السيد موسى الصدر
(ليْسَ عَلَى الضُّعَفَاءِ وَلَا عَلَى الْمَرْضَىٰ وَلَا عَلَى الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ مَا يُنفِقُونَ حَرَجٌ إِذَا نَصَحُوا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ ۚ مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِن سَبِيلٍ ۚ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ)
أكثر هذه الآيات تتحدث عن المعتذرين، أولئك الذين لا يقومون بواجباتهم، ولا يتحملون مسؤولياتهم في الحياة؛ أولئك الذين لا يشتركون في الجهاد، لا يدفعون ما عليهم من حقوق، لا يتحملون ما عليهم من مسؤوليات، ويتحججون ويعتذرون بأعذار مختلفة.
عدم الإبلاغ، عدم الإخبار. بينما الإنسان عليه أن يبادر إلى تحمل مسؤولياته. وهذا هو واقع المجتمع وسبيل نجاح المجتمع، أن يتحمل كل فرد مسؤولياته، دون أن يحتاج إلى تذكير أو دون أن يحتاج إلى تبرير للتخلف.
ففي بداية هذه الآيات يريد القرآن الكريم أن يحصر المعذورين في بعض فئات. قائلًا: ﴿ليس على الضعفاء ولا على المرضى ولا على الذين لا يجدون ما ينفقون حرج إذا نصحوا لله ورسوله ما على المحسنين من سبيل والله غفور رحيم﴾.
إذًا، هناك فئات ثلاث: الضعفاء، المرضى، الذين لا يجدون ما ينفقون، أي الفقراء. هؤلاء فحسب، معذورون، شرط أن يكون لسانهم، وهو إمكانهم الوحيد، أن ينصحوا لله وللرسول، أي اللسان النابع من القلب، وهذا هو منتهى مقدرتهم وإمكاناتهم. عندما يبذلون هذه الإمكانية في خدمة المجتمع، ليس عليهم حرج، إذا تأخروا من تحمل بقية المسؤوليات.
إذًا، الضعيف، والمريض والفقير معذور. لماذا؟ لأن سبب الضعف والمرض والفقر، كسبب الغنى والعلم والصحة، ليس محصورًا في الشخص المريض، والضعيف والفقير.
إن الذي يملك شيئًا، أو يربح شيئًا، أو يغتنم شيئًا من مادة أو معنى، حتى الثقافة والصحة، لا يحق له أن يعتبر الغنيمة ملكًا خاصًا له. بل شارك في تكوين هذه الثروة، هذه الميزة، هذه الكفاءة، هذه الثقافة عوامل عديدة. ولذلك، لا يحق له أن يحتكر، أو يستأثر، أو يحرم الناس من هذه الميزة أو الكفاءة. وقد حدد القرآن ذلك بالخمس.
في هذه الآية، يشرح القرآن الصورة الأخرى. كما أن القوي، قوته ليست ملكًا له، بل هي نابعة من ظروف اجتماعية، وهو بذل جهدًا بسيطًا في تأمين القوة؛ الضعيف أيضًا، ليس ضعفه نابعًا عن سلوكه الخاص، ولا المريض، مريض بواسطة سلوكه الخاص، ولا الفقير، فقير بواسطة سلوكه الخاص؛ بل هذه الفئات، والمستضعفون جميعًا، إنما استضعفوا وافتقروا وجهلوا لوجود ظروف اجتماعية مسيطرة سلبتهم إمكانية القوة والصحة والغنى والتدبر والتفكر.
لذلك، فعلى المجتمع أن يتحمل هذه الفئات، وأن لا يطلب منهم أكثر من استعدادهم. فإذا أخلصوا لمجتمعهم، فعليهم أن يؤدوا واجبهم قدر المستطاع ﴿إذا نصحوا لله ورسوله﴾ ولكن لا بأس عليهم، إذا تركوا ما لا يقدرون عليه من المسؤوليات العامة على المواطنين.
إذًا، صورة المجتمع المرسومة في المفهوم الديني أن المجتمع وحدة مترابطة. يتمكن هذا المجتمع لظروف عائدة إلى اختيار أصحاب المجتمع من إغناء شخص. والغنى ليس ملكًا منحصرًا فيه، فالمجتمع يحق له أن يأخذ حصة من غناه. كما أن المجتمع يؤدي إلى فقر شخص، فمقابل ما يأخذه المجتمع من الغني، عليه أن يدفع للفقير في مقابل ذلك الأخذ الذي قام به.
إذًا، يتلخص الموضوع بهذه الكلمة: ﴿ما على المحسنين من سبيل﴾.
المهم، الإحسان، والسعي إلى العمل الحسن، عندما يؤدي الإنسان إحسانه قدر طاقته، فليس عليه من سبيل. وهذا يعني خلق مجتمع تطوعي يقوم كل فرد بمسؤولياته قدر المستطاع، لا يطلب منه أكثر مما يستطيع. ولذلك يحصر القرآن الكريم، العذر لهذه الفئات. أما الذين ليسوا الفقراء، أو الضعفاء أو المرضى فهؤلاء ليسوا معذورين. يجب عليهم أن يتحملوا مسؤولياتهم وإلا فقد خرجوا من خدمة مجتمعهم، ونبذوا مجتمعهم. وعلى المجتمع أن يعاقبهم أو أن ينبذهم بصورة متقابلة.
د. سيد جاسم العلوي
حيدر حب الله
الشيخ باقر القرشي
السيد عباس نور الدين
السيد محمد حسين الطهراني
محمود حيدر
الشيخ علي رضا بناهيان
عدنان الحاجي
الشيخ محمد مهدي الآصفي
الشيخ عبد الله الجوادي الآملي
حسين حسن آل جامع
الشيخ علي الجشي
عبدالله طاهر المعيبد
حبيب المعاتيق
شفيق معتوق العبادي
جاسم بن محمد بن عساكر
رائد أنيس الجشي
ناجي حرابة
السيد رضا الهندي
عبد الوهّاب أبو زيد
مجادلة أهل الكتاب
الفيزياء والبنية اللاشعورية في الفكر العلمي (1)
(الملكوت) في الكتاب والسنّة والعلاقة بينه وبين المصطلح الفلسفي
الاتفاق على ثبوت واقعة الغدير بالثبوت التاريخي والمتواتر الصحيح (1)
يوم أعلن النبيّ (ص) ولاية عليّ (ع) (1)
الدور الحاسم للإمام عليّ (ع) في صناعة الثبات والشجاعة
عيد الغدير عيد العلم والمعرفة
هذا علي مولاه
وراثة رسول الله تعني قيادة المشروع الإلهيّ من بعده
يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات