لم يكف الطّاعنون بالنّبيّ ما فعلوا فزادوا عليه قولهم: إنه قد كان للنبي «صلى الله عليه وآله» عدو من شياطين الجن يسمى الأبيض، كان يأتيه في صورة جبرئيل، ولعله هو الشيطان الذي أعانه الله عليه فأسلم ـ كما يقولون (١).
وشيطانه هذا الذي أسلم كان يجري منه مجرى الدم (٢).
وكان يدعو الله بأن يخسأ شيطانه؛ فلما أسلم ذلك الشيطان ترك ذلك (٣).
ورووا أنه عرض للنبي «صلى الله عليه وآله» في صلاته قال: فأخذت بحلقه فخنقته فإني لأجد برد لسانه على ظهر كفي (٤).
ويروون أيضًا: أنه «صلى الله عليه وآله» قد صلى بهم الفجر، فجعل يهوي بيديه قدامه، وهو في الصلاة؛ وذلك لأن الشيطان كان يلقي عليه النار؛ ليفتنه عن الصلاة (٥).
ونقول:
ونحن لا نشك في أن هذا كله من وضع أعداء الدين؛ بهدف فسح المجال أمام التشكيك في النبوة، وفي الدين الحق، وقد أخذه بعض المسلمين ـ لربما ـ بسلامة نيّة، وحسن طويّة، وبلا تدبر أو تأمل، سامحهم الله، وعفا عنهم.
والغريب في الأمر: أننا نجدهم في مقابل ذلك يروون عنه «صلى الله عليه وآله» قوله لعمر: «والذي نفسي بيده ما لقيك الشيطان قط سالكًا فجًّا، إلا سلك فجًّا غير فجك» (٦)، وقوله له: «إن الشيطان ليخاف أو ليفرق منك يا عمر» (٧) وقوله : «إن الشيطان لم يلق عمر منذ أسلم إلا خر لوجهه» (٨).
وعن مجاهد: كنا نتحدث، أو نحدث: أن الشياطين كانت مصفدة في إمارة عمر، فلما أصيب بثّت (٩).
وصارع عمر الشيطان مرات، وفي كل مرة يصرعه عمر (١٠).
هذا عمر! وهذه حالة الشيطان معه! وذلك هو نبي الإسلام الأعظم «صلى الله عليه وآله»، وتلك هي حالته مع الشيطان عند هؤلاء الذين تروق لهم مثل هذه الترهات، ويتقبلونها من أعداء الإسلام، والمتاجرين به بسذاجة هي إلى الغباء أقرب.
فهم يقولون هذا عن رسول الله «صلى الله عليه وآله»، مع أنهم يدعون: أن الملائكة قد أجرت له «صلى الله عليه وآله»، خمس عمليات جراحية في صدره، لكي تخلصه من حظ الشيطان، كما في الحديث المزعوم عن شق صدره الشريف.
ولربما يكون الدافع لدى بعضهم أن يجد لأبي بكر الذي قال حين أصبح خليفة: إن له شيطانًا يعتريه أن يجد له نظيرًا، ولكن من مستوى لا يدانى ولا يجارى؛ فوقع اختياره على النبي الأعظم «صلى الله عليه وآله»، ليكون هو ذلك النظير؛ فإنا لله وإنا إليه راجعون.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(١) السيرة الحلبية ج ١ ص ٢٥٣ ، وراجع : إحياء علوم الدين ج ٣ ص ١٧١ وفي هامشه عن مسلم ، والغدير ج ١١ ص ٩١ عنه ، والمواهب اللدنية ج ١ ص ٢٠٢ ، ومشكل الآثار ج ١ ص ٣٠ ، وراجع حياة الصحابة ج ٢ ص ٧١٢ عن مسلم وعن المشكاة ص ٢٨٠ وراجع : المحجة البيضاء ج ٥ ص ٣٠٢ ـ ٣٠٣.
(٢) مشكل الآثار ج ١ ص ٣٠.
(٣) المصدر السابق.
(٤) مسند أبي يعلى ، ج ١ ص ٥٠٦ و ٣٦٠ ومسند أبي عوانة ج ٢ ص ١٤٣ والسنن الكبرى ج ٢ ص ٢٦٤ ومسند أحمد ج ٢ ص ٢٩٨ وأخرجه البخاري في مواضع من صحيحه ، وثمة مصادر كثيرة أخرى وراجع الغدير ج ٨ ص ٩٥.
(٥) المصنف ج ٢ ص ٢٤ ، وراجع : البخاري ط سنة ١٣٠٩ ه ج ١ ص ١٣٧ ، وج ٢ ص ١٤٣.
(٦) صحيح مسلم ج ٧ ص ١١٥ ، والبخاري ط سنة ١٣٠٩ ه ج ٢ ص ١٤٤ و ١٨٨ ، ومسند أحمد ج ١ ص ١٧١ و ١٨٢ و ١٨٧. والرياض النضرة ج ٢ ص ٢٩٩ وشرح النهج للمعتزلي ج ١٢ ص ١٧٨ والغدير ج ٨ ص ٩٤.
(٧) صحيح الترمذي كتاب ٤٦ باب ١٧ وفيض القدير عنه وعن أحمد وابن حبان وراجع تاريخ عمر ص ٣٥ والغدير ج ٨ ص ٩٦.
(٨) عن فيض القدير ج ٢ ص ٣٥٢ عن الطبراني وابن مندة ، وأبي نعيم ، والإصابة ج ٤ ص ٣٢٦ عنهم.
(٩) منتخب كنز العمال ، هامش مسند أحمد ج ٤ ص ٣٨٥ ـ ٣٨٦ ، عن ابن عساكر وحياة الصحابة ج ٣ ص ٦٤٧ عن المنتخب.
(١٠) حياة الصحابة ج ٣ ص ٦٤٦ عن مجمع الزوائد ج ٧ ص ٧١ عن الطبراني وصحح بعض طرقه ، وعن أبي نعيم في الدلائل ص ١٣١.
السيد محمد حسين الطهراني
محمود حيدر
عدنان الحاجي
الدكتور محمد حسين علي الصغير
الشيخ علي رضا بناهيان
السيد عبد الحسين دستغيب
الشيخ محمد مهدي النراقي
الشيخ محمد صنقور
السيد جعفر مرتضى
الشيخ ناصر مكارم الشيرازي
حسين حسن آل جامع
حبيب المعاتيق
فريد عبد الله النمر
عبدالله طاهر المعيبد
ناجي حرابة
أحمد الرويعي
حسين آل سهوان
أسمهان آل تراب
أحمد الماجد
علي النمر
مَن أحبّ شيئًا لهج بذكره
(المهدوية، جدليّة الإيمان والمواجهة في الفكر العالميّ والضّمير الإنسانيّ) جديد الكاتب مجتبى السادة
وحيانيّة الفلسفة في الحكمة المتعالية (2)
الأطفال يبدأون التفكير منطقيًّا أبكر مما كان يعتقد
وقوع المجاز في القرآن (2)
سيكولوجية الكفر
المسلّمي يدشّن كتابه الجديد: (آداب المجالس الحسينيّة)
زكي السالم: (معارض الكتاب بين فشخرة الزّائرين ونفخرة المؤلّفين)
لا تجعل في قلبك غلّاً
قانون معرفة الفضائل الكلي