مقا- كلمة صحيحة تدلّ على هبوط شيء وقرعه. ونزل عن دابّته نزولاً، ونزل المطر من السماء نزولاً. والنازلة: الشديدة من شدائد الدهر تنزل. والنزال في الحرب: أن يتنازل الفريقان. ونزال: كلمة توضع موضع انزل. ومكان نزل: ينزل فيه كثيرًا. ووجدت القوم على نزلاتهم، أي منازلهم. والنزل: ما يهيّأ للنزيل.
ويعبّرون عن الحجّ بالنزول، ونزل، إذا حجّ. والنزالة: ماء الرجل. والنزيل: الضيف. والتنزيل: ترتيب الشيء ووضعه منزله.
مصبا- نزل من علو إلى سفل ينزل نزولاً، ويتعدّى بالحرف والهمزة والتضعيف، فيقال نزلت به وأنزلته ونزّلته. واستنزلته بمعنى أنزلته. والمنزل: موضع النزول، والمنزلة مثله، وهي أيضًا المكانة. ونزلت عن الحقّ: تركته. وأنزلت الضيف، فهو نزيل فعيل بمعنى مفعول. والنزل: طعام النزيل الّذي يهيّأ له. ونزل الطعام نزلاً: من باب تعب ، كثر ريعه ونماؤه. وطعام كثير النزل وزان سبب، أي البركة، ومنهم من يقول كثير النزل وزان قفل. وأنزل، أي أمنى. ونازله في الحرب منازلة ونزالاً وتنازلاً: نزل كلّ واحد منهما في مقابلة الآخر. وبه نزلة: وهي كالزكام وقد نزل.
لسا- النزول: الحلول، وقد نزلهم ونزل عليهم ونزل بهم ينزل نزولاً ومنزلاً ومنزلاً بالكسر شاذّ. وتنزّله وأنزله ونزله بمعنى. والنزل: المنزل، قال الزجّاج: نزلاً، مصدر مؤكّد. قال الأخفش: في جنّات الفردوس نزلاً، هو من نزول الناس بعضهم على بعض، يقال ما وجدنا عندكم نزلاً. والمنزل: النزول. وأنزله واستنزله بمعنى.
والتحقيق
أنّ الأصل الواحد في المادّة: هو انحدار شيء من علو إلى سفل، وهو في المرتبة العليا طبعًا، مادّيّا كان أو معنويًّا. وسبق في الهبوط: إنّ النظر فيه الى جهة الاستقرار في محلّ وتحقّق إقامة بعقب النزول. بخلاف النزول فانّ النظر فيه الى جهة ابتداء النزول.
ومن مصاديقه: نزول الراكب عن دابّته. نزول المطر من السماء. نزول شدائد الدهر في مورد خاصّ. نزول الرجل في ميدان المحاربة. نزول الشخص في منزله وبيته. ونزول الضيف. ونزول المستطيع في العمل بالمناسك في الموسم. نزول ماء الرجل. نزول الطعام المهيّأ. ونزول البركة والريع والرحمة والخير والآية والكتاب وغيرها.
فالنزول المادّيّ: كما في: {وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ} [البقرة : 22] {وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ رِزْقٍ} [الجاثية : 5]. والنزول الروحانّي: كما في: {نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ (193) عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ} [الشعراء : 193، 194]. {وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ} [الإسراء : 82].
والفرق بين التعبير بالإنزال والتنزيل والتنزّل: أنّ الإنزال يلاحظ فيه جهة صدور الفعل من الفاعل، فالنظر فيه إلى جهة الصدور، كما في: {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ} [آل عمران : 7]. {وَأَنْزَلَ جُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا} [التوبة : 26]. {يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا} [الأعراف : 26]. {رَبِّ أَنْزِلْنِي مُنْزَلًا مُبَارَكًا وَأَنْتَ خَيْرُ الْمُنْزِلِينَ} [المؤمنون : 29]. فيلاحظ فيها صدور الفعل وهو النزول، في جهة انتسابه إلى الفاعل.
وأمّا التنزيل: فيلاحظ فيه جهة الوقوع، فيكون النظر الى الفعل في جهة الوقوع وتعلّقه بالمفعول والمتعلّق، كما في: {نَزَّلَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ} [البقرة : 176]. {تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ} [الفرقان : 1]. {وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا} [البقرة : 23]. {وَلَوْ نَزَّلْنَاهُ عَلَى بَعْضِ الْأَعْجَمِينَ (198) فَقَرَأَهُ عَلَيْهِمْ مَا كَانُوا بِهِ مُؤْمِنِينَ} [الشعراء : 198، 199]. {وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ} [الإسراء : 82] فلوحظت فيها جهة التعلّق والوقوع، والنظر الى الفعل في هذه الجهة.
وأمّا التنزّل: فتدلّ الصيغة على مطاوعة التفعيل، بمعنى كون الفعل على طوع واختيار في قبوله، لا على قهر كما في الانفعال. كما في: {هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلَى مَنْ تَنَزَّلُ الشَّيَاطِينُ (221) تَنَزَّلُ عَلَى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ} [الشعراء : 221، 222]. {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا} [فصلت : 30]. {تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ} [القدر: 4] يراد نزولها على طوع ورغبة وتمايل واختيار: وحذفت التاء في الآية الأولى والثالثة للتخفيف وتسهيل التلفّظ.
وأمّا تحقّق الطوع والرغبة في نزول الملائكة أو الشياطين: فإنّ نزول كلّ أمر بالطوع يتوقّف على وجود المقتضى في المورد، وفي صورة وجود المقتضى وتحقّق الصلاحيّة: لا يرى إباء في إفاضة الفيض، ولا يبقى مانع عن عروض العوارض والحوادث المتلائمة.
فلا تتنزّل الملائكة في مورد إلّا إذا وجد الاقتضاء وصلح المحلّ، ولا تتمايل الشياطين إلّا إلى موارد متناسبة مقتضية بنزولها. وأمّا النزلة: فهي فعلة وتدلّ على الوحدة والمرّة ، كما في: {وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى (13) عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى} [النجم : 13، 14]. وفي التعبير بالنزلة إشارة الى أنّ رؤية اللّه عزّ وجلّ بذاته محال، فإنّ القوى المدركة للمخلوق قاصرة عن إدراكه والإحاطة به، إلّا أن يكون بنحو التجلّي وظهور نوره تعالى في القلوب المنوّرة المستعدّة.
وأمّا صيغ المنزل والمنزّل في الدلالة على المكان: فالمنزل من المجرّد: يدلّ على مطلق محلّ النزول من دون قيد، كما في: {وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ} [يس : 39]. {هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ} [يونس : 5].
المنازل جمع منزل اسم مكان، والقمر محلّ نزول ضياء الشمس، وهو يكتسب نوره من الشمس في جهة مقابلته بها، وهذه الجهة تختلف باختلاف حركته وباختلاف حركة الأرض، فيختلف نزول الضياء في صفحته، ثمّ يختلف مقدار ما يرى منه في الأرض، بلحاظ المقابلة والتربيع والتسديس فيه بالنسبة إلى الشمس.
فالقمر دائمًا محلّ نزول الضياء بخصوصيّات وحالات مختلفة، وبهذه الاختلافات نعلم عدد السنين ونستكشف محاسباتنا الزمانيّة. فالمنازل حال من التقدير، والتقدير جعل شيء تحت خصوصيّات وحدود معيّنة. وذكر النور والضياء يؤيّد ما ذكرناه.
وأمّا تفسير المنازل، بالمعاني المصطلحة من منازل القمر: فأوّلاً- أنّها معان اعتباريّة لا حقيقيّة. وثانيًا- يحتاج إلى تأويل وتقدير، مثل قولهم- إنّه بمعنى ذا منازل حالاً، أو بمعنى صيّرناه مفعولاً.
وأمّا صيغة المنزل من الإفعال اسم مكان: فيلاحظ فيها ما ذكر في صيغة الإفعال من جهة النظر إلى معنى الصدور. كما في: {وَقُلْ رَبِّ أَنْزِلْنِي مُنْزَلًا مُبَارَكًا وَأَنْتَ خَيْرُ الْمُنْزِلِينَ} [المؤمنون : 29]. فيلاحظ في الكلمات الثلاث جهة صدور النزول منه تعالى.
فيكون معنى المنزل: المحلّ الّذي وقع فيه النزول الصادر منه تعالى. كما أنّ صيغة المنزّل من التفعيل يدلّ على محلّ وقع فيه النزول الملحوظ فيه جهة التعلّق والوقوع.
وأمّا النزل: فهو صفة مشبهة كالجنب، وقد يخفّف على وزان الصلب، والمعنى ما يتّصف بالنزول ويكون النزول صفة ذاتيّة له، ومن مصاديقه: طعام النزيل أي ما يحضر وينزل من الطعام للضيف. وكذلك ما ينزل في الآخرة لأصحاب الجنّة أو لأصحاب الجحيم.
{وَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنَ الْمُكَذِّبِينَ الضَّالِّينَ (92) فَنُزُلٌ مِنْ حَمِيمٍ} [الواقعة : 92، 93]. {ثُمَّ إِنَّكُمْ أَيُّهَا الضَّالُّونَ الْمُكَذِّبُونَ (51) لَآكِلُونَ مِنْ شَجَرٍ مِنْ زَقُّومٍ ...هَذَا نُزُلُهُمْ يَوْمَ الدِّينِ} [الواقعة : 51 - 56]، {وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ (31) نُزُلًا مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ} [فصلت : 31، 32]، {لَكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا نُزُلًا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ} [آل عمران : 198].
فالنُزُل في الآيات بمعنى ما يُعدّ ويَنزل للوارد على حسب مقامه، فهو ما من شأنه أن ينزل أمام الوارد باقتضاء حاله.
______________________
- مقا = معجم مقاييس اللغة لابن فارس ، 6 مجلدات ، طبع مصر . 139 هـ.
- مصبا = مصباح المنير للفيومي ، طبع مصر 1313 هـ .
- لسا = لسان العرب لابن منظور ، 15 مجلداً ، طبع بيروت 1376 هـ .
الشيخ حسن المصطفوي
الشيخ جعفر السبحاني
الشيخ شفيق جرادي
الشيخ محمد صنقور
محمود حيدر
عدنان الحاجي
السيد عباس نور الدين
الشيخ مرتضى الباشا
الشهيد مرتضى مطهري
السيد جعفر مرتضى
حسين حسن آل جامع
حبيب المعاتيق
ناجي حرابة
عبدالله طاهر المعيبد
فريد عبد الله النمر
أحمد الرويعي
حسين آل سهوان
أسمهان آل تراب
أحمد الماجد
علي النمر
كلمة نزل في القرآن الكريم
الاعتراف بحجية العقل في مجالات خاصة
الحياة والموت.. سوداوية أم رجاء
أسباب الهجرة النبوية إلى المدينة
﴿وَآَتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا﴾
مركز البيت السّعيد وخمسة وعشرون عامًا في مجال الإرشاد الأسري
زكي السالم: كي لا تصبح ثور الله في برسيمه
ميتافيزيقا السؤال المؤسِّس (6)
ميتافيزيقا السؤال المؤسِّس (5)
﴿محمد رسول الله وَالَّذِينَ مَعَهُ..﴾ مناقشة في الإطلاق (4)