مقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
الشيخ رضا الصغير
عن الكاتب :
طالب علوم دينية في حوزة قم المقدسة

اتفاق القرناء !

 

الشيخ رضا الصغير


عندما تتعرف على كثير من الأشخاص وتخبرك الحياة بدساتيرها، تختار من بينهم رفقاء وأصدقاء وأحباء، وكلاً حسب المعايير التي استنتجتها واتخذتها من خلال دساتير الحياة ، فربما تتواجد صفة واحدة أو صفتان فقط في شخص ولكنك تتمسك به وتتخذه رفيقاً أو صاحباً أو ... 
فمثلاً قد تتمسك بشخص لأنه ذو نخوة، وإن كانت صفاته الأخرى عادية جداً، أو ربما تواجدت فيه بعض الخصال السيئة، وربما تتواجد صفة واحدة سيئة تسبب النفرة  منه وتجعل الآخرين يبتعدون عنه مع سلامة باقي الصفات، فالبعض ربما لا يستطيع تحمّل إنسان (بخيل) وإن كان رياضياً فذاً، أو كان ذا علم أو مكانة اجتماعية مرموقة، بينما يتحملون إنساناً (فوضوياً) غير منظم في أوقاته ومواعيده، لكونه خفيف الظل مفعم بالحيوية والراحة النفسية، ولكن يتفادون الأشياء والمواقف التي تربطهم معه في هذه الصفة (الالتزام بالمواعيد) دون باقي الأمور .

طبائع الإنسان وأمزجته تختلف من شخص لآخر، والتوافق والتنافر قد يرجع إلى اشتراك الصفتين عند الطرفين أو وجود القابلية لها بحيث تكمِّل إحداهما الأخرى كما لو كان شخص طويل البال وهادئ الأعصاب فإنه لا ينفر من الإنسان المستهتر بالوقت والمواعيد، وقد (يوافق شن طبقة ).
تكامل الإنسان من الأمور المهمة التي تكسبه قيمة، وتضفي عليه كساءً نورانياً، ولهذا فالأولى هو السعي لتحصيل الصفات الفاضلة، ومن جهة أخرى يجب أن نتعامل مع الآخرين بحسب تفاوت صفاتهم وأمزجتهم، فقد قيل بأن (المداراة نصف العقل) مع المحافظة على ترتيب العلاقات، فالمدارة شيء واتخاذ هذا الشخص خليلاً أو صديقاً أمر آخر، فالمدارة فن لا يجيده الكثير منا، فكلما حاولنا التأقلم مع الآخرين وفهم سلوكياتهم، وتعرفنا على مشاكلهم، وأسباب تواجد هذه الصفات فيهم، كان التعامل معهم انسيابياً وأريحياً ولن يكون حساساً متوتراً، فالإنسان غير المنظم في مواعيده قد يكون ذلك عائداً على مشكلة بدنية تسبب له الخمول والكسل أو النسيان كما يذكر البعض أن لارتفاع الدهون عاملًا قويًّا في هذه المشكلة، حينها (معرفة الأسباب)  سيكون التقبل أكثر للتعامل مع الآخرين، وقد تكون المشكلة نفسية، وقد تجتمع أسباب المشكلة في أمور شتى .

بعد معرفة أسباب المشكلة وبحسب القرب من الآخرين ومكانتهم هناك دور يقوم به الإنسان للطرف الآخر، فقد يكون الإنسان *رسالياً*، فيسعى لعلاج مشكلة قرينه، فإن كان السبب جسمانياً، حاول علاجه وحثه والمواظبة على ذلك، وإن كان نفسياً سعى لعلاج تلك المشكلة حتى ينقطع النفس، وأخطر ما في هذه المرحلة أنه قد يكتسب الإنسان من قرينه الصفة السيئة وهو لم يعالجها. 
وقد يكون الإنسان *واقعياً*، وهذه الشخصية تقبل الآخر كما هو وإن حاولت تغييره لكن لا ترهق نفسها كثيراً بل تلغي الصفة السيئة من قاموس التعامل كأنها تضع حجاباً وحاجزاً وتكمل المسير، وفي هذه المرحلة من التعامل قد تتراخى أواصر المحبة والعلقة وتتراجع المكانة بينهما، وقد يفتقد القرين الكثير من النصيحة والتوجيه والتي هي من حقوقه، ومع خضم هذه الأمور كلها فالإنسان في مسير دائم، وإن لم يستطع الإنسان السعي إلى مراحل الكمال بمجاهدته لنفسه فليستعن بما فرضه الله عليه فهي في ذاتها عوامل فحفزة نحو الكمال. 
قال تعالى :(( واستعينوا بالصبر والصلاة )) 1
__________________________
1 سورة البقرة 45

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد