عن النبيِّ (صلى الله عليه وآله): «إنَّ اللهَ تعالى نصبَ في السماءِ السابعةِ ملَكاً يُقال له الداعي، فإذا دخلَ شهرُ رجب، نادى ذلك الملَكُ كلَّ ليلةٍ منه إلى الصباح يقولُ: “طوبى للذاكرين، طوبى للطائعين” -يعني هنيئاً-، ويقولُ اللهُ تعالى: “أنا جليسُ من جالَسَني، ومطيعُ من أطاعَني، وغافرُ من استغفرَني. الشهرُ شهري والعبدُ عبدي.. والرحمةُ رحمتي، فمنْ دعاني في هذا الشهرِ، أجبتُه وجعلتُ هذا الشهرَ حبلاً بيني وبينَ عبادي، فمن اعتصمْ به وصلَ إليّ”».
تمتازُ بدايةُ شهرِ رجبٍ الحرامِ بأنّها بدايةُ أشهرِ النورِ والتي ينظرُ إليها الصالحون على أنّها عيدُ أولياءِ اللّهِ؛ لأنّها موسمُ المناجاةِ والتضرّع والتوجّه إلى ربِّ الأربابِ.
يقولُ الإمامُ الخامنئيُّ (دام ظلّه) واصفاً خصوصيةَ السكينةِ في شهرِ رجب: «نترقّبُ حلولَ شهرِ رجبٍ المرجَّبِ، شهرِ الذكرِ والدعاءِ والعبادةِ، مستحضرينَ معنى هذه الآيةِ الكريمةِ: ﴿هُوَ الَّذِي أَنزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَّعَ إِيمَانِهِمْ وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَكَانَ اللهُ عَلِيمًا حَكِيمًا﴾، حيث إنَّ السكينةَ تعنى الهدوءَ والطمأنينةَ. إنّ شهرَ رجبٍ هو شهرُ جَلاءِ القلوبِ وتطهيرِ الرُّوحِ، شهرُ التوسُّلِ والخشوعِ والذِّكرِ والتوبةِ، وصَقْلِ النفْسِ وجلائها من المعاصي والذنوبِ والآثامِ».
ويؤكّد الميرزا جواد الملكي التبريزي (قدس سره) على أنّ خصوصيةَ كونِ شهرِ رجبٍ من الأشهرِ الحُرمِ تعني أنّ على السالكِ أنْ يعرفَ معنى الشهرِ الحرامِ وحقّه حتى يراقبَه في حركاتِه وسكناتِه ، بل وخطراتِ قلبِه.
ورفعةُ درجةِ العبادةِ ترتبطُ بمدى توجُّهِ الإنسانِ للهِ عزَّ وجلَّ فيها، والانصرافِ عن غيرِه، وقد وردَ عن أميرِ المؤمنينَ (عليه السلام) أنَّهُ قالَ: «طوبى لِمنْ أخلصَ للّهِ العبادةَ والدعاءَ، فلم يُشغلْ قلبَه بما ترى عيناه، ولم ينسَ ذكرَ الله بما تسمعُ أُذناه، ولم يُحزنْ صدرُه بما أُعطي غيرُه».
فانشغالُ تفكيرِ الإنسانِ بسببِ الحواسِ من السمعِ والبصرِ يحولُ بينَه وبينَ تمامِ الالتفاتِ إلى اللهِ عزَّ وجلَّ، وعلاجُ ذلك أنْ يُفكِّرَ الإنسانُ في الواهبِ والمعطي لكلِّ ما يملكُه، ويُلاحظُ في سيرةِ العارفِ الملكي التبريزي (قدّس سرّه) اهتمامُه البالغُ بأن تكونَ العبادةُ للهِ عزَّ وجلَّ بنيّةِ الشكرِ له على عظيمِ آلائِه والمحبةِ له على جميلِ صنعِه، وذلك من خلالِ استحضارِ الإنسانِ للنعمِ التي منحَها اللهُ له فيتجهُ بقلبِه شاكراً للهِ في أدائِه للعبادات.
ويذكرُ الإمامُ الخمينيُّ (قدّس سرّه) صفةَ حضورِ القلبِ في العبادةِ، فيقول: «من الآدابِ القلبيّةِ المهمّةِ الذي يُمكنُ أنْ يكونَ كثيرٌ من الآدابِ مقدّمةً له، والعبادةُ بدونِه ليس لها روحٌ، وهو بنفسِه مفتاحُ قفلِ الكمالاتِ وبابُ أبوابِ السّعاداتِ، وقلّما ذُكرَ في الأحاديثِ الشريفةِ شيءٌ بهذه المثابةِ، وقلّما اهتُمّ بشيءٍ من الآدابِ كهذا الأدبِ، حضور القلب».
وفي شهرِ رجبٍ مناسباتٌ جليلةٌ، وممّا نقرأُه في دعاءِ أيّامِ رجب: «اللّهمّ إنّي أسألكُ بالمولودَين في رجبٍ؛ محمّدٍ بنِ عليِّ الثاني وابنِه عليٍّ بنِ محمّدٍ المُنتجَب». فهذا شهرٌ تقعُ في بدايتِه ذكرى ولادةِ الإمامِ الجوادِ، وذكرى ولادة الإمام الهادي (عليهما السلام)، نسألُ اللهَ أنْ يجعلَهما شفيعَيْنِ لنا في يومِ القيامة.
ـــــــ
شبكة المعارف الإسلامية
الشيخ محمد مهدي الآصفي
الشيخ محمد جواد البلاغي
حيدر حب الله
الشيخ جعفر السبحاني
الشيخ محمد علي التسخيري
الشيخ باقر القرشي
السيد محمد حسين الطهراني
السيد عبد الأعلى السبزواري
السيد جعفر مرتضى
الشيخ حسن المصطفوي
عبدالله طاهر المعيبد
حسين حسن آل جامع
حبيب المعاتيق
ناجي حرابة
فريد عبد الله النمر
أحمد الرويعي
حسين آل سهوان
أسمهان آل تراب
أحمد الماجد
علي النمر
عوائق وعوامل صعود الأعمال
{وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا لَهُمْ ..}
النص القرآني: المكانة والدّور
مشاهير مفسري الشيعة في القرنين الخامس والسادس (1)
منهج أهل البيت (ع) في بناء الإنسان الكامل (1)
وصايا النبي (ص) التربوية إلى الإمام أمير المؤمنين (ع) (1)
(عصمة الرسول الأعظم في القرآن الكريم) كتاب جديد للسّيد ضياء الخباز
اختيار النبيّ (ص) لخديجة (ع)
المذاهب الأخلاقية
معنى أن الأئمة (ع) وجه الله