الشيخ محمد جواد مغنية ..
قال تعالى :
{وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ } [الروم : 21].
من أنفسكم أي من جنسكم وعلى شكلكم تبادلكم عطفاً بعطف واطمئناناً باطمئنان ، وقديماً قيل : كل شكل إلى شكله ألف ، ولو كانت الزوجة من غير جنس الزوج لتعذر التفاهم والمشاركة ولنظر كل إلى الآخر على أنه غريب وبعيد عن طبعه وأخلاقه . . انظر ج 2 ص 283 ، فقرة : « الزواج مبادلة روح بروح » وطريف قول بعض المفسرين : إن المراد بالمودة المجامعة ، وبالرحمة الولد . . وإن دل هذا التفسير على شيء فإنما يدل على تغليب الجنس عند المفسر ، وأنه ينظر إلى المرأة على أنها مجرد آلة لإنجاب الأطفال .
إن القرآن الكريم يحدد الغاية من الزواج بالتآلف والتراحم ، والعدل والمساواة ، لا بين الزوجين فقط ، بل بين أفراد الأسرة بكاملها ، قال تعالى : {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} [النساء : 1]. والغرض من الأمر بالتقوى في هذه الآية أن يؤدي كل فرد من أبناء الأسرة حق الآخر ، ويتعاونوا يداً واحدة على ما فيه خير الجميع لتحيا الأسرة حياة صالحة لا مشاكل فيها ولا تعقيد ، ومعلوم أن الأسرة الصالحة هي أساس المجتمع الصالح .
وبهذه المناسبة نشير إلى أن الخطبة تستحب عند طلب الزواج ، وعند إجراء العقد أيضاً تأسياً بالنبي وأهل بيته (صلى الله عليه وآله) ، وهي حمد اللَّه تعالى والشهادتان ، والصلاة على النبي وآله ، والوصية بالتقوى ، والدعاء للزوجين ، وعن الإمام زين العابدين ( عليه السلام ) :
من حمد اللَّه فقد خطب . . ويستحب للتيمن والتبرك تلاوة آية من كتاب اللَّه ، وحديث من سنّة نبيه الكريم ، وعلى هذا جرت عادة السلف والكثير من الخلف ، فإنهم يتلون قبل العقد من كتاب اللَّه قوله تعالى : « ومِنْ آياتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً » الخ . ومن السنّة النبوية : تناكحوا تناسلوا تكثروا ، فإني أباهي بكم الأمم يوم القيامة ولو بالسقط .
وقلنا : يتلى هذا الحديث وما إليه للتبرك لأنه من الخطأ أن يظن أن الخلق الكريم والتهذيب القرآني يتم بتلاوة الأحاديث والآيات . . كلا ، إن هذا التهذيب لا يكون إلا بتربية الأبناء منذ الصغر تربية قرآنية تؤدي بهم إلى تفهم الغاية التي أرادها اللَّه من الزواج ، وإنها إنسانية خالصة من كل شائبة تجارية أو سياسية ، أما أن نربي أولادنا على حب التكاثر والتفاخر والمظاهر الفارغة ، فتقول الأم لبنتها : أسعدك اللَّه بزوج ثري ، وينصح الوالد ولده أن يتزوج بنت الوزير والتاجر الكبير ، أما هذه التربية فلا تغني عنها الآيات والأحاديث .
أما حديث تناكحوا . . تناسلوا فلا شك في صحته ، ولكن سيد الأنبياء (صلى الله عليه وآله) يباهي بالمؤمنين الأتقياء ، والمجاهدين الأحرار . . وأيضاً بالسقط . . ويتبرأ من أهل الفسق والفجور ، من الشابات والشباب الذين لا يردعهم من الدين رادع ، ولا يزجرهم من الأخلاق زاجر ، ويتبرأ أيضاً من أهل الخيانة والعمالة لأعداء اللَّه والإنسانية . . وفي الحديث : « ليأتين على الناس زمان لا يسلم لذي دين دينه إلا أن يفر من شاهق إلى شاهق . قالوا : ومتى ذلك يا رسول اللَّه ؟ قال : إذا لم ينل المعيشة إلا بمعاصي اللَّه ، فعند ذلك تحل العزوبة » .
« إِنَّ فِي ذلِكَ لآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ » أن الغرض من الزواج هو السكن والمودة والرحمة ، وأن الزواج التجاري والسياسي كثيراً ما يؤدي إلى شقاء الأسرة ، ويعرّضها للزوال وتشريد الأطفال .
السيد محمد حسين الطهراني
محمود حيدر
الشيخ شفيق جرادي
السيد جعفر مرتضى
الشيخ محمد هادي معرفة
الشيخ حسن المصطفوي
السيد عباس نور الدين
الشيخ عبد الله الجوادي الآملي
الشيخ محمد صنقور
عدنان الحاجي
حسين حسن آل جامع
حبيب المعاتيق
فريد عبد الله النمر
عبدالله طاهر المعيبد
ناجي حرابة
أحمد الرويعي
حسين آل سهوان
أسمهان آل تراب
أحمد الماجد
علي النمر
(قَدْ جَآءَكُمْ مِّنَ اللهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ)
وحيانيّة الفلسفة في الحكمة المتعالية (5)
الدين والعلمنة (في نظام المعرفة والقيم) (2)
إستراتيجية الكوفة في خلافة علي(ع) (2)
زينب صفر وحديث حول الأطفال الموهوبين
إستراتيجية الكوفة في خلافة علي(ع) (1)
الدين والعلمنة (في نظام المعرفة والقيم) (1)
وهي تمرّ مرّ السّحاب!
معنى (أمن) في القرآن الكريم
صيانة الزّواج من كلّ الشّوائب