الشيخ محمّد مهدي النّراقيّ ..
أمَّا الدُّعاء، فلا رَيْبَ في أنَّا قد تَعَبَّدنا به، وقد كَثُرَت أدعيةُ الأنبياءِ والأئمَّةِ، وكانوا على أعلى مقامات الرِّضا، وتَظاهرَت الآياتُ وتَواتَرتِ الأخبارُ في الأمرِ بالدُّعاءِ، وفوائدِه، وعِظَمِ مَدْحِه، وأَثنى اللهُ سبحانه على عبادِه الدَّاعين، حيث قال: ﴿..وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا..﴾ الأنبياء:90، وقال ﴿..ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ..﴾ غافر:60، وقال: ﴿..أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ..﴾ البقرة:186، وهو يُوجِبُ صفاءَ الباطنِ، وخُشوعَ القلبِ، ورِقَّةَ النَّظر، وتَنَوُّرَ النَّفسِ وتَجَلِّيها. وقد جَعلَهُ اللهُ تعالى مفتاحاً للكشفِ، وسبباً لِتَواتُرِ مزايا اللُّطف والإحسان، وهو [الدُّعاء] أقوى الأسباب لِإفاضةِ الخيراتِ والبَركات من المَبادي العالية.
شُبهتان مردودتان
فإنْ قيل: ما يَرِدُ على العبدِ من المكارِه والبلايا يكونُ بِقضاءِ الله وقَدَرِه، والآيات والأخبار ناطقةٌ بالرِّضا بقضاءِ اللهِ مُطلقاً، فالتَّشمُّر لِرَدِّهِ في الدُّعاء يُناقِضُ الرِّضا.
قلنا: إنَّ اللهَ سُبحانه بِعَظيمِ حِكْمَتِه، أَوْجَدَ الأشياءَ على التَّسْبِيبِ والتَّرتيبِ بينها؛ فرَبَطَ المُسبّبات بالأسباب، ورَتَّبَ بعضَها على بعضٍ، وجَعَلَ بعضَها سبباً وواسطةً لِبَعضٍ آخَر، وهو مُسَبِّبُ الأسباب.
والقَدَرُ عبارةٌ عن حصولِ الموجودات في الخارج مِن أسبابها المُعيَّنة بِحَسَب أوقاتها، مُطابقةً لما في القَضاء. والقضاءُ عبارة عن ثبوتِ صُوَرِ جميعِ الأشياءِ في العالَم العقليّ على الوَجه الكُلِّيّ، مطابقةً لِما في العناية الإلهيّة المُسمَّاة بالعنايةِ الأُولى. والعنايةُ عبارة عن إحاطةِ عِلْمِ اللهِ تعالى بالكُلِّ -على ما هو عليه- إحاطةً تامّة؛ فنِسْبَةُ القضاءِ إلى العنايةِ كَنِسبةِ القَدَرِ إلى القضاءِ.
ثمَّ، من جملةِ الأسباب لِبَعضِ الأمور الدُّعاء والتَّصدُّق وأمثالهما. فكما أنَّ شُرْبَ الماء سَبَبٌ رَتَّبَهُ مُسَبِّبُ الأسبابِ لإزالةِ العطشِ، ولو لم يَشربهُ لَكان عَطشُه باقياً إلى أنْ يؤدِّي إلى هلاكِه، وشُرْبَ المُسَهِّل سببٌ لِدَفْعِ الأخلاط الرَّديّة، ولو لم يَشربْهُ لَبَقِيَت على حالها، وهكذا في سائر الأسباب، وكذلك الدُّعاءُ سببٌ رتَّبَه اللهُ تعالى لِدَفعِ البلايا ورَفعِها، ولو لم يَدْعُ لَنَزل البلاءُ ولم يَنْدَفِع.
فلو قيل: لو كان في علمِ الله تعالى وفي قضائه السَّابق، أنَّ زيداً مثلاً يَدعو اللهَ أو يَتَصدَّق عند ابْتِلائِه بِبَلِيَّة كذا، وتَندَفِعُ به بَلِيَّتُه لِدُعاءٍ أو تَصَدُّقٍ، ودَفَعَ بَلِيَّتَهُ، ولو كان فيهما [علمُه تعالى وقضاؤه السّابق] أنّه لا يدعو الله ولا يَتَصَدَّق عندَ ابتِلائه بتلك البليَّة، فَلم يَدْعُ اللهَ ولم يَتَصدَّق، ولم تنْدَفِع عنه البليَّة. والحاصل: إنَّ كلّ ما تَعلَّقَت به العنايةُ الكلِّيّة والقضاءُ الأزليّ يَحصلُ مُقتَضاه في الخارج وعالَم التّقدير، إنْ خيراً فخير، وإن شرّاً فَشَرّ، فأيُّ فائدةٍ في سَعْيِ العبدِ واجتهادِه؟
قلنا: هذه من جُملةِ شُبُهاتِ الجَبْريّة على كَوْنِ العبد مجبوراً في فعلِه ونَفْي الاختيار عنه، ولا مدخليَّة لها بِكَوْن الدُّعاء غير مناقضٍ للرِّضا، وكَوْنه من جُملة الأسباب المُرتَّبة منه تعالى لِحُصولِ مُسبّباتها، كالتّزويج لتحصيل الولد، والأكل والشُّرب لِدَفع الجوع والعطش، ولبْس الثّياب لِدفعِ الحرِّ والبرد، وغير ذلك. ثمَّ الجواب من الشّبهة المذكورة وأمثالها مذكورٌ في موضوعها.
عدنان الحاجي
الشيخ محمد جواد مغنية
السيد جعفر مرتضى
الشيخ محمد صنقور
محمود حيدر
الشيخ عبد الله الجوادي الآملي
الشيخ حسين مظاهري
الشيخ جعفر السبحاني
حيدر حب الله
السيد محمد حسين الطهراني
حبيب المعاتيق
حسين حسن آل جامع
شفيق معتوق العبادي
جاسم بن محمد بن عساكر
عبدالله طاهر المعيبد
رائد أنيس الجشي
ناجي حرابة
الشيخ علي الجشي
السيد رضا الهندي
عبد الوهّاب أبو زيد
كيف تؤثّر أذواقنا الشّخصيّة في إبداعنا؟
الاثنا عشريّة وأهل البيت عليهم السلام (1)
العوامل المساعدة على انتصار الإسلام وانتشاره (1)
دور صلاة الجماعة في البناء الاجتماعي
بالإيحاء.. كان الوجود كلّه (3)
سرّ القنوت والتّشهّد والتّسليم في الصّلاة (3)
بحث عن عالم البرزخ والنّفخ في الصّور والكوثر (3)
الإمام الهادي (ع) الشّخصيّة المؤثّرة، جديد الشّيخ عبدالله اليوسف
المعاهدات في الإسلام (3)
بحث عن عالم البرزخ والنّفخ في الصّور والكوثر (2)