سياحة ثقافية

السّحور ومراقبة طلوع الفجر


كان المسلمون في مكّة المكرّمة يراقبون طلوع الفجر في جبل أبي قبيس، وحول ذلك أورد البكري (ت: 487 للهجرة) في (المسالك والممالك): «.. وكان النّاس يقومون في أعلى المسجد... وعلى جبل أبي قُبَيس رتبة ترقّب طلوعِ الفجر للمُتسحّرين، فإذا بانَ لهم نادوا: أمسِكوا أمسِكوا، رحمكم الله».

ومع ازدياد الدّور في مكّة المكرّمة واتّساع أنحائها، لم يعد الأذان يصل إلى كلّ المسامع، لذا استُعين بضوء القناديل للإخبار عن وقت السّحور وطلوع الفجر، مع عدم إلغاء الأذان، وحول هذا قال ابن بطوطة في رحلته:
«وإذا كان وقت السّحور، يتولّى المؤذّن الزّمزميّ التسحير في الصَّوْمَعة التي بالركن الشرقيّ من الحَرم، فيقوم داعياً ومذكّراً ومحرّضاً على السحور، وهكذا يفعلون في سائر الصوامع. فإذا تكلّم أحدٌ منهم أجابه صاحبه، وقد نُصبت في أعلى كلّ صومعة خشبة على رأسها عود معترض، قد عُلّق فيه قنديلان من الزّجاج كبيران يُوقدان، فإذا قرب الفجر وقع الإيذان بالقطع مرّة بعد مرّة، وحُطّ القنديلان، وابتدأ المؤذّنون بالأذان. وأجاب بعضُهم بعضاً. ولديار مكّة، شرفّها الله، سطوح، فمَن بَعُدت داره بحيث لا يسمع الأذان يُبصر القنديلين المذكورين فيتسحّر. حتّى إذا لم يُبصرها أقلع عن الأكل».
أمّا في مصر، فأورد في (النجوم الزاهرة) لابن تغري بردي أنّ بعض الأمراء (في القرن الهجري الثالث) كان يتوجّه ماشياً إلى المسجد الجامع من مسكنه بالعسكر بدار الإمارة، وكان ينادي في شهر رمضان: السُّحور!
ثمّ ظهر «المسحّراتي» لإيقاظ النّاس، وتحفظ كتب الأدب الأناشيد الدّينيّة والأهازيج والأشعار التي كان يقولها أثناء تجواله ليلاً، وربّما قرع أبواب النّائمين بالعصا، ليستيقظوا.

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد