التعصيب
قال السنة: إذا كان للميت بنت وأخ، وليس له ابن ولا أب فتركته مناصفة بين الأخ والبنت، وإذا كان له بنتان فأكثر فلأخيه الثلث، والباقي للبنتين أو البنات... وهذي إحدى مسائل التعصيب الذي عقد الفقهاء له فصلاً خاصاً في باب الميراث. وقال الشيعة: التعصيب باطل من الأساس بشتى فروعه ومسائله، وإن التركة بكاملها للبنت أو البنات، وليس للأخ شيء لأن الولد ذكراً كان أو أنثى يأتي في الدرجة الأولى نسباً والأخ في الدرجة الثانية، والعم في الدرجة الثالثة.
العول
القاعدة في الإرث أن فرض الزوجة من ميراث زوجها الثّمن إن كان له ولد ذكراً كان أو أنثى، وللأبوين معاً الثلث وللبنتين الثلثان إذا لم يكن للميت ابن فإذا افترض أن كان للميت زوجة وأبوان وبنتان، ولا ابن له اجتمع على تركته من له الثمن، ومن له الثلث، ومن له الثلثان وبديهة أن التركة لا تتسع للثلث والثلثين والثمن، فإذا أخذ الأبوان الثلث، والبنتان الثلثين، لم يبق للزوجة شيء. وإذا أخذت الزوجة الثمن، دخل النقص على الأبوين أو البنتين، فماذا نصنع. وهذي إحدى مسائل العول الذي أطال الفقهاء الكلام عنه في باب الميراث، ومعنى العول هنا زيادة السهام على التركة. قال السنة: يدخل النقص على كل واحد بقدر سهمه، تماماً كأرباب الديون إذا ضاق مال المديون عن دينهم. وقال الشيعة: يدخل النقص على البنتين فقط.
المتعة
من معاني المتعة الزواج إلى أجل، وقد اتفق المسلمون قولاً واحداً السنة منهم والشيعة على أن الإسلام شرعها، ورسول اللّه أباحها، واستدلوا بالآية 34 من سورة النساء "فما استمتعتم به منهن فآتوهن أجورهن فريضة". وجاء في "صحيح البخاري" (7: كتاب النكاح): إن رسول اللّه قال لأصحابه في بعض حروبه: "قد أذن لكم أن تستمتعوا فاستمتعوا.. إيما رجل أو امرأة توافقا فعشرة ما بينهما ثلاث ليالٍ، فإن أحبّا أن يتزايدا أو يتتاركا تركا".
وفي "صحيح مسلم" (2: باب نكاح المتعة ص 623 - طبعة 1348 هجري) عن جابر بن عبد اللّه الأنصاري أنه قال: "استمتعنا على عهد رسول اللّه، وأبي بَكر، وعمر" وفي الصفحة نفسها حديث عن جابر، قال فيه: "ثم نهانا عنه عمر". وبعد أن اتفق المسلمون على شرعيتها وإباحتها في عهد رسول اللّه، اختلفوا في نسخها: وهل صارت حراماً بعد أن أحلها اللّه؟.
ذهب السنة إلى أنها نسخت، وحرمت بعد الإذن بها قال ابن حجر العسقلاني في كتاب "فتح الباري بشرح صحيح البخاري" (11: 70 طبعة 1959) "وردت عدة أحاديث صحيحة وصريحة بالنهي عن المتعة بعد الإذن بها" وجاء في الجزء السادس من كتاب "المغني" لابن قدامة ص 645، طبعة ثالثة، ما نصه بالحرف: قال الشافعي: "لا أعلم شيئاً أحله اللّه، ثم حرمه، ثم أحله ثم حرمه، إلا المتعة".
وقال الشيعة: أجمع المسلمون على إباحة المتعة، واختلفوا في نسخها. وما ثبت باليقين لا يزول بمجرد الشك والظن. وأيضاً استدلوا على عدم النسخ بأن الإمام الصادق سئل: "هل نسخ آية المتعة شيء قال: لا ولولا ما نهى عنها عمر، ما زنى إلا شقي" وأن كثيراً من الناس يحسبون المتعة ضرباً من الزنا والفجور، جهلاً بحقيقتها، ويعتقدون أن ابن المتعة، عند الشيعة، لا نصيب له من ميراث أبيه، وأن المتمتع بها لا عدة لها وأنها تستطيع أن تنتقل من رجل إلى رجل إن شاءت.. ومن أجل هذا استقبحوا المتعة، واستنكروها وشنعوا على من أباحها.
والواقع أن المتعة عند الشيعة الاثني عشرية كالزواج الدائم، لا تتمّ إلا بالعقد الدال على قصد الزواج صراحة، وأن المتمتع بها يجب أن تكون خالية من جميع الموانع، وأن ولدها كالولد من الدائمة في وجوب التوارث، والإنفاق وسائر الحقوق المادية والأدبية وأن عليها أن تعتد بعد انتهاء الأجل مع الدخول بها، وإذا مات زوجها وهي في عصمته، اعتدت كالدائمة من غير تفاوت إلى غير ذلك من الآثار والأحكام.
وقال الشيعة: تجب الصلاة على النبي وآله في الصلاة ومن لا يصلي عليه وعليهم فيها فلا صلاة له، واستدلوا بالآية 56 من سورة الأحزاب: ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾ معطوفاً عليها الحديث الذي رواه البخاري في صحيحه ج 8، كتاب الدعوات، باب الصلاة على النبي وهذا نصه بالحرف: "كيف نصلي عليك - يا رسول اللّه - فقال: قولوا: "اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على آل إبراهيم، إنك حميد مجيد".
وقال السنة: لا تجب الصلاة على آل محمد في الصلاة وبالأولى في غيرها. أما الصلاة على محمد دون آله فهي فرض عند الشافعية والحنابلة، وتبطل الصلاة بتركها، وهي سنة راجحة عند الحنفية والمالكية، وتصح الصلاة بتركها. ج 1 ميزان الشعراني، باب صفة الصلاة. و ج 1 المغني لابن قدامى، مسألة التشهد.
تاريخهم السياسي
إن الارتباط وثيق جداً بين تاريخهم السياسي، وبين ملوك بني بويه، والأمراء الحمدانيين، وملوك إيران من عهد الصفويين إلى اليوم، وذكرنا ما يتصل بذلك في كتاب "الشيعة والتشيع" أما الفاطميون فقد كانوا من الإسماعيلية لا من الاثني عشرية. ولا بد للمؤرخ لهذه الفرقة أن يدخل في حسابه الإمارات المستقلة - غير أمراء الأقطاع - كإمارة بني عمار الذين حكموا طرابلس الشام من أواسط القرن الخامس الهجري إلى سنة 502 حين أخذها منهم الصليبيون.
وأيضاً عليه أن ينظر إلى من تولى الوزارة من هذه الفرقة لدول غير شيعية، كالعلقمي وزير المستعصم العباسي، وابن الفرات وزير المقتدر. وأيضاً ينبغي أن يقف طويلاً عند الحوادث والحركات الثورية التي قام بها الشيعة الاثنا عشرية، للانتفاض على السلطة الحاكمة طلباً للحرية والعدالة، كثورة العراقيين ضد الإنكليز سنة 1920 م وموقف علمائهم من حكام الجور.
تاريخهم الثقافي
أما آثارهم الثقافية فيستطيع الباحث أن يعرفها بالحس واليقين، لا بالحدس والتخمين، فهذه المكتبة الإسلامية العربية منها، وغير العربية تغص في مؤلفاتهم من كل فن، وقد ذكرنا طرفاً منها في كلمتنا عن آل البيت، أما منهجهم في البحث والتأليف فهو الاجتهاد ومنطق العقل، قال الدكتور توفيق الطويل المصري في كتاب "أسس الفلسفة" ص 390 طبعة 1955: ورأي كارادي فو "أن التشيع رد فعل لفكر حر طليق كان يقاوم جموداً عقلياً بدا في مذهب أهل السنة" وفي ص 391: "كان للشيعة فضل ملحوظ في إغناء المضمون الروحي للإسلام، فبمثل حركاتهم الجامعة تأمن الأديان التحجر في قوالب جامدة".
وقال الشيخ مصطفى عبد الرازق شيخ الأزهر في كتاب تمهيد لتاريخ الفلسفة الإسلامية ص 202 طبعة 1959: "إن النزوع إلى تدوين الفقه كان أسرع إلى الشيعة من سائر المسلمين" وقدمنا أن الذهن يتجه عند سماع لفظة الشيعة إلى الاثني عشرية.
وقال الأديب أحمد أمين المصري في كتاب "يوم الإسلام" ص 89 طبعة 1958: "وكان الطوسي - أي الخواجا نصير - أسبق من أينشتين في فهم الزمنية".
وفي مجلة المجلة المصرية عدد تشرين الثاني سنة 1964 مقال بعنوان "نظرة جديدة في الفلسفة الإسلامية" جاء فيه "صدر في هذه السنة الجزء الأول من تاريخ الفلسفة الإسلامية تأليف "هنري كوربان" الأستاذ بالمدرسة العلمية للدراسات العليا في كلية الآداب بالسوربون، وقد أعطى المؤلف الشيعة نصيب الأسد في تطور الفلسفة الإسلامية، والكثير من آرائها واتجاهاتها.. وكذلك أعطى أهمية كبرى لميرداماد، وملا محسن الفيض، وعبد الرزاق هيجي، وقاضي سعيد القمي، وصدر الدين الشيرازي، وسيد حيدر آملي، والجلال الرواني، وابن كمونه، ومحمود شبسري".
بلدانهم وعددهم
إن إحصاء البلدان والنفوس من الموضوعات العلمية التي تعتمد على الاستقراء والمشاهدات، ولا نعرف أحداً أحصى بلدان هذه الفرقة وعددهم على هذا الأساس لنعتمد عليه، وننقل عنه ولكن الذي لا شك فيه أنهم من الفرق الكبرى في الإسلام، ويأتون بعد السنة من حيث العدد بلا فصل، وأن العراق وإيران والبحرين والأحساء والقطيف أكثرهم منهم.
وهم في لبنان من الطوائف الأولى، ويشعرون فيه بحريتهم وكرامتهم، لأن لبنان من حيث هو بلد الحرية والكرامة، ولهم في هذا البلد تاريخ مجيد، ويعيش العدد الكبير من الاثني عشرية في أكثر البلاد الإسلامية كسورية والحجاز، واليمن، وقطر، ومسقط، وعمان، والكويت ومنهم نواب في المجلس بتركيا...
ولا يخلو مكان منهم في أفغانستان، وبعثات الأفغانيين الدينية إلى النجف الأشرف مستمرة منذ القديم. وقال لي أديب أندنوسي اثنا عشري، وعالم من علماء النجف أقام أمداً غير قصير في أندنوسيا، قالا: إن عدد الاثني عشرية هناك يبلغ نحواً من خمسة ملايين.
ويوجد منهم عدد غير قليل في البانيا، أما الصين فقال الشيخ المظفر في تاريخ الشيعة: إن فيها 11 مليوناً، وفي روسيا 10 ملايين، وقال صاحب أعيان الشيعة: إنهم في الهند 30 مليوناً. وفي الجزء الأول من دائرة المعارف الإسلامية الشيعية التي يصدرها الأستاذ الكبير السيد حسن الأمين باللغة الإنكليزية - إن عدد الشيعة اليوم يبلغ حوالي مائة وخمسين مليوناً يقيمون في شرق الأرض وغربها.
وقال الشيخ محمد أبو زهرة المصري في آخر كتاب الإمام جعفر الصادق: لقد نما المذهب الجعفري، وانتشر لأسباب:
1- إن باب الاجتهاد مفتوح عند أهله.
2- إن المذهب الجعفري قد انتشر في أقاليم مختلفة الألوان من الصين إلى بحر الظلمات، حيث أوروبا وما حولها، وتفريق الأقاليم التي تتباين عاداتهم وتفكيرهم وبيئاتهم الطبيعية والاقتصادية والاجتّماعية والنفسية. إن هذا يجعل المذهب كالنهر الجاري في الأرضين المختلفة الألوان يحمل في سيره ألوانها وأشكالها من غير أن تتغير في الجملة عذوبته.
3- كثرة علماء المذهب الذين يتصدون للبحث والدراسة وعلاج المشاكل المختلفة، وقد آتى اللّه ذلك المذهب من هؤلاء العلماء عدداً وفيراً عكفوا على دراسته، وعلاج المشاكل على مقتضاه.
الشيخ محمد مهدي الآصفي
محمود حيدر
الشيخ محمد جواد مغنية
السيد جعفر مرتضى
السيد عادل العلوي
عدنان الحاجي
الشيخ جعفر السبحاني
الشيخ محمد صنقور
حيدر حب الله
السيد عباس نور الدين
حبيب المعاتيق
حسين حسن آل جامع
شفيق معتوق العبادي
جاسم بن محمد بن عساكر
عبدالله طاهر المعيبد
رائد أنيس الجشي
ناجي حرابة
الشيخ علي الجشي
السيد رضا الهندي
عبد الوهّاب أبو زيد
أصل وحدة الأمّة في القرآن
رياضة النفس: تعريفها وأغراضها المتوسطة والنهائية
العقل بوصفه اسمًا لفعل (2)
الاثنا عشريّة وأهل البيت عليهم السلام (4)
العوامل المساعدة على انتصار الإسلام وانتشاره (4)
لوازم الأنس الإلهي (2)
حدبة الظّهر والوقاية منها
الدين والعقل ومذهب التفكيك بينهما
لوازم الأنس الإلهي (1)
الأرض في القرآن كرويَّة أم مسطَّحة؟