
السيد محمّد باقر الحكيم
كانت الأساطير والخرافات شائعةً بين العرب، نظراً لانخفاض مستواهم الفكري وأُمّيتهم بصورة عامّة، فكانوا يعتقدون - مثلاً - أنّ نفس الإنسان طائرٌ ينبسطُ في جسم الإنسان، فإذا ما مات أو قُتل يكبر هذا الطائر حتّى يصيرَ في حجم طائر البُوم، ويبقى أبداً يصرخ ويتوحّش ويسكن في الديار المعطّلة والمقابر، ويسمّونه «الهام».
كما كانوا يعتقدون بـ«الغِيلان» ويؤمنون بأساطيرها، ويزعمون أنّ الغول يتغوّل لهم في الخلَوات، ويظهر لخواصّهم في أنواع من الصور، فيخاطبونها وربّما ضيّفوها، وكانت لهم أبياتٌ من الرَّجَز يتناقلون حفظَها، ويعتقدون أنّ فائدتها هي طرد الغيلان إذا اعترضتهم في طريقهم وأسفارهم، إلى غير ذلك من العقائد الخرافية التي كانوا يؤمنون بها.
وقد جاء القرآن الكريم برسالة الإسلام، فحارب تلك العقائد والخرافات، ومحا تلك الأوهام عن طريق تنوير عقول العرب والدعوة إلى التفكير الأصيل، والتدبّر والاعتماد على العقل، والمطالبة برفض التقليد، وعدم الجمود على تراث السلف، بدون تمحيص أو تحقيق، قال الله تعالى: ﴿إِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آَبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آَبَاؤُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ﴾ البقرة:170.
وقد أدّت هذه الدعوة من القرآن الكريم إلى تعريض كلّ الأفكار السابقة والموروثة إلى الامتحان من جديد في ضوء المنطق، والعقل، وعلى هُدى الإسلام، فأسفر ذلك عن اضمحلال تلك الخرافات، وزوال تلك العقائد الجاهليّة، وتحرُّر العقول من قيودها، وانطلاقها في طريق التفكير السليم.
الدعوة إلى التأمّل في أسرار الكون
وقد حثّ القرآن الكريم، بصورة خاصّة، على التفكير في الكون، والتأمّل في أسراره، واكتشاف آيات الله المنتشرة فيه؛ ووَجَّه الإنسانَ هذه الوجهة الصالحة بدلاً من التشاغل بخرافات الماضين وأساطيرهم:
- ﴿قُلِ انْظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ..﴾ يونس:101.
- ﴿قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ثُمَّ اللَّهُ يُنْشِئُ النَّشْأَةَ الْآَخِرَةَ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ العنكبوت:20.
- ﴿أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آَذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ﴾ الحج:46.
- ﴿أَفَلَا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ * وَإِلَى السَّمَاءِ كَيْفَ رُفِعَتْ * وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ * وَإِلَى الْأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ﴾ الغاشية:17-20.
ولم يكتفِ القرآن بالحثّ على دراسة الكون وما فيه من أسرار، بل ربط ذلك بالإيمان بالله، وأعلن أنّ العلم هو خير دليل للإيمان به تعالى، وأنّ الإيمان يتأكّد كلّما ازدادَ اكتشافُ الإنسانِ العلمَ وتَقدُّمُهُ في ميادينه، لأنّه يطّلع على عظيم آيات الله، وحكيم صنعه وتدبيره، قال الله تعالى: ﴿سَنُرِيهِمْ آَيَاتِنَا فِي الْآَفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ﴾ فصّلت:53.
وبذلك أعطى القرآن مفهوم مواكبة الإيمان للعلم، وأنّ العقيدة بالله تتماشى مع العلم على خطٍّ واحد، وأنّ اكتشاف الأسباب والقوانين في هذا الكون يعزّز هذه العقيدة؛ حيث إنّه يكشف عن عظيم حكمة الصانع وتدبيره.
وعلى أساس هذا الموقف القرآني، وما رفضه من التقليد، وما شجّع عليه من التفكير والتدبّر، كانت الأمّة التي صنعها الكتاب الكريم مصدرَ العلم والثقافة في العالم، بدلاً من خرافات البوم والغيلان، حتّى اعترف المؤرّخون الأوروبيّون بهذه الحقيقة أيضاً، فقال المؤرّخ الهولندي رينهارت دوزي: «إنّ النبيّ جمع قبائل العرب أمّة واحدة رفعتْ أعلام التمدّن في أقطار الأرض، وكانوا في القرون المتوسّطة مختصّين بالعلوم، من بين سائر الأمم، وانقشعتْ بسببهم سحائبُ البربريّة التي امتدّت إلى أوروبا».
صفات الأيديولوجي؛ معاينة لرحلة الفاعل في ممارسة الأفكار (1)
محمود حيدر
معنى (عيش) في القرآن الكريم
الشيخ حسن المصطفوي
لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ
الفيض الكاشاني
التعلم القائم على اللعب: طرق مُثبتة لتعزيز نمو دماغ الطفل وتطوّر إدراكه وشحذ ذكائه
عدنان الحاجي
مناجاة الزاهدين: زهد أحباب الله (1)
الشيخ محمد مصباح يزدي
في رحاب بقية الله: العدالة المهدويّة ترسم المستقبل
الشيخ عبد الله الجوادي الآملي
بَلْ إِيَّاهُ تَدْعُونَ
الشيخ محمد جواد مغنية
في رحاب بقية الله: ليمكّننّ له الدين
الشيخ معين دقيق العاملي
النّفاق والتّظاهر
الشيخ ناصر مكارم الشيرازي
حياتنا بين البخل والترف
الشيخ حسين مظاهري
أم البنين .. رواية من وجع الطف
حسين حسن آل جامع
واشٍ في صورة حفيد
حبيب المعاتيق
أيقونة في ذرى العرش
فريد عبد الله النمر
سأحمل للإنسان لهفته
عبدالله طاهر المعيبد
خارطةُ الحَنين
ناجي حرابة
هدهدة الأمّ في أذن الزّلزال
أحمد الرويعي
وقف الزّمان
حسين آل سهوان
سجود القيد في محراب العشق
أسمهان آل تراب
رَجْعٌ على جدار القصر
أحمد الماجد
خذني
علي النمر
صفات الأيديولوجي؛ معاينة لرحلة الفاعل في ممارسة الأفكار (1)
معنى (عيش) في القرآن الكريم
لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ
التعلم القائم على اللعب: طرق مُثبتة لتعزيز نمو دماغ الطفل وتطوّر إدراكه وشحذ ذكائه
زكي السّالم: (ديوانك الشّعريّ بين النّطورة والدّندرة والطّنقرة)
أم البنين .. رواية من وجع الطف
مناجاة الزاهدين: زهد أحباب الله (1)
في رحاب بقية الله: العدالة المهدويّة ترسم المستقبل
ستّ طرق لاستخدام القلق كمصدر للنّمو
سبيل غلبة العقل على النفس