قرآنيات

معلومات الكاتب :

الاسم :
الشيخ حسن المصطفوي
عن الكاتب :
من علماء إيران المعاصرين، ولد سنة 1336هـ وتوفي يوم الإثنين 20 جمادي الأولى 1426 هـ عن تسعين سنة، حاصل على شهادة الدكتوراه من كلية الالهيات في تبريز ( المعقول والمنقول). له مؤلفات عديدة منها: rn(التحقيق في كلمات القرآن).

معنى (دبّ) في القرآن الكريم

مصبا - دبّ الصغير يدبّ من باب ضرب دبيبًا ودبّ الجيش دبيبًا أيضًا: ساروا سيرًا ليّنًا، وكلّ حيوان في الأرض دابّة وتصغيرها دويبة على القياس، وسمع دوابة بقلب الياء ألفًا على غير قياس، وخالف فيه بعضهم فأخرج الطير من الدوابّ، وردّ بالسماع وهو قوله تعالى- {وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ مَاءٍ} [النور: 45] - أي خلق اللّه كلّ حيوان مميّزًا كان أو غير مميّز، وأمّا تخصيص الفرس والبغل بالدابّة عند الإطلاق فعرف طارئ، وتطلق الدابّة على الذكر والأنثى، والجمع الدواب. والدبّ حيوان خبيث، والأنثى دبّة.

 

مقا - أصل واحد صحيح منقاس، وهو حركة على الأرض أخفّ من المشي تقول دبّ دبيبا، وكلّ ما مشى على الأرض فهو دابّة.

 

و‌في الحديث: لا يدخل الجنّة ديبوب ولا قلّاع‌ - يراد النمّام الّذى يدبّ بين الناس بالنمائم، والقلّاع الّذى يشى بالإنسان إلى سلطانه ليقلعه عن مرتبة له عنده. ويقال ناقة دبوب إذا كانت لا تمشى من كثرة اللحم إلّا دبيبًا. ويقال ما بالدار دبّى ودبى، أي أحد يدبّ. ويقال طعنة دبوب، إذا كانت تدبّ بالدم. ويقال ركب فلان دبّة فلان، وأخذ بدبّته، إذا فعل مثل فعله، كأنّه مشى مثل مشيه.

 

اشتقاق 97 - ودبّاب فعّال من قولهم دبّ يدبّ دبيبًا، وهو تقارب الخطو. وكلّ ما دبّ على الأرض من ماش فهو دابّة. والأصل داببة في وزن فاعلة، وكذلك فسر في التنزيل - {ومٰا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ} - واللّه أعلم. والمثل السائر- أعييتني من شبّ إلى دبّ - أي من لدن شببت إلى أن دببت على العصا. وقال قوم: الدبّة: الطبيعة والخليقة‌ يقال ركب فلان دبّ فلان، إذا اقتدى بفعله.

 

فظهر أنّ الأصل الواحد في هذه المادّة: هو الحركة اللينة الخفيفة، ويقرب من المفهوم المعبّر عنه بالفارسيّة بجنبيدن.

 

فالدابّة تعمّ جميع أنواع الحيوان من الإنسان والأنعام والحشرات والطير، أي كل ذي حياة له حركة ما من أي نوع.

 

وقد تطلق على ما يقابل الطير كما في- {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ} [الأنعام : 38]. وقد تطلق على ما يقابل الإنسان كما في- {وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ} [الحج : 18]. وقد تطلق على ما يقابل الناس والأنعام كما في- {وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ} [فاطر: 28].

 

وأمّا الإطلاق العامّ كما في- {وَكَأَيِّنْ مِنْ دَابَّةٍ لَا تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللَّهُ يَرْزُقُهَا وَإِيَّاكُمْ} [العنكبوت : 60] - فيراد كلّ حيوان غير الإنسان. وقوله تعالى - {إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللّٰهِ الَّذِينَ كَفَرُوا}- {وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ} [البقرة : 164] - {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا} [هود : 6] - فيراد جميع أنواع الحيوان.

 

وأمّا اختلاف التعبير: فإنّ النظر في بعض الموارد إلى مطلق ما كان ذا حياة وله حركة في مقابل الجماد والنبات، فيراد منه حينئذ مطلق ما يرادف الحيوان وقد يكون النظر إلى ما يمشى في الأرض ويدبّ فيها، ويكون الملحوظ هذه الجهة، فيقابل الطير الدابّة المتحركة في جوّ السماء. وقد يكون النظر إلى جهة كونه دابّة في مقابل الإنسان العاقل. وقد يكون المنظور إلى كونه من الحيوان ضعيفًا والملحوظ هذه الجهة، فيقابل الأنعام. واللّه أعلم.

 

فظهر اللطف في هذه التعابير المختلفة.

 

{وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ} [النمل : 82] - أي وإذا تمّت الحجّة عليهم ولم يؤمنوا، واقترب وعد الأخذ والعذاب، ووقع عليهم الحكم وانقضى أجلهم: فنخرج لهم من الأرض دابّة يبيّن لهم جريان حالهم وسوء عاقبة سلوكهم ونتيجة أعمالهم وإعراضهم عن الحقّ.

 

فهذا قانون إلهىّ عمومي، وآية من آيات الربّ القهّار، والتعبير بالدابّة وتنكيرها: إشارة إلى قدرته التامّة وعظمته الباهرة وإلى أنّه يفعل ما يشاء بما يشاء كيف يشاء، وليس لقدرته تعالى حدّ، فهو يخرج لهذا الأمر أي موجود حي وأي دابّة من الأرض حتّى تكلّمهم ويبيّن لهم ما عليهم.

 

فالآية عامّة من جهة المورد ومن جهة الدابّة، وينطبق بأي مصداق يتحقّق.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

- مصبا = مصباح المنير للفيومي ، طبع مصر 1313 هـ .

‏- مقا = معجم مقاييس اللغة لابن فارس ، ٦ ‏مجلدات ، طبع مصر ١٣٩ ‏هـ .

 

 

 

 

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد