مصبا - نجا من الهلاك ينجو نجاة: خلص، والاسم النجاء بالمدّ، وقد يقصر، فهو ناج، والمرأة ناجية، وبها سمّيت قبيلة من العرب، ويتعدّى بالهمزة والتضعيف فيقال: أنجيته ونجّيته، وناجيته: ساررته، والاسم النجوى، وتناجي القوم: ناجى بعضهم بعضًا. والنجو: الخواء، ونجا الغائط نجوًا من باب قتل: خرج. ويسند الفعل إلى الإنسان أيضًا فيقال نجا الرجل إذا تغوّط. واستنجيت: غسلت موضع النجو أو مسحته بحجر أو مدر.
مقا - نجو: أصلان يدلّ أحدهما على كشط وكشف. والآخر- على ستر وإخفاء. فالأوّل - نجوت الجلد أنجوه: إذا كشطته. يقال : للغصون النجا، الواحدة نجاة. ونجا الإنسان ينجو نجاة، ونجاء في السرعة، وهو معنى الذهاب والانكشاف من المكان. وناقة ناجية ونجاة: سريعة. ومن الباب وهو محمول على ما ذكرناه من النجاء: النجاة والنجوة من الأرض، وهي الّتي لا يعلوها سيل، كأنّه نجا من السيل. ومن الباب النجو: السحاب ، والجمع النجاء، وهو من انكشافه لأنّه لا يثبت. وقولهم - استنجى فلان، كأنّ الإنسان إذا أراد قضاء حاجته أتى نجوة من الأرض تستره، كما قالوا تغوّط، أي أتى غائطًا. والأصل الآخر - النجو والنجوى: السرّ بين اثنين.
العين 6/ 186- نجا فلان من الشرّ ينجو نجاة، ونجا ينجو، في السرعة نجاء، فهو ناج. والنجاة: النجوة من الأرض، أي الارتفاع لا يعلوه الماء، والنجو: ما خرج من البطن من ريح وغيرها، والنجو: استطلاق البطن، وقد نجا نجوًا.
والنجو: كلام بين اثنين كالسرّ، تقول: ناجيتهم وتناجوا فيما بينهم، وكذلك انتجوا. والنجا: ما ألقيته عن نفسك من ثياب أو ما سلخته عن الشاة.
مفر - أصل النجاء: الانفصال من الشيء، ومنه نجا فلان من فلان. والنجوة والنجاة: المكان المرتفع المنفصل بارتفاعه عمّا حوله، ونجوت قشر الشجرة وجلد الشاة. وناجيته: ساررته، وأصله أن تخلو به في نجوة من الأرض، وقيل أصله من النجاة وهو أن تعاونه على ما فيه خلاصه، أو أن تنجو بسرّك من أن يطلّع عليك.
التحقيق
أنّ الأصل الواحد في المادّة: هو التنحية والتخليص، أي تخليص في تنحية. ومن مصاديقه: تخليص شخص من الهلاك وتنحيته عن ذلك المحيط.
وهكذا تخليصه عن أي حادثة. وتنحية الجلد أو اللباس عن البدن وحصول التخلّص. والتخلّص في المكان المرتفع عن جريان ماء أو ابتلاء آخر. وهكذا في تخلّص المعدة عن الامتلاء وتنحية ما في البطن من نجو أو ريح.
ومن ذلك المعنى: النجوى والتناجي، حيث يلاحظ فيه التنحّي الى جانب وتخليص الباطن عمّا فيه من أمر مكتوم في القلب، ويقصد بهذا التناجي تخليص لنفسه وحصول خلاص له أو لغيره.
وأمّا اطلاق النجو على المكان المرتفع أو على ما خرج من البطن أو على السحاب: فباعتبار تحقّق التنحّي والتخلّص فيها أو بها.
{وَقَالَ الَّذِي نَجَا مِنْهُمَا} [يوسف : 45]. {قَالَ لَا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ} [القصص : 25]. {وَقَالَ لِلَّذِي ظَنَّ أَنَّهُ نَاجٍ مِنْهُمَا} [يوسف : 42]. {وَيَا قَوْمِ مَا لِي أَدْعُوكُمْ إِلَى النَّجَاةِ وَتَدْعُونَنِي إِلَى النَّارِ} [غافر: 41]. {فَلَمَّا اسْتَيْأَسُوا مِنْهُ خَلَصُوا نَجِيًّا} [يوسف : 80] هذه المادّة لازمة. والآية الأولى والثالثة في مورد صاحب السجن ليوسف، والخامسة في إخوة يوسف، والثانية في موسى عليه السلام، وكذلك الرابعة خطابًا إلى قومه.
وتتعدّى بالهمزة والتضعيف - {وَإِذْ نَجَّيْنَاكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ} [البقرة : 49]. {فَلَمَّا أَنْجَاهُمْ إِذَا هُمْ يَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ} [يونس : 23]. {قُلْ مَنْ يُنَجِّيكُمْ مِنْ ظُلُمَاتِ الْبَرِّ} [الأنعام : 63]. {كَذَلِكَ حَقًّا عَلَيْنَا نُنْجِ الْمُؤْمِنِينَ} [يونس : 103] يراد جعلهم ناجين، وصيغة الإفعال تدلّ على قيام الفعل بالفاعل ويكون النظر فيه إلى جهة الصدور منه. وهذا الإنجاء من شؤون الربوبيّة في موارد الاقتضاء ووجود المحلّ المناسب.
{فَلَمَّا نَجَّاكُمْ إِلَى الْبَرِّ أَعْرَضْتُمْ} [الإسراء : 67]. { نَجَّانَا مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ} [المؤمنون : 28]. {فَنَجَّيْنَاهُ وَمَنْ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ} [يونس : 73]. {ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ} [مريم : 72]. {وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ} [التحريم : 11] فالنظر في أمثال هذه الموارد الّتي يعبّر فيها بصيغة التفعيل: إلى جهة وقوع الفعل وتعلّقه بالمفعول به.
فيراد تحقّق وقوع التنحية والتخليص لهم وفيهم عن الابتلاء.
{مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ ... أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نُهُوا عَنِ النَّجْوَى ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَيَتَنَاجَوْنَ بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَتِ الرَّسُولِ ... يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَنَاجَيْتُمْ فَلَا تَتَنَاجَوْا بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَتِ الرَّسُولِ وَتَنَاجَوْا بِالْبِرِّ وَالتَّقْوَى ... إِنَّمَا النَّجْوَى مِنَ الشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا} [المجادلة : 7 - 10].
النَجوى مصدر كالدعوى بمعنى المكالمة سرًّا في تنحية وتنجية. والنجوى في محيط المسلمين إنّما يقع من المخالفين والمنافقين، حيث إنّهم أسرّوا برامجهم وأخفوا تدابيرهم على خلاف مصالح المؤمنين، وهذا هو الّذى يكون على أساس الإثم والعدوان والعصيان.
وأمّا المؤمنون: فإنّهم إذا احتاجوا إلى تناج بينهم، فهو يتحقّق على برنامج البرّ والتقوى وفي طريق الإسلام وخدمة المسلمين.
والتعبير بقوله - إلّا هو رابعهم: إشارة إلى حضوره تعالى واطلاعه وعلمه على تناجيهم، وإن كان النجوى في منتهى السرّ والخفاء.
وأمّا كون التناجي من الشيطان: فإنّ مبدأ نجوى المخالفين وأساس تناجيهم إنّما هو من الأفكار الشيطانيّة والتدابير الظلمانيّة.
{إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً ذَلِكَ خَيْرٌ لَكُمْ وَأَطْهَرُ فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (12) أَأَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَاتٍ فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَتَابَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ} [المجادلة : 12، 13] الصدقة : ما يعطى صحيحا تامًّا وفي سبيل اللّه وفي خدمة الخلق وهو من مصاديق الصدق، وإعطاء الصدقة يوجب توجّهًا إلى اللّه وعملاً في سبيل اللّه وفي سبيل خلقه وانصرافًا عن التعلّق المادّيّ وانقطاعًا إلى الحقّ المتعال وحصول انعطاف وتليّن في القلب.
وهذا العمل يوجب تحقّق حالة توجّه وخلوص وصفاء ولينة وخشوع في القلب حين النجوى مع الرسول صلى الله عليه وآله.
وأمّا المناجاة والتناجي: ففي صيغتهما دلالة على الامتداد، فإنّ في النجوى مع الرسول صلى الله عليه وآله يحصل امتداد ما.
وهذا التكليف مطلوب استحبابًا، وفيه خيرة وطهارة لمن يريد النجوى.
ومن هذا المعنى المناجاة مع اللّه عزّ وجلّ: فإنّ العبد المناجي ينجّي نفسه عن التعلّقات الظاهريّة ويخلّص قلبه عمّا فيه من الاضطراب والتعلّق وينقطع إلى اللّه المتعال ويظهر بلسانه ما في سرّه، فإنّ النجوى هو ظهور السرّ.
{أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ} [التوبة : 78]. {نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَسْتَمِعُونَ بِهِ إِذْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ وَإِذْ هُمْ نَجْوَى} [الإسراء : 47] فكلمة النجوى في الآية جمع نجىّ كقتيل وجريح وقتلى وجرحى.
والأولى أن تكون مصدرًا أطلق في مقام الوصف مبالغة، ويستوي فيه المفرد والجمع، فكأنّهم مظهر النجوى وفيهم تجسّم مفهوم التناجي، فإنّ برنامجهم في طول معيشتهم التباني والتدبير السوء على الرسول صلى الله عليه وآله.
ويدلّ على هذا: التعبير به بعد قوله - {إِذْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ} [الإسراء : 47]. فإنّ وجودهم في مقام الاستماع إليك مظهر النجوى، وليس المنظور كونهم متناجين حين يستمعون إليك.
_______________________________
- مصبا = مصباح المنير للفيومي ، طبع مصر 1313 هـ .
- مقا = معجم مقاييس اللغة لابن فارس ، 6 مجلدات ، طبع مصر . 139 هـ.
- مفر = المفردات في غريب القرآن للراغب ، طبع 1334 هـ.
السيد محمد حسين الطهراني
محمود حيدر
عدنان الحاجي
الدكتور محمد حسين علي الصغير
الشيخ علي رضا بناهيان
السيد عبد الحسين دستغيب
الشيخ محمد مهدي النراقي
الشيخ محمد صنقور
السيد جعفر مرتضى
الشيخ ناصر مكارم الشيرازي
حسين حسن آل جامع
حبيب المعاتيق
فريد عبد الله النمر
عبدالله طاهر المعيبد
ناجي حرابة
أحمد الرويعي
حسين آل سهوان
أسمهان آل تراب
أحمد الماجد
علي النمر
مَن أحبّ شيئًا لهج بذكره
(المهدوية، جدليّة الإيمان والمواجهة في الفكر العالميّ والضّمير الإنسانيّ) جديد الكاتب مجتبى السادة
وحيانيّة الفلسفة في الحكمة المتعالية (2)
الأطفال يبدأون التفكير منطقيًّا أبكر مما كان يعتقد
وقوع المجاز في القرآن (2)
سيكولوجية الكفر
المسلّمي يدشّن كتابه الجديد: (آداب المجالس الحسينيّة)
زكي السالم: (معارض الكتاب بين فشخرة الزّائرين ونفخرة المؤلّفين)
لا تجعل في قلبك غلّاً
قانون معرفة الفضائل الكلي