
لقد بلغ اهتمام الإسلام بإجراء العدل أنّه نهى أن يقف المسلم موقف الحياد من الظلم والبغي ومن الظالم والباغي، وفرض عليه أن يصلح بين طائفتين من المؤمنين اقتتلا، فرض عليه ذلك صوناً للعدل ومنعاً للظلم فقال: {وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ المُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا}.
وإذا بغت إحدى الطائفتين وتجاوزت حدودها، ولم تخضع للصلح، أوجب الإسلام محاربتها وإيقافها عند حدّها وإرجاعها إلى جادّة الحقّ والسلام، إذ قال: {فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَىٰ فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّىٰ تَفِيءَ إِلَىٰ أَمْرِ اللهِ}.
على أن يكون الإصلاح بينهما بالعدل لا بالظلم وإبطال الحقّ وإحياء الباطل، وسحق المظلوم ودعم الظالم، وتشجيع المعتدي وتضييع المعتدى عليه فقال سبحانه: { فَإِن فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللهَ يُحِبُّ المُقْسِطِينَ} (الحجرات : 9).
ولأجل هذه الأهمّية البالغة صارت العدالة من الأصول التي لا تقبل أي تخصيص.
كما لأجل هذه الأهمّية البالغة نجد الإسلام الذي يدعو إلى السلم والصلح والتعايش السلميّ يجوّز الحرب والقتال دفعاً للظلم وردعاً للظالم، وقد وعد الله سبحانه عليه بالنصر تثبيتاً لموقع العدل، وإظهاراً للاهتمام به فقال سبحانه: {أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللهَ عَلَىٰ نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ} (الحج : 39).
واشترط الإسلام أن لا يتجاوز هذا القتال والحرب حدود العدل، لأنّه لإقامة العدل فكيف يتجاوز حدوده، ولذلك نهى عن الاعتداء على الطرف الآخر بمزيد من عدوانه واعتدائه إذ قال: {فَمَنِ اعْتَدَىٰ عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَىٰ عَلَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ مَعَ المُتَّقِينَ } (البقرة : 194).
إنّ العدل ـ في النظام الإسلاميّ ـ يمثّل أساس الأحكام والقوانين، وميزان التشريع وقسطاسه المستقيم فلا شيء في النظام الإسلاميّ إلاّ وينطلق من منطلق العدل، ولا شيء فيه إلاّ ويهدف إلى تحقيق العدالة في الحياة الإجتماعيّة، ولقد أمر القرآن الكريم عامّة المسلمين أنّ يهتمّوا بإقامة القسط والعدل غاية الاهتمام فقال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ للهِ وَلَوْ عَلَىٰ أَنفُسِكُمْ} (النساء : 135).
ومن الواضح أنّ (قوّام) الذي هو صيغة المبالغة من (قائم) يوحي بشدّة التأكيد الإلهيّ على مسألة العدل، وإجرائه فعلى المسلمين ـ لذلك ـ أن يبالغوا في تحقيق العدالة حتّى على الأغنياء فلا يحابوهم ولا يداروهم، ولذا قال الله سبحانه في ذيل تلك الآية: {أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ إِن يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللهُ أَوْلَىٰ بِهِمَا فَلا تَتَّبِعُوا الهَوَىٰ أَن تَعْدِلُوا وَإِن تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا} (النساء : 135).
فإنّ غنى المحكوم يجب أن لا يقف سدّاً في طريق العدل، وينبغي أن لا يكون سبباً للتخلّي عنه.
فها هو الإمام عليّ (عليه السلام) يرى أنّ من أهمّ واجبات الحاكم هو إقامة العدل: «وأيم الله لأنصفنّ المظلوم من ظالمه ولأقودنّ الظالم بخزامته حتّى أورده منهل الحقّ وإن كان كارهاً» (1).
إنّ العدل لا يشكل طريقاً للأمن الاجتماعيّ للأمّة الإسلاميّة فقط، بل يمثّل طريقاً طبيعياً لحفظ السلام العالميّ أيضاً، فإذا أراد العالم أن يأمن الحرب ويتخلّص من التجاوز فما عليه إلاّ إجراء العدل والأخذ به في تعامله وتعايشه... ولا يمكن ذلك إلاّ بالأخذ بالنظام الإسلاميّ.
_____________________
(1) نهج البلاغة : الخطبة رقم 132.
صفات الأيديولوجي؛ معاينة لرحلة الفاعل في ممارسة الأفكار (1)
محمود حيدر
معنى (عيش) في القرآن الكريم
الشيخ حسن المصطفوي
لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ
الفيض الكاشاني
التعلم القائم على اللعب: طرق مُثبتة لتعزيز نمو دماغ الطفل وتطوّر إدراكه وشحذ ذكائه
عدنان الحاجي
مناجاة الزاهدين: زهد أحباب الله (1)
الشيخ محمد مصباح يزدي
في رحاب بقية الله: العدالة المهدويّة ترسم المستقبل
الشيخ عبد الله الجوادي الآملي
بَلْ إِيَّاهُ تَدْعُونَ
الشيخ محمد جواد مغنية
في رحاب بقية الله: ليمكّننّ له الدين
الشيخ معين دقيق العاملي
النّفاق والتّظاهر
الشيخ ناصر مكارم الشيرازي
حياتنا بين البخل والترف
الشيخ حسين مظاهري
أم البنين .. رواية من وجع الطف
حسين حسن آل جامع
واشٍ في صورة حفيد
حبيب المعاتيق
أيقونة في ذرى العرش
فريد عبد الله النمر
سأحمل للإنسان لهفته
عبدالله طاهر المعيبد
خارطةُ الحَنين
ناجي حرابة
هدهدة الأمّ في أذن الزّلزال
أحمد الرويعي
وقف الزّمان
حسين آل سهوان
سجود القيد في محراب العشق
أسمهان آل تراب
رَجْعٌ على جدار القصر
أحمد الماجد
خذني
علي النمر
صفات الأيديولوجي؛ معاينة لرحلة الفاعل في ممارسة الأفكار (1)
معنى (عيش) في القرآن الكريم
لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ
التعلم القائم على اللعب: طرق مُثبتة لتعزيز نمو دماغ الطفل وتطوّر إدراكه وشحذ ذكائه
زكي السّالم: (ديوانك الشّعريّ بين النّطورة والدّندرة والطّنقرة)
أم البنين .. رواية من وجع الطف
مناجاة الزاهدين: زهد أحباب الله (1)
في رحاب بقية الله: العدالة المهدويّة ترسم المستقبل
ستّ طرق لاستخدام القلق كمصدر للنّمو
سبيل غلبة العقل على النفس