مقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
الشيخ رضا الصغير
عن الكاتب :
طالب علوم دينية في حوزة قم المقدسة

المغفرة


الشيخ رضا الصغير

مر رجلٌ بسيارته في زقاق ضيق، فخدش سيارةً كانت مركونة إلى جانب الطريق، فنزل هو وصاحبه من السيارة وكان متحيراً، وهو يتفحص السيارة الأخرى وما حدث لها...
انتظر برهةً، لكنّ أحداً لم يأت، فقال له صاحبه لم يحدث شيء، والله غفور رحيم، فلنذهب، قال: لا، وأخذ قصاصةً من الورق ووضعها على السيارة ،وشرح الحال، وأرفق رقماً ليتم الاتصال.
هذا الرجل ملتفتٌ إلى أن حقوق الناس لا تسقط بالاستغفار فقط، خصوصاً إذا كان يتمكن من الوصول إليهم.. يتداول الكثير أن حقوق الناس لا تسقط، وحقوق الله تسقط، لذا هم يتعذرون عندما تحاول أمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر..
فإذا قلت لأحدهم: الغناء حرام، أجاب : المهم أنني لا أتعدى على حقوق الناس، يوحي إليك أن هذا الأمر غير مهم، وأن الله حتمًا سيغفره..

الله -سبحانه وتعالى- لا يفوقه فائق ورحمته ومغفرته وسعت كل شيء، لكن للمغفرة والتوبة شروط يجب أن تتوفر، كما ورد عن أمير المؤمنين عليه السلام منها: 
الندم على ما مضى، والعزم على ترك العودة إلى الذنب أبدًا، وأن يرد إلى الناس حقوقهم، حتى يلقى الله وليس عليه تبعة، وأن يعمد إلى كل واجب تعلق في ذمته ولم يؤده إلى إفراغ ذمته منه، وأن يذيب اللحم الذي ابتنى على الحرام، وأن يذيق جسمه ألم الطاعة كما أذاقه لذة المعصية..
هذه المعاصي وأمثالها، لا تغتفر إن لم يكن الإنسان مخلصًا عازمًا، وصغار الذنوب مع الإصرار عليها هي جرائم كبار في حق الملك الجبار، لأن من يقول أن حق الله يسقط جعل الله سبحانه أهون من الناس، فيراعيهم، ولا يراعي الله، بينما الأمر غير ذلك..
فالتوبة واحدةٌ، وهي تحتاج إلى نفس الشروط، لكن عندما تكون المعصية في سلب حق من حقوق الناس، فلا تسقط إلا برد الحق إلى صاحبه، وعندما تكون المعصية في حق الله فعنصر حق الناس مفقود، فيبقى أن يأتي ببقية الشروط لتتحقق التوبة، ومن لا يجهد في تلافي معاصيه، فليعلم أن الشيطان قد خدعه، وسخر منه..
 قال تعالى :
(إنما التوبة على الله للذين يعملون السوء بجهالة ثم يتوبون من قريب فأولئك يتوب الله عليهم)١
____
١ سورة النساء ١٧

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد