مقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
السيد عبد الحسين دستغيب
عن الكاتب :
ولد السيد دستغيب في مدينة شيراز، عام 1331هـ، أنهى مرحلة المقدمات من الدراسة في سن الطفولة، ثمّ أنهى مرحلة السطوح، وأصبح إمامًا لمسجد باقر خان في شيراز وأخذ يمارس الهداية والإرشاد، هاجر إلى النجف الأشرف عام 1353هـ، وحاز على درجة الاجتهاد، عاد إلى شيراز وأصبح ممثلاً للإمام الخميني في محافظة فارس وإماماً للجمعة في مدينة شيراز، ثمّ نائباً عن محافظة فارس في مجلس الخبراء، استشهد عام 1401هـ جرّاء انفجار وهو في طريقه الى أداء صلاة الجمعة، له كثير من المؤلّفات منها: القصص العجيبة، الذنوب الكبيرة، القلب السليم، النفس المطمئنة...

التّوحيد والمحبّة

الشخص الموحّد الذي علم يقيناً بأن المنعم عليه وعلى جميع المخلوقات هو الله وحده، وأن أي شيء وصله من أي مخلوق هو من الله والأسباب مسخرة له، يجب أن يكون علاقته القلبية وحبه لله وحده.

 

وأي مخلوق لا يحبه بالاستقلال، وحبه لغير الله يجب أن يكون من جهة أن هذا المخلوق محبوب الله (حب محبوب الله حب لله) وحبه مورد أمر الله، مثل الملائكة والأنبياء والأئمة والمؤمنين والدار الآخرة، والجنة، أو من جهة أن هذا المخلوق هو نعمة وعطاء الرب، وبواسطة شكره يستطيع أن يرضي الرب ويقترب منه، مثل المرأة والأطفال والمال، بل يحب أصل الحياة الدنيوية التي يستطيع فيها أن يحصل على المعرفة والعبودية، وفي أي وقت أحب مخلوقاً بالاستقلال – يعني لا من أجل الله – فقد ابتلي بمرتبة من الشرك.

 

لكن المستفاد من الآيات والروايات، أن حب غير الله إذا كان أشد وأكثر من حب الله – بحيث يرجح غير الله عند التزاحم – فذاك شرك وحرام، ويستحق لأجله العقوبة، مثل من يحب ماله أكثر من حب الله، بنحو لا يكون مستعداً لصرفها في الموارد التي أوجبها الله.

 

وهذا المطلب فصلناه في بحث حب الدنيا من كتاب (القلب السليم). على القارئ العزيز مراجعته.

 

الشيء الذي يلزم التذكير به في المقام، هو أن طالب السعادة يجب أن يسعى لأن لا يكون في قلبه حب استقلالي لأي مخلوق، وشواهد المطلب كثيرة نكتفي بنقل ثلاث روايات:

 

  1. سئل أبو عبدالله (عليه السلام) عن قوله تعالى: {إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ} [الشعراء : 89]. فقال (عليه السلام): (القلب السليم الذي يلقى ربه وليس فيه احد سواه). وقال (عليه السلام): (وكل قلب فيه شرك أو شك فهو ساقط).
     
  2. قال أبو عبدالله (عليه السلام): (لا يمحض رجل الإيمان بالله حتى يكون الله أحب إليه من نفسه وأبيه وأمه وولده وأهله وماله ومن الناس كلهم.
     
  3. روي أن سليمان رأى عصفوراً يقول لعصفورة: لم تمنعين نفسك مني ولو شئت أخذت قبة سليمان بمنقاري فألقيتها في البحر! فتبسم سليمان من كلامه، ثم دعاهما وقال للعصفور: أتطيق أن تفعل ذلك، فقال: لا يا رسول الله، ولكن المرء قد يزين نفسه ويعظمها عند زوجته، والمحب لا يلام على ما يقول، فقال سليمان للعصفورة: لم تمنعينه من نفسك وهو يحبك؟ فقالت يا نبي الله إنه ليس محباً ولكنه مدع، لأنه يحب معي غيري. فأثر كلام العصفورة في قلب سليمان (عليه السلام) وبكى بكاء شديداً، واحتجب عن الناس أربعين يوماً يدعو الله أن يفرغ قلبه لمحبته، وأن لا يخالطها بمحبة غيره.
     

التوحيد والشرك في الطاعة:

 

الشخص المؤمن بعد أن علم يقيناً أن الخالق والرازق والمدبر والمربي له ولسائر المخلوقات واحد لا شريك له في أية مرتبة من مراتب الألوهية وشؤون الربوبية، فبحكم العقل والإيمان لا ينبغي أن يتخذ غيره في مقام الإطاعة والامتثال آمراً، بل يعتقد أنه وحده لازم الإطاعة، يستوي في ذلك هو وسائر المخلوقات، التي هي جميعاً مخلوقة وعاجزة وضعيفة ولا شيء لها من ذاتها. {وَلَا يَمْلِكُونَ لِأَنْفُسِهِمْ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا وَلَا يَمْلِكُونَ مَوْتًا وَلَا حَيَاةً وَلَا نُشُورًا} [الفرقان: 3] .

 

وبما أن المنعم عليه وعلى سائر المخلوقات هو الذات الأحدية فقط، إذن فإن سيده ووليه وولي سائر المخلوقات هو الله فقط، لا يرى غيره حاكما والولاية له لا غير.

 

نعم، كل من عينه الله وأعطاه الولاية وأمر الخالق بالرجوع إليه، فهو واجب الإطاعة قهراً؛ لأن الله عينه.

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد