هل يصحُّ لنا القول: إن للأخلاق سلطة؟
قبل أن أشرع في الكلام حول المقصود من السؤال أرى لزامًا عليَّ توضيح المقصود من الأخلاق. فقد يقصد بها تلك الملكات النفسانية التي عرفها فلاسفة الأخلاق بالهيئة الراسخة عند النفس ليخرجوا بكلمة هيئة راسخة أحوال النفس العابرة. فالكرم أو الدهاء أو الصدف والكذب هي عناوين لأمور أخلاقية تحمل قابلية الحياة إذا ما دخلت عمق الوجدان الإنساني، وبعض هذا الدخول يكون عابرًا لا تأثير له في المسلك المعنوي والعملي للإنسان وهو ما يسمى بالحال أانه سريع الزوال.
أما حينما يصبح من خصائص الفرد الإنساني بعينه بحيث تقول فلان شجاع، وفلان صادق وهكذا… فإن هذا ما يطلق عليه اسم الملكة النفسانية أو الهيئة الراسخة عند النفس. وهو ما كنت أعني أنه يحمل قابلية الحياة، بل إنه يصبح في مرحلة من المرحل هو الحياة بعينها.. من هنا فإني وإن كنت أستسيغ الاستفادة ممن قالوا في تعريف الخلق والأخلاق بالهيئة الراسخة أو الملكات. إلا أني أود أن استكمل المقصود منها مما تحمل في ذاتها قابلية الحياة حتى إذا ما ثبتت في ذات الإنسان كانت هي رمز حياته الفعلية.
عليه فإن الأخلاق التي أعنيها تحمل من المرونة ما يسمح لها أن تتداخل مع الرؤى الفكرية والعقائدية، بل وبعض المنظومات الفكرية فإن الرؤية أو العقيدة أو الفلسفة إذا كانت مجرد أمر ذهني نستحفظه في وعاء الذهن والذاكرة وهو خارج عمق الوجدان النفسي فإنه لا حياة فيه، بل لا تتوفر فيه قابلية الحياة التي يستمدها من أنفاس القلب والروح والوجدان، أما إن كان مروره على تلك النطقة من النفس مرورًا سريعًا وعابرًا، فإنه المسمى بـ “الحال” وهو ما يسبب الشك والاضطراب والقلق.
لكن برغم ذلك هو يمتاز بقابلية الحياة. ولتتثبت الحياة فيه ينبغي أن يحاكم ويتحاكم في منطقة الشغب الذهني بمستوياته الثلاث: الوهم، والخيال، والعقل- بالمعنى الفني لكلمة العقل… كما عليه أن يدخل مغامرة الوجدان والقلب… فإذا تكرر الأمر عنده واستطاع التدرّع بروح نقدية فعّالة، ولج عالم الروح بنحو من الأمان، حينها يحصل على الراحة والطمأينية وهو عالم وإن كان يشي بشيء من السكينة، لكنه يدخلنا إلى افق أبعد بكثير من ذاك الباحث والشاك.. لأن وظيفة هذا العالم (الروح) هو الحيرة اللطيفة في نفوذ حقائق الأشياء ومعاينتها، لا الإشارة لهما من بعيد. فإذا ما نفذ وعاين قام بالذوات، بل قامت الذوات به على نحو التجدد في السيرورة الخلاقة. وعندما نقول الذات فهي تعني كل ما في الإنسان من وظائف الفكر، والعاطفة، والمسلك. إنها تعني أنك أنت صرت على نحو من “أنت” جديدة. ولهذا لها تعابيرها المختلفة.
ولا يظننّ أحد أني أقصد هنا ما قاله أهل التصوف عن الروح بمعناها المجرد أو تلك المنتسبة لعالم الأمر أبدًا، بل ما أعنيه بالروح هنا “النفس” بما هي حقيقة مجردة تتواصل عبر أفاعيلها بعالم المادة.
وهي الروح التي قد يستكين لها أهل الفضائل الأخلاقية الخيرة. فيطمئنون وتصبح دنياهم وأنفسهم معراج عودة إلى مصدرها وباريها.
(الرب)=(الإله) كما أن هذه النفس قد يستكين لهاأاهل الأخلاق التي أظلمت على قلوب أهلها حتى طبعتهم بطابعها فما عادوا يرتاحون إلا لها فتتحول أنفسهم إلى (إله) = (الهوى)، وهو حتمًا ما سينعكس في مفردات الحياة الاجتماعية ومسير الحياة السياسية والحضارية عند الأمم والشعوب.
وعيله فإننا نذكر هنا باستعارات استفادها السيد محمد باقر الصدر من الماركسية في مصطلحي “البنى الفوقية” و “البنى التحتية” حينما وظف هذه الاستعارات بالقول إن البنية التحتية لكل نظام بشري إنما هو رهن التغير الحاصل عند النفس، فمنها نمتلك البنى الفوقية من أنظمة السياسة والاقتصاد والاجتماع. وبهذا المعنى أريد أن أطلق تأملًا في وظيفة الأخلاق ببناء السلطة مضمونًا وشكلًا.. لأننا أمام إشكالية حقيقية، هل يمكن للإنسان بالعاقلة عنده أن يبني سلطة ما من دون أخلاق أم أن السلطات هي البانية لحقيقة الأخلاق؟
الشيخ ناصر مكارم الشيرازي
الفيض الكاشاني
الشيخ محمد مصباح يزدي
الشيخ شفيق جرادي
محمود حيدر
عدنان الحاجي
الشيخ مرتضى الباشا
الشيخ محمد مهدي الآصفي
السيد عباس نور الدين
السيد عادل العلوي
عبدالله طاهر المعيبد
حبيب المعاتيق
حسين حسن آل جامع
شفيق معتوق العبادي
جاسم بن محمد بن عساكر
رائد أنيس الجشي
ناجي حرابة
الشيخ علي الجشي
السيد رضا الهندي
عبد الوهّاب أبو زيد
معطيات السخاء
صلاة الخوف
مصلحة الفرد والمجتمع
عالم المثال في الفلسفة الإسلامية: ابن سينا، والسهروردي، والشهرزوري وآخرون
حاكميّة الأخلاق
سرّ العلمانية وسحرها (1)
في رحاب سورة العصر (4)
نحن نصدر ضوءًا مرئيًّا يختفي عندما نموت!
كيف تتعامل مع جيرانك؟
(الصفوة الخَيِّرة من رجال الأئمة الأطهار) جديد الشّيخ عبدالله اليوسف