من التاريخ

معلومات الكاتب :

الاسم :
حيدر حب الله
عن الكاتب :
ولد عام 1973م في مدينة صور بجنوب لبنان، درس المقدّمات والسطوح على مجموعة من الأساتذة المعروفين في مدينة صور (المدرسة الدينية). ثم سافر إلى الجمهوريّة الإسلاميّة الإيرانية لإكمال دراساته الحوزويّة العليا، فحضر أبحاث الخارج في الفقه والأصول عند كبار آيات الله والمرجعيات الدينية. عام 2002م، التحق بقسم دراسات الماجستير في علوم القرآن والحديث في كلّية أصول الدين في إيران، وحصل على درجة الماجستير، ثم أخذ ماجستير في علوم الشريعة (الفقه وأصول الفقه الإسلامي) من جامعة المصطفى العالميّة في إيران (الحوزة العلمية في قم). من مؤلفاته: علم الكلام المعاصر، قراءة تاريخية منهجيّة، فقه الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، حجية الحديث، إضاءات في الفكر والدين والاجتماع (خمسة أجزاء) ...

دراسة التراث الديني ورجالاته بين مجرد التبجيل ومنطق التحليل والنقد والتقويم


حيدر حب الله

ننظر بعين النقد إلى الكثير من مؤتمراتنا الإسلامية العلمية التي تتناول عظماء وأعْلاماً ورجال تراث نوابغ، كانوا مفخرةً لأمّتهم وعَلَماً لتقدّمها، لقد لاحظنا أنّ محاور الدراسة في أغلب هذه المؤتمرات هي محاور تبجيلية احتفائية، تؤجّل النقد – خصوصاً الجذري منه – إلى مرحلة لاحقة؛ انطلاقاً من أنّ المرحلة هي مرحلة التعريف بالتراث، لأن الأمّة غابت عنه، ولم تطّلع عليه، ولأن تقديم هذا التراث منتقداً قد يؤثّر سلباً على المفاهيم الدينية في بعض المجالات.
وقد امتدّت هذه الحالة داخل المؤسّسة الدينية إلى غير نشاط علمي، فالدوريات والنَّشرات الدينية تتجنّب مثل هذا النوع من النقد عادةً، وتراه يعكس مردوداً سلبياً أكثر من المردود الإيجابي، لا بل يذهب بعضهم إلى أنّه من غير الصحيح أن نفسح المجال لنقَّاد صغار(!) ليتناولوا بالنقد رموز التراث ورجالاته العظماء.

ويبدو أنّ لهذه الظاهرة غير مسوِّغ، لكننا لا نراها إيجابية في هيمنتها على النشاط الفكري، بل يفترض أن تولى أهمية أكبر للفعل النقدي البنّاء للتراث، وأن تسلّط الأضواء عليه أكثر من أيّ وقتٍ مضى، لا لتصفية حساب مع هذا التراث والعياذ بالله، بل لأن خلق هذه الروح وإفساح المدرسة الدينية، والمؤسسات والمراكز البحثية، والمؤتمرات والملتقيات الفكرية، والنشريات والدوريات الإسلامية.. 
إفساحها جميعاً المجال لحركة النقد المنظمة هذه عنصرٌ أساسي في الإبداع وتقدُّم البحوث العلمية نحو الأمام، وبعث مناشط الفكر من جديد، ما دامت هذه الفعاليات النقدية تلتزم بحدود الأخلاق والأدب الرفيع، وتعتمد المنهج العلمي الرصين والأكاديمي الموثّق في رصد المعطيات وتناول الأفكار، ولا تنجرف في سياق الشهوة العمياء الطاغية والداعية إلى تحطيم التراث والقطيعة معه، في غضب عارمٍ من الموروث، نتيجة سوء علاقة مع امتداداته المعاصرة.
إننا نوجّه دعوةً جادّة لكل القيمين على العمل الثقافي والفكري في الساحة الإسلامية كي يدرسوا هذا الموضوع بجدية أكبر، ومن دون هيمنة المخاوف وأنواع القلق والاضطراب، ليتوصلوا إلى نتائج محمودة في هذا المجال إن شاء الله تعالى.

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد