا، أو يفتقران إلى الصفاء الذهني، فقد تأتي بنتائج عكسية، حيث قد تتفاقم الخلافات وتتعقد المشكلات بينهما. حينها، من المتوقع أن يكون كل منهما اتقائيًّا، يدافع عن رأيه ويبرر تصرفاته ويصبح همه إثبات وجهة نظره، وقد يفقد صبره.
قد يعتقد الزوجان أن عليهما حلّ المشكلة القائمة بينهما قبل الخلود إلى النوم - لأن هذا ما يدور بين الناس عادةً - ولكن ربما ليست هذه هي الفكرة المثلى في حل المشكلات بين الزوجين. إذ قد تزيد محاولة حل الخلافات، والزوجان غاضبان أو مُنهكان، الأمور سوءًا، وإن الانتظار حتى يهدأ كل منهما ويرتاح غالبًا ما يكون أفضل.
رغم أن الاعتقاد السائد: (عدم نوم الزوجين على غضب٠ محاولة حل خلافاتهما على الوسادة قبل النوم)، إلا أن الكثير من خبراء العلاقات الزوجية يقولون إن الالتزام بهذه القاعدة له نتائج عكسية، بل قد يكون ضرره أكثر من نفعه بالنسبة لاستمرار العلاقة بين الزوجين وصفائها.
"هذه القاعدة خاطئة تمامًا. لو طبقت هذه القاعدة فهي تؤكد أن الزوجين سيستمران في الشجار وهما تعبان، وهذا من شأنه أن يُفاقم الخلافات في العادة". حسبما قالت سامانثا وايتن Samantha Whiten، أخصائية علم النفس السريري في ماريلاند. بدلاً من ذلك، يمكن للأزواج تبني عادة أخذ قسط من الراحة (قسط من النوم) يساعدهما على تعزيز علاقتهما في الأمد الطويل. النقاش بعد الراحة وضبط الانفعالات يضمنان حل الخلاف بين الزوجين.
لا أحد يريد أن ينام غاضبًا ويترك المشكلات معلقة
قالت وايتن: "من المفهوم أن يرغب الزوجان في مناقشة مشكلاتهما قبل أن يتركاها تتفاقم، لكن من غير الواقعي توقع أن تُحل الخلافات بسرعة وبمودة وحنان قبل أن يناما".
فكرة إنهاء كل خلاف بسلام قبل النوم فكرة مثالية، لكنها غير واقعية - وهذا شيء يحدث في الحكايات الخرافية، لا في الحياة الواقعية. تنسب بعض المصادر أصل العبارة إلى رسالة أفسس (1) في العهد الجديد. تختلف الترجمات، لكنها تشبه إلى حد ما: "اغضب، لكن لا تُذنب؛ لا تغرب الشمس على غضبك". أي "لا تستمر في غضبك وإلا تحول إلى خطيئة". وبعد زمن حوّل الناس هذه العبارة إلى نصيحة بسيطة "لا تنم على غضب أبدًا" وإن كان المعنى الأصلي ربما يرتكز على عدم السماح للغضب بأن يُسيطر على الشخص، وليس بالضرورة حل جميع الخلافات قبل النوم. حيث إن العلاقات الزوجية الصحية تحتاج إلى صبر وراحة وواقعية - لا مثالية.
المشكلة هي أنه لا ينبغي للزوجين الشجار عندما يكونا "مضطربين عاطفيًّا (متوترين) (2)"، كما قالت وايتن. وأشارت إلى عبارة "HALT" وهي عبارة شائعة في العلاج النفسي لتذكير الزوجين بضرورة تجنب النقاشات الجادة في حال الشعور بالجوع، أو الغضب، أو الوحدة (الشعور بالحزن)، أو التعب [HALT هي مجموع أول حرف من حروف الكلمات التالية hungry، angry، lonely، tired]. كما يتناول الكثير منهم بعض المنبهات ليلًا، وهذه الحالات من شأنها أن تجعل الزوجين أكثر انفعالية وأقل قدرة على التواصل الهادئ والعقلاني، وهذا لا يساعد على خلق بيئة هادئة. وأضافت: "وبذلك قد يقولان أو يفعلان أشياء باندفاعية، الشيء الذي قد يندمان عليه لاحقًا". لذلك عليهما أن يتوقفا عن الجدال حتى يهدأ كل منهما.
ما هي الخيارات الأخرى المتوفرة للزوجين؟
مناقشة المشكلات في الفترة المسائية قد تبدو أنسب للطرفين، ذلك لأن غالبًا ما يكون كلاهما متواجدين معًا في البيت، كما تقول سابرينا رومانوف Sabrina Romanoff، أخصائية علم النفس السريري في مدينة نيويورك. إلا أنها عادةً لا تكون الفترة الأمثل. بدلًا من الخوض في نقاش جاد والزوجان تِعبان أو متوتران، عليهما أن يعترفا ببساطة بوجود مشكلة ويتفقا على العودة إليها ومناقشتها والنظر فيها في موعد لاحق يحددانه، كما قالت سابرينا. قد يكون ذلك على وجبة غداء أو في وقت الشاي أو القهوة في اليوم التالي، أو في أي وقت لا يكون أحد الزوجين مستعجلًا للخروج من البيت. المهم هو أن يتابعا المناقشات ويتوصلا إلى حل.
القدرة على إيقاف النقاش أو الجدال مؤقتًا والثقة بأن شريكَي الحياة سيفيان بوعدهما ويعودان إلى مناقشة المشكلة لاحقًا ليس بالأمر السهل - فهي، في هذه الحالة، تدل على النضج العاطفي ومهارة التواصل وثقة كل منهما في الآخر وإدارة الخلاف بينهما بهدوء ومسؤولية.
وتحثّ سابرينا الزوجين أن يحدّدا وقتًا معينًا للعودة إلى مناقشة المشكلة ويلتزما بالموعد وأن يفهم كل منهما وجهة نظر الآخر ويحترم حاجة كل منهما إلى الوقت والمساحة للتفكير، خاصة في حالة مناقشة مشكلة صعبة. كما لا ينبغي لأحد الطرفين أن يُفسّر هذه الحاجة على أنها رفض، بل هي مجرد وسيلة لضمان استمرار النقاش في وقت تكون الحالة النفسية لكل منهما أفضل.
المهم أن لا يتجنبا المشكلة ويغفلاها، بل عليهما أن يؤجلاها حتى تهدأ الأمور، ويكونا مستعدين للتعامل معها بتفهم وحكمة في جو تسود فيه الثقة المتبادلة.
ما الفرق بين تأجيل مؤقت لنقاش المشكلة وتجنب النقاش فيها؟
قالت وايتن إن الكثير من الأزواج الذين يراجعونها في عيادتها يشتكون أن أحد الزوجين، على الأقل، لا يتمكن من النوم حتى يحلّ خلافه مع شريك حياته. غالبًا ما تكون هذه الظاهرة علامة على القلق والشعور بالتوتر أو الخوف من حدوث أمر سيء إذا لم تُحل المشكلة في وقتها. كما أن البعض لا يتحمّل الصبر بدون معرفة كيف ستسير الأمور لو تُركت المشكلة بدون حل.
وأضافت: "يحتاج كل زوج إلى أن يعرف كيف ينظم انفعالاته وتصرفاته ويقنع نفسه بأن كل شيء قابل للحل. كما أن القدرة على تهدئة كل منهما نفسه هي المفتاح الفعلي لحل المشكلات بينهما". وهذا التصرف يعد جانبًا أساسيًّا من الحفاظ على الشعور بالسلام الشخصي واستقرار العلاقة الزوجية.
كما أن تجنب الخوض في المشكلة ليس هو الأفضل. فالتجنّب عادة ما يترك المشكلات دون حل، وغالبًا ما يؤدي إلى استياء الطرفين أو قد ينتهي بالانفصال أو التوتر المستمر.
قد يحتاج الكثير من الأزواج إلى وقت لاستيعاب الخلاف ومعالجته، لكن كل طرف منهما ملزم بالعودة لاحقًا إلى الطرف الآخر لمناقشة الموضوع والتوصل إلى حل للخلاف القائم بينهما.
وأضافت وايتن أن الهدف هو أن يشعر كلا الطرفين بالأمان النفسي الكافي للاعتراف بوجود خلاف بينهما، ويتذكرا أن بقاء علاقتهما أهم من حدوث خلاف في حياتهما، ويتّفقا على مناقشته لاحقًا. "حين يعرف الزوجان كيف يحلان مشكلاتهما، فهذا من شأنه أن يحدث نقلة نوعية وتحولية في حياتهما".
أوقفا الخلافات قبل نشوبها
تؤكد الدكتورة رومانوف على منع الخلافات قبل نشوبها من خلال تبني عادات تواصل متسقة وهادئة. يساعد التواصل المنتظم - حتى الأسئلة البسيطة مثل سؤال أحد الزوجين الآخر "كيف جرى يومك؟" - على بناء أساس من الأمان العاطفي والسلام الشخصي. هذا النوع من الدعم العاطفي يسمح للزوجين بالحديث عن مشكلات أكثر جدية حال ظهورها دون الحاجة إلى أن يصبحا اتقائيين، يبرر كل منهما أفعاله وتصرفاته إلى لآخر، أو ينقلبا عدائيين تجاه بعضهما.
اقترحت رومانوف أن يتواصل الزوجان بانتظام. لا ينبغي لهما مناقشة أسوأ مشكلات حياتهما في لحظة ما، بل عليهما أن يعتادا على مبادرات تواصل بسيطة.
وقالت إن مجرد تعوّد أحد الزوجين سؤال كل منهما الآخر عن كيف سار يومه، من شأنه أن يُرسخ نوعًا من الأمان العاطفي، ويهيئ مساحةً لاستيعاب المشكلات وحلها.
وعندما تكون هناك مشكلة، استخدم عبارات تبدأ بـ "أنا" بدلًا من "أنت" [على سبيل المثال، "أشعر بالقلق حين..." بدلاً من "أنت لا تفعل..."]، وكن واضحًا بشأن ما يتعلق باحتياجاتك، وحاول وضع خطة لمساعدة الطرف الآخر للوفاء بالتزاماته. وأخيرًا، تؤكد رومانوف على أهمية التوقيت - فاختيار اللحظة المناسبة لطرح المواضيع الحساسة غالبًا ما يُحدث فرقًا بين مناقشة بناءة وبين جدال عقيم.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- http://https://ar.wikipedia.org/wiki/الرسالة_إلى_أهل_أفسس
2- "الاضطراب العاطفيين ينطوي على نوبات غضب أو تصرفات سلوكية غير لائقة، مثل رمي الأشياء أو كسرها، كما قد تنطوي على حالات عنف قد نستهدف النفس أو الآخرين والتي قد تندلع في غضون ثوانٍ أو أكثر. ومن نتائجه السلبية قد تؤثر سلباً على العلاقات الأسرية". مقتبس ببعض التصرف من نص ورد على هذا العنوان: https://ar.wikipedia.org/wiki/اضطراب_عاطفي
المصدر الرئيس
https://medicalxpress.com/news/2025-10-couples-bed-angry-rethink.html
السيد جعفر مرتضى
السيد علي عباس الموسوي
الشيخ محمد علي التسخيري
الدكتور محمد حسين علي الصغير
السيد عباس نور الدين
عدنان الحاجي
الشيخ حسن المصطفوي
الشيخ محمد جواد مغنية
الشيخ عبد الله الجوادي الآملي
أثير السادة
حسين حسن آل جامع
حبيب المعاتيق
فريد عبد الله النمر
عبدالله طاهر المعيبد
ناجي حرابة
أحمد الرويعي
حسين آل سهوان
أسمهان آل تراب
أحمد الماجد
علي النمر
بماذا كان يدين النّبيّ (ص) قبل البعثة؟
حياتنـا كما يرسمها الدين
اتجاهات التفسير في المكي والمدني
الألفاظ الدالة على الأصوات في القرآن الكريم
هل أنا زائد عن الحاجة؟
كيف تنمو دوافع الخير والكمال في أبنائنا؟
ضرر قاعدة مناقشة الخلافات الزوجية والطرفان غاضبان أكثر من نفعها!
(اكتب خطّة حياتك خطوة بخطوة) باكورة أعمال الدّكتورة إيمان المعلّم
معنى (جنب) في القرآن الكريم
الحسد والحاسدون