تقول الآية الثالثة من سورة الحديد وفيها ذكر لصفات اللَّه سبحانه بشكل عميق وواسع: «هُوَ الأَوَّلُ وَالآخِرُ والظَّاهِرُ والبَاطِنُ وهُوَ بِكُلِّ شَىءٍ عَليمٌ».
إنّ هذه الصفات الخمس التي اجتمعت في الآية بيان جلي لذاته المقدّسة اللامتناهية.
هو (الأوّل) أي هو الأزلي دون أن تكون له بداية، وهو (الآخر) أي الأبدي الذي لا نهاية له، وهو (الظاهر) أي البيّن دون أن يكون خافياً على أحد، وهو (الباطن) أي أنّ ذاته ليست ظاهرة لأحد (لعدم قدرة الموجودات المحدودة كالإنسان على إدراك الحقيقة اللامتناهية) دون أن يكون محجوباً عن عباده.
ولذا فإنّه سبحانه عالم بكلّ شيء لأنّه موجود في البداية، وسوف يبقى حتّى النهاية وحاضر في ظاهر العالم وباطنه.
وهناك تفسيرات متعدّدة ذكرها المفسّرون في تفسير الصفات الأربع: (الأوّل) و (الآخر) و (الظاهر) و (الباطن) إلّا أنّها غير متنافية ويمكن جمعها في مفهوم الآية.
فتارةً قالوا: إنّه الأوّل قبل وجود أي شيء وهو الآخر بعد هلاك كلّ شيء، ودلائل وجوده ظاهرة ولا يمكن إدراك باطن ذاته.
وتارةً قالوا: هو الأوّل ببرِّه حيث هدانا، والآخر بعفوه حيث يقبل التوبة، والظاهر بإحسانه وتوفيقه عند طاعته والباطن في ستر عيوب العباد عند المعصية (الأوّل ببرّه إذ هداك والآخر بعفوه إذْ قبل توبتك، والظاهر بإحسانه وتوفيقه إذا أطعته، والباطن بستره إذا عصيته) «1». وقد ورد أنّ النبي صلى الله عليه وآله كان يقول في دعائه: «اللهمّ أنت الأوّل فليس قبلك شيء، وأنت الآخر فليس بعدك شيء، وأنت الظاهر فليس فوقك شيء وأنت الباطن فليس دونك شيء» «2».
على أيّة حال، فإنّ الآية الكريمة أعلاه، في عين إثباتها بطلان أفكار الصوفية في استقلالية الخالق عن المخلوق والمخلوق عن الخالق، فإنّها تبيّن حقيقة وهي أنّ الذات الإلهيّة المقدّسة مطلقة ولا نهاية ولا حدود لها. أي هو وجود بلا عدم، ولو أنّا تدبّرنا حقيقة الوجود جيّداً ونزهناه من العدم فسوف نصل إلى ذاته المقدّسة، وهذا جوهر برهان الصدّيقين وروحه.
ومن البديهي أنّ الموجود المحدود يكون موضعه إمّا في البداية أو النهاة ، وإمّا في ظاهر الأشياء أو باطنها، واتّصاف اللَّه سبحانه بأنّه الأوّل والآخر والظاهر والباطن هو لكونه وجوداً غير متناه ولا محدود.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) راجع تفاسير مجمع البيان؛ الميزان؛ الكبير؛ روح البيان.
(2) تفسير القرطبي، ج 9، ص 6406.
محمود حيدر
السيد عباس نور الدين
السيد محمد حسين الطهراني
عدنان الحاجي
الدكتور محمد حسين علي الصغير
الشيخ علي رضا بناهيان
السيد عبد الحسين دستغيب
الشيخ محمد مهدي النراقي
الشيخ محمد صنقور
السيد جعفر مرتضى
حسين حسن آل جامع
حبيب المعاتيق
فريد عبد الله النمر
عبدالله طاهر المعيبد
ناجي حرابة
أحمد الرويعي
حسين آل سهوان
أسمهان آل تراب
أحمد الماجد
علي النمر
وحيانيّة الفلسفة في الحكمة المتعالية (3)
دور العبادة وأسرارها الكبرى
(غيوم خارج الأفق)، أمسية شعريّة لنادي صوت المجاز
مَن أحبّ شيئًا لهج بذكره
(المهدوية، جدليّة الإيمان والمواجهة في الفكر العالميّ والضّمير الإنسانيّ) جديد الكاتب مجتبى السادة
وحيانيّة الفلسفة في الحكمة المتعالية (2)
الأطفال يبدأون التفكير منطقيًّا أبكر مما كان يعتقد
وقوع المجاز في القرآن (2)
سيكولوجية الكفر
المسلّمي يدشّن كتابه الجديد: (آداب المجالس الحسينيّة)