مقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
الشيخ علي رضا بناهيان
عن الكاتب :
ولد في عام 1965م. في مدينة طهران وكان والده من العلماء والمبلغين الناجحين في طهران. بدأ بدراسة الدروس الحوزوية منذ السنة الدراسية الأولى من مرحلة المتوسطة (1977م.) ثم استمرّ بالدراسة في الحوزة العلمية في قم المقدسة في عام 1983م. وبعد إكمال دروس السطح، حضر لمدّة إثنتي عشرة سنة في دروس بحث الخارج لآيات الله العظام وحيد الخراساني وجوادي آملي والسيد محمد كاظم الحائري وكذلك سماحة السيد القائد الإمام الخامنئي. يمارس التبليغ والتدريس في الحوزة والجامعة وكذلك التحقيق والتأليف في العلوم الإسلامية.

إلى هذه الدّرجة الوقت قصير وعابر؟

قد يقول لك صغيرك: أريد بوظة، فإن كان صغيرًا جدًّا وقلت له: الآن لا أستطيع يا بنيّ، غدًا سأشتري لك بدل البوظة عشرة. فلن يقبل منك! لماذا؟ لأنّه لا يدرك معنى الغد، فالغد عنده يعني: الوقت الذي لن يأتي!.

 

فإذا كبر قليلاً وقلت له: غدًا أشتري لك. سيقبل، أمّا إذا قلت له: شأشتري لك بعد شهر. فلن يقبلها منك، لأنّه لا يدرك معنى "الشّهر"، فالشّهر عنده يعني: الوقت الذي لن يأتي!.

 

ثمّ شيئًا فشيئًا، يبدأ الإنسان يدرك معنى الشّهر والسّنة والعشر سنين... إلخ. وهكذا يستمرّ هذا التّطوّر، لكن يبدو أنّه يتوقّف عند الكثيرين في حدّ معيّن لا يعودون يتطوّرون بعده!.

 

فمهما يقول الله تعالى: سأعطيك ما تريد بعد انتهاء عمرك. يقول: يعني أنّك لن تعطينه أبدًا!.

 

  • انظر، هذا لا يعني أنّي لن أعطيك، بل سأعطيك إيّاه بعد خمسين عامًا!.
     

فيقول: هذا يعني أنّك لن تعطينه أبدًا!.

 

  • يا هذا، الخمسون عامًا هي مدّة من الزّمن لها نهاية، فافهم!.
     

يقول: لا أعي ما تقول.

 

فكما لا يدرك الطّفل الصّغير معنى "الغد" فإنّ معظمنا لا يدرك معنى عبارة "بعد العمر". والسّبب في عجزنا عن استيعاب معنى الخمسين عامًا، أو أكثر، هو أنّنا لا ندرك أنّ الزّمن قصير، بل نتصوّره طويلًا، وهو تصوّر لا يعدو كونه أمنية من أمانينا لا واقع لها! أي: لأنّنا نتمنّى أن يطول عمرنا، فإنّنا نتصوّره طويلاً فعلاً... ما أعجبنا من مخلوقات!.

 

روي عن أمير المؤمنين عليه السّلام أنّه قال: المدّة وإن طالت قصيرة. "أمالي الصّدوق: ص 108". يعني ليس ثمّة زمان طويل، فالزّمان أساسًا هو قصير، وروي أنّ جبرئيل عليه السّلام قال لنوح عليه السّلام: يا أطول الأنبياء عمرًا، كيف وجدت الدّنيا؟ قال: كدار لها بابان دخلت من أحدهما وخرجت من الآخر. (من دون المكوث فيها) "تنبيه الخواطر: ج 1 ص 131".

 

فالزّمان قصير، وإنّ عدم التفاتنا إلى هذا القِصر لا يغيّر من الواقع شيئًا. فلنكفّ إذًا عن خداع أنفسنا، ولنعرف الزّمان حقّ معرفته. لكنّنا يومًا ما سندرك معنى (قِصر الزّمان) شئنا أم أبينا، لكن في ذلك الحين لن يكون الوقت نهارًا، بل سيكون ليلاً، إنّها ليلتنا الأولى في القبر!.  

 

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد