كلنا نحب أنفسنا وذواتنا رجالاً ونساء، شيوخًا وأطفالاً، أتقياء وأشقياء.. وأي إنسان لا يحرص على حياته، ويدافع عن وجوده وكيانه؟. ولولا هذا الحب لما استمر وجود الحياة، ولا نمت وتقدمت.. أبدًا لا فرق في حب الذات بين إنسان وإنسان، وإنما الفرق في نوع هذا الحب:
فمنه القائم على أساس الفطرة والعقل والوجدان.. ويستدل على وجود هذا الحب المهذب بتعفف الإنسان عن حق غيره، وقناعته بما كتب له من كد اليمين وعرق الجبين، وبالتعاون مع كل من يأمل فيه الخير والنفع للناس بجهة من الجهات، بل وبالإيثار وبالتضحية أيضًا لأن من يعطي ويضحي لوجه اللَّه والحق فقد أحب نفسه، وعمل لها من حيث يريد أو لا يريد، لأن اللَّه لا يضيع أجر من أحسن عملاً، وكذلك المجتمع فإنه يمجد ويعظم من يضحي من أجله.
ومن حب الذات ما يطغى على العقل والدين والوجدان.. ويستدل على هذا الحب المفترس بالطمع والجشع الذي لا يري صاحبه همًّا غير همه، ولا نفعًا غير نفعه ونفع ذويه، وهذا لا يجدي معه أي منطق حتى الحس والمشاهدة والعيان، تمامًا كما قال تعالى: «لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِها ولَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِها ولَهُمْ آذانٌ لا يَسْمَعُونَ بِها أُولئِكَ كَالأَنْعامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولئِكَ هُمُ الْغافِلُونَ» -[178 . . الأعراف] وهؤلاء موجودون في كل زمان ومكان، ومنهم الذين أشار إليهم بقوله:
1 - (وقالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنا مِنَ الأَرْضِ يَنْبُوعاً) [الإسراء: 90]. اقترح المترفون من المشركين على رسول اللَّه أن يفجر لهم لا لغيرهم - لنا - أنهارًا أو عيونًا ليزدادوا مكاسب وأرباحًا وتحكمًا بالمعوزين والمستضعفين، فقد روي أن عتاة قريش ومترفيها قالوا: يا محمد إن أرض مكة ضيقة فأزح جبالها، وفجر لنا عيونًا لننتفع بالأرض.
2 - (أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وعِنَبٍ فَتُفَجِّرَ الأَنْهارَ خِلالَها) [الإسراء: 91] - أي بينها - تَفْجِيراً. وإذا لم تفجر الأرض لنا عيونًا ففجرها لك - على الأقل - كي تكون كفؤًا للمناصب الشريفة العالية، أما ويدك فارغة من المال فعليك أن تسمع لأهل المال وتطيع.. وهكذا ذهب بهم التفكير المالي إلى أن المال وحده هو الذي يجعل صاحبه كفؤًا لتولي القيادة والسيادة.. ولم يدركوا أن رسالة محمد (ص) هي ثروة الإنسانية وحياتها وعظمتها، وأن محمدًا رحمة مهداة إلى أهل الأرض لينقذهم من الفقر والجهل، والظلم والطغيان.. وأنّى لعبدة المال وصرعى المطامع أن يدركوا الرحمة والحق والخير؟.
3 - (أَوْ تُسْقِطَ السَّماءَ كَما زَعَمْتَ عَلَيْنا كِسَفاً أَوْ تَأْتِيَ بِاللَّهِ والْمَلائِكَةِ قَبِيلاً). [الإسراء: 92] اقترحوا عليه أن يفجر الأرض ينبوعًا لهم أو له، فإن لم يكن هذا أو ذاك فليأتهم بالعذاب من السماء أو باللَّه والملائكة يشهدون له بالنبوة والرسالة.. وهذا أيضًا من وحي تفكيرهم في أن المنصب الشريف حق للأغنياء دون الفقرا ، والدليل على هذا التفكير أنهم علقوا إيمانهم بمحمد على أمر يرونه محالاً.. ومن الواضح أن التعليق على المحال معناه الإصرار وعدم التنازل عن طلبهم لتفجير الأرض ينبوعًا، تمامًا كما لو قلت: لا أفعل هذا حتى يلج الجمل في سم الخياط.
4 - (أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِنْ زُخْرُفٍ) [الإسراء: 93] مبني من الذهب، أو مزين ومنقوش به.. وهذا أيضًا من التفكير المالي (أَوْ تَرْقى فِي السَّماءِ) [ الإسراء: 93] وهو من التعليق على المحال أيضًا بزعمهم، ومعناه الإصرار على أن المال هو المبرر الوحيد لتولي المنصب الشريف كما أشرنا.
(ولَنْ نُؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنا كِتاباً نَقْرَؤُهُ) [ الإسراء: 93]. قال بعض المفسرين الجدد، معلقًا على هذا بقوله: «وتبدو طفولة الإدراك والتصور كما يبدو التعنت في هذه المقترحات الساذجة». كلا، ليست هذه بطفولة، ولا هي بسذاجة، وإنما هي من وحي الترف الفاسد، والامتيازات الجائرة، والسلب والنهب، وعبادة المال، ولا شيء أدل على ذلك من اقتراحهم وشرطهم لاتباع الرسول أن يكون له من بيت من ذهب.. معبودهم الأول، ومثلهم الأعلى (قُلْ سُبْحانَ رَبِّي هَلْ كُنْتُ إِلَّا بَشَراً رَسُولاً) [ الإسراء: 93] يأتمر بأمر من أرسله، وينتهي بنهيه.
الشيخ شفيق جرادي
الشيخ محمد جواد مغنية
الشيخ محمد صنقور
د. سيد جاسم العلوي
عدنان الحاجي
حيدر حب الله
الشيخ ناصر مكارم الشيرازي
الشيخ محمد مصباح يزدي
السيد محمد حسين الطهراني
محمود حيدر
حسين حسن آل جامع
فريد عبد الله النمر
أحمد الرويعي
حبيب المعاتيق
عبدالله طاهر المعيبد
حسين آل سهوان
أسمهان آل تراب
أحمد الماجد
علي النمر
زهراء الشوكان
النّدم (1)
حبّ الذّات
الأنا وعبادة الذات
معنى قوله تعالى:{فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ}
نظريّة المعرفة عند كارل بوبر (3)
تأثير العلاقات الاجتماعيّة في السّلوك الاستهلاكي
(فزع البيدر) ديوان شعريّ للشّاعر إبراهيم الحاجي
(حكايا بلقيس) أناشيد شعريّة للأطفال بقلم الشّاعر علي النّحوي
الاستعداد للسفر الطويل في مواعظ الإمام الحسن (ع)
الشّباب والعافية