قرآنيات

معلومات الكاتب :

الاسم :
الشيخ عبد الله الجوادي الآملي
عن الكاتب :
فيلسوف، مفسر وعالم دين إسلامي و مرجع شيعي، مؤسس مؤسسة الإسراء للبحوث في في مدينة قم الإيرانية

القرآن المحكم والأناس الكمل

 

الشيخ عبد الله الجوادي الآملي

إن تناغم القرآن الكريم والعترة الطاهرة له أشكال مختلفة:
أحد تلك الأشكال: إن القرآن المجيد بالرغم من اشتماله على المحكم والمتشابه هو صحيفة محكمة لا متشابه ولا ملفق من المحكم والمتشابه. 
وأهل البيت(عليهم السلام) بالرغم من اشتمال سنتهم وسيرتهم على المحكم والمتشابه فهم أشخاص كمل ومحكمون وليسوا متشابه ولا ملفق من المتشابه والمحكم. 
وذلك لأنه كما أن القرآن الكريم له أصول بينة وفروع مبينة ويستعرض الآيات المحكمة الكاملة في العقائد والأخلاق والأحكام التي هي أم الكتاب، فمع الرجوع إلى المحكمات يرتفع التشابه وتزول الشبهات الكاذبة وتكون بالواقع أشبه، فكذلك أقوال وسلوك وأفعال أهل البيت (عليهم السلام) أيضًا تارة تكون عبارة عن التقية في الفتوى وأخرى بشكل الفتوى بالتقية في مقام العمل، وأحيانًا يكون هناك إبهام وإجمال في كلامهم أو سكوتهم بحيث يؤدي ذلك إلى حصول التشابه في سنة المعصومين(عليهم السلام)، ولكن مع عرض الأصول الكلية الواضحة وتعليم الفروع الكثيرة المبينة، يزول غبار كل شبهة باطلة عن المتشابه ويكون كالمحكم وهكذا جميع السنة والسيرة، ويتضح معنى المتشابه في التماثل بحيث يمكن أن يكون أحدهما بديلًا عن الآخر. 
لأنه لا يمكن أن تصدر سيرة متشابهة عن الإنسان الكامل الذي هو من الآيات التكونية الإلهية المحكمة.

ومن هنا جاء عن أهل بيت العصمة والطهارة(عليهم السلام): إن أفراد المجتمع  كآيات الكتاب السماوي بحيث يكون أحدها محكمًا والآخر متشابهًا، ويتضح هولاء الأشخاص الذين هم كالمتشابه بآداب وسنن وعقائد وأخلاق الأشخاص الذين هم بمثابة المحكم، إن من أهم محكمات المجتمع الإسلامي هم الأئمة المعصومون (عليهم السلام) بحيث يعرف بهم كل شخص متشابه ومتظاهر بالحق. 
فمن دون إرجاع متشابه المجتمع إلى محكمه وعرض المتشابه على المحكم حينئذ يتبع أهل الزيغ والأمراض القلبية المتشابهين لأجل الحصول على حطام الدنيا.
وقبل التعرض للاستدلال على أن أهل بيت الطهارة (عليهم السلام) من المحكمات، لا بأس بالتعرض إلى نبذة من المقام العلمي الرفيع لتلك الذوات النورانية: جاء عن الرسول الأكرم (صلى الله عليه واله وسلم) عن الله في الحديث القدسي «هم ـ أهلَ البيت(عليهم‌السلام) ـ خُزّاني على علمي من بعدك»  

إن ما يمكن أن يستنبط من هذه الأحاديث القدسية وغيرها من الأحاديث الأخرى الواردة في باب (مخزن علم الله) وفي باب (عيبة علم الله) أي صندوق علم الله وأمثال ذلك في الأبواب المختلفة هو: إن هذه الذوات النوراية هم مظهر أحد أسماء الله وهو (العليم)، ولذلك فكل ما ظهر في عالم الخلق أو يظهر سواء كان طارئًا أو جديدًا أو قديمًا وسواء كان من الماضي أو المستقبل أو من السابق أو اللاحق، كل ذلك هو معلوم لتلك الذوات المقدسة. 
فشعار أهل البيت (عليهم السلام) جميعًا: «سَلُوني قَبْلَ أنْ تَفْقِدُوني»  وتترعرع الحياة العلمية في ظل حياتهم «هم عيشُ العلم وموتُ الجهل»  وقد جاء عن الإمام الصادق(عليه السلام): «إن الله اصطفانا وآتانا ما لم يؤت أحدًا من العالمين» 
تطبيق المحكمات على الأئمة المعصومين( عليهم السلام) في الروايات: 
ما نقله ثقة الإسلام الشيخ الكليني عن الإمام (عليه السلام) في تطبيق محكمات أم الكتاب أنه قال: (هي [أي المحكمات] أمير المؤمنين والائمة(عليهم السلام)» وقال الإمام (عليه السلام) في تطبيق المتشابهات: «فلانٌ وفلانٌ، فأمّا الذين في قلوبهم زَيغٌ أصحابُهم وأهلُ ولايتهم».  
وطبعاً إن الانسان الكامل هو المحيط بالآيات التدوينية المحكمة.

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد