مقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
الشيخ علي رضا بناهيان
عن الكاتب :
ولد في عام 1965م. في مدينة طهران وكان والده من العلماء والمبلغين الناجحين في طهران. بدأ بدراسة الدروس الحوزوية منذ السنة الدراسية الأولى من مرحلة المتوسطة (1977م.) ثم استمرّ بالدراسة في الحوزة العلمية في قم المقدسة في عام 1983م. وبعد إكمال دروس السطح، حضر لمدّة إثنتي عشرة سنة في دروس بحث الخارج لآيات الله العظام وحيد الخراساني وجوادي آملي والسيد محمد كاظم الحائري وكذلك سماحة السيد القائد الإمام الخامنئي. يمارس التبليغ والتدريس في الحوزة والجامعة وكذلك التحقيق والتأليف في العلوم الإسلامية.

ثمّ ماذا؟

 

الشيخ علي رضا بناهيان
سؤال إنسانيّ في غاية الأهمّية! إنه لسؤالٌ قاتل! يبغي الإنسانُ جوابا عن سؤاله هذا ثمّ ماذا؟ ما الغاية؟ 
هذا السؤال يدفع الإنسان صوب أقصى هدف ثمّ ماذا؟ أنا إنسان أطلب المصلحة ولكن عندي سؤال أيضًا أنا إنسان أطلب اللذّة ولكن عندي سؤال أيضًا ولابدّ من الإجابة عنه ثمّ ماذا؟ 
يحتاج الإنسان في حياته إلى هدف أقصى ينظّم جميعَ أهدافه الأدنى لماذا تشتري دارًا يا فلان؟ ـ لأني أحتاج إلى دار ـ لماذا تتزوّج؟   ـ لأن عندي حاجة أخرى ـ لماذا تذهب إلى العمل؟ ـ لأني محتاج إلى المال أيضًا ومضافًا إلى المال بحاجة إلى الوجاهة الاجتماعية ـ ما العلاقة بين الوجاهة الاجتماعية والزواج؟ ـ لا علاقة بينهما، بلى! قد يتعاضدان في مواطن ـ 
لماذا تمشّط شعرك؟ ـ لأني مهتمّ بشعري وتسريحتي وأحبّ الجمال ـ طيّب! ما علاقة هذا الجمال بأسنانك؟ ـ لا علاقةَ، هذا هدف وذاك أيضًا... مثل هذا الإنسان أشقى كائن في العالم! لماذا؟ الإنسان المتشتّت الإنسان المُبَعثَر الإنسان المتعدّد الأهداف فهو غير عاشق! فلو كان عنده ألف هدف وكلّها مختلف في أهمّيته وعلوّه، لا يفلح! وجودُه متشتّت عليه أن يقضي عدّة أشغال عليه أن يحقّق عدّة أهداف ولكن طوبى لمن يصبو إلى هدف أسمى واحد إلى هدفٍ يتمكّن منه إلى هدفٍ ممكن بحيث يوحّد اتجاهَ جميع أهدافه الجزئية وذات المدى القصير والبعيد، ابحثوا عن هدف كهذا بحيث يلبّي نزعتك إلى غير المحدود حتى لا تعود تقول: ثم ماذا! 
تقول: أها.. هذه الغاية؟! أها.. اقتنعت الآن! ابحثوا عن هدف كهذا بحيث يلبّي نزعتك إلى غير المحدود حتى لا تعود تقول: ثم ماذا! يقول علماء النفس: الإنسان بحاجة إلى هدف كهذا وقالوا أيضًا: المصداق الوحيد الذي اكتشفه الإنسان لهكذا هدف هو الله فحتى علماء النّفس أيضًا عرفوا ذلك! 
المصداق الوحيد الذي اكتشفه الإنسان لهكذا هدف هو الله إن الله قد جعل نفسَه فقط جواباً عن هذا السؤال ولا أحدَ يَسَعَه أن يخدع نفسَه! لا أحد! ما إن تسأل عن عمق ثمّ ماذا؟ يظهر الله كالشمس إذ تشرق عند الصباح وتظهر رويدًا من خلف الأراضي والبقاع فترى اللهَ ويريك نفسَه فتنجذب إلیه وتغدو تحبّه شيئًا فشيئًا ثمّ يحظى الإنسان بسكينة بها يتزوّج كالآدميّ ويباشر أعمالًا أخرى.. يدير العالم يَدرُس.. الحسابَ أو الهندسة ولكنّه مشغول به فأصبح الآن يعرف لماذا يعيش! 
أتدرون ماذا يعني أن يكون هدفنا الله؟ عندما نلتقي بالله يومَ القيامة وافرض أنك قد رأيت اللهَ. ألا ينتهي اللقاء؟! ثمّ ماذا؟ تَهيمُ لتراه مرّة أخرى بعد أن تلتقي به ثانيةً كأنك لم تَرَه قطّ فتزداد ظمأً لتلتقي به كرّة أخرى فتودّ أن تلتقي به كرّة أخرى، فإذا التقيت به قلتَ: لم أكن أعرف الله حتى الآن أصلًا إلى متى تستمر؟ مستمرّة إلى الأبد! وإنما الله فقط يستطيع أن يكون هكذا كلما يذهب العبد إلى زيارة الله، لا يستطيع أن يكلّم أحدًا بشيء يا له من موجود رائع! 
نعم هناك من يدلّكه والملائكة تمرّخ أكتافه في فترة فراغه ويوفّرن له بيتًا ويقلن له: اسكن هنا ولكن الأصل هو وإنّما هذه فندق الجنّة هي فندق زوّار الله إنما الله لا حدّ له وما يعني لا حدّ له؟ يعني كلّما رأيتَه تجلّى فيك شأنٌ منه والله لا نفاد له والله هو الموجود الوحيد الذي لا نفاد له وستحظى أنت إلى الأبد بلقائه.
الإنسان كائن مفطور على هذه الحاجة وقد جاء الأنبياء ليُزيحوا الغبار عن هذه الحاجة الفطريّة لدى الإنسان ليتبلور عنده هذا السؤال الرئيس ثمّ ماذا؟ كل هذه الأهداف ماذا بعدها؟ يودّ الإنسان أن يختار ذاك الهدف الأسمى ليَسكُن ولا يعود يقول: ثمّ ماذا؟ وما يحدث له إن اختار ذاك الهدف الأسمى؟ حينئذ يحظى الإنسان بسكينة بها يتزوّج كالآدميّ يدير العالم فأصبح الآن يعرف لماذا يعيش!

 

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد