السيد موسى الصدر
إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِن مَّاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِن كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (164) وَمِنَ النَّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ اللَّهِ أَندَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِّلَّهِ وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا وَأَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ (165) إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبَابُ (166) " البقرة".
..... فإن الآيات المباركة التي تلوناها هي بصدد خلق الإيمان وتربية القلب والعقل لمعايشة الله إدراكًا وحبًا. فالإيمان لا يمكن كسبه لمجرد الرغبة أو الوراثة أو المشاعر العاطفية فهذه الأمور تكون صورة الإيمان، إيمان غير فاعل في حياة الإنسان لا يمنع ولا يدفع، لا يقف أمام المغريات أو المكاره يطير لدى الغضب أو الخوف ولا يبقى في حالات النصر أو الهزيمة.
هذا الإيمان يرفضه القرآن، وإن كان يشبه إيماننا المعاصر بل هو عينة، ولكن المطلوب لدى الأديان والأساس في دعوة القرآن هو إيمان من نوع آخر.
إن المطلوب إيمان يتحد مع الوجود ويتمازج مع الحياة، بل يفقد الإنسان حياته ولا يترك إيمانه. إن الإيمان هذا يحوّل وجود الإنسان إلى بحر واسع ويلحقه بالوجود الكلي ويصبح وجوده الخاص شعلة من الشمعة الأزلية، وخيطًا من شمس الوجود.
إن الإيمان هذا يجعل الإنسان يلمس مكانه من الكون، ويمارس بدقة دوره الكوني، ليس الإيمان في هذا المفهوم حالة عارضة أو عادة موروثة أو وسيلة تستعمل لمصالح الذات، إنها الجذور التي تربط الإنسان بالخلق وبالخالق، إنه يصبح أصل الإنسان ونبعه، ويردد مع الوجود كله متناغمًا: ﴿إنا لله وأنا إليه راجعون﴾ [البقرة، 156].
إن القرآن الكريم يجعل من التفكير في الخلق سببًا لمعايشة العقل مع الله، ثم يصف المؤمنين بأنهم يذكرون الله قيامًا وقعودًا وعلى جنوبهم، وأنهم يحبون الله حبًّا أشد من حبهم لأي مخلوق سواه، وبذلك يؤكد ضرورة مشاركة العقل مع القلب في المعايشة الإلهية لكي يحصل الإيمان الذي يجعل وجود الإنسان في مكانه الحقيقي من الخلق، كما يجعل الموجودات كلها من السماء والأرض وما فيهما وما بينهما آيات الله، شأنها شأن الحركات الكونية والتغيرات العظيمة المنتظمة أو غير المنتظمة.
إن هذا الإيمان الحي الواعي هو نور الوجود للإنسان يوضح له الرؤية وهو في نفس الوقت دافع للحركة ووقود لها وهو مع هذا وذاك خط عريض للسلوك في الحياة يحدد دور الإنسان العام في هذا الوجود ويجعل من حركته جزءًا من الحركة العامة الكونية.
إن هذا الإيمان لا يفترق عن العمل، بل العمل أثر له، وبدوره يؤثر فيه فهما يتفاعلان بل يصبحان شيئًا واحدًا، فالعمل هو الجانب المرئي من الإيمان، والجهة الموصلة بين الإنسان وبين الآخرين، والتجسيد الخارجي لتلك القوة. كما أن الإيمان هو الجانب غير المرئي من العمل، نبعه ودافعه.
إن الآيات المباركة التي تلوناها، هي بعض الآيات التي تبحث وتعالج مسألة الإيمان في الإنسان ولعلنا لا نجد في القرآن الكريم كلمة تكررت وموضوعًا تكرر البحث فيه وفي موجباته ونتائجه وفي آثار فقده وأسباب افتقاده، لا نجد كلمة مثل كلمة الإيمان في القرآن. فالإيمان هو الدافع وهو الطريق، وهو الوضوح في طريق تحول الإنسان من التشتت إلى التجمع، من الفرد إلى الجماعة وإلى الكون كله، تحول الإنسان من النقص إلى الكمال ومن الضعف إلى القوة.
والإيمان هذا طريق يصل الأرض بالسماء ويربط المخلوق بخالقه، فـ﴿إنا لله وإنا إليه راجعون﴾
د. سيد جاسم العلوي
حيدر حب الله
الشيخ باقر القرشي
السيد عباس نور الدين
السيد محمد حسين الطهراني
محمود حيدر
الشيخ علي رضا بناهيان
عدنان الحاجي
الشيخ محمد مهدي الآصفي
الشيخ عبد الله الجوادي الآملي
حسين حسن آل جامع
الشيخ علي الجشي
عبدالله طاهر المعيبد
حبيب المعاتيق
شفيق معتوق العبادي
جاسم بن محمد بن عساكر
رائد أنيس الجشي
ناجي حرابة
السيد رضا الهندي
عبد الوهّاب أبو زيد
مجادلة أهل الكتاب
الفيزياء والبنية اللاشعورية في الفكر العلمي (1)
(الملكوت) في الكتاب والسنّة والعلاقة بينه وبين المصطلح الفلسفي
الاتفاق على ثبوت واقعة الغدير بالثبوت التاريخي والمتواتر الصحيح (1)
يوم أعلن النبيّ (ص) ولاية عليّ (ع) (1)
الدور الحاسم للإمام عليّ (ع) في صناعة الثبات والشجاعة
عيد الغدير عيد العلم والمعرفة
هذا علي مولاه
وراثة رسول الله تعني قيادة المشروع الإلهيّ من بعده
يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات