السيد موسى الصدر
بسم الله الرحمن الرحيم ﴿الْقَارِعَةُ * مَا الْقَارِعَهُ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْقَارِعَةُ * يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ كَالْفَرَاشِ الْمَبْثُوثِ * وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ الْمَنفُوش * فَأَمَّا مَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ * فَهُوَ في عِيشَةٍ رَّاضِيَةٍ * وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ * فَأُمُّهُ هَاوِيَة * وَمَا أَدْرَاكَ مَاهِيَهْ * نَارٌ حَامِيَة﴾. صدق الله العليّ العظيم.
•يوم القيامة
نفهم من السورة أنّ القارعة اسم ليوم القيامة، ويوم المعاد. والقرآن الكريم فيه أسماء كثيرة ليوم القيامة؛ القارعة، الطامّة، يوم الحشر، الحاقّة، وأمثال ذلك، ولكن لماذا يُسمّى يوم القيامة أو ساعة الحشر بالقارعة؟ لأنّها تقرع القلوب هولاً، وتُحطِّم، وتُخيف، وتغيّر المقاييس.
•﴿مَا الْقَارِعَةُ﴾
الإنسان يسمع أوّلاً ثمّ يتساءل: ﴿مَا الْقَارِعَةُ﴾؟ هذا تحليل تصويريّ، ثمّ يغوص في التحليل والتصوير: ﴿وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْقَارِعَةُ﴾. انظروا إلى الأسلوب القرآنيّ في تصوير الشيء. لقد عرفنا أنّ هناك قارعة، وسمعنا الصوت، والدويّ، والإيقاع، ولكنّ المستمع ينتظر حتّى يرى ما هي هذه القارعة.
•﴿كَالْفَرَاشِ الْمَبْثُوثِ﴾
﴿يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ كَالْفَرَاشِ الْمَبْثُوثِ﴾، يذكر القرآن الكريم أنّ هذا اليوم، يوم القارعة، يوم عصيب، حيث إنّ البشر يكونون ﴿كَالْفَرَاشِ الْمَبْثُوثِ﴾. فالفَرَاش هي الحشرة التي تحوم حول الوردة أو الشمعة. والمبثوث يعني المنتشر، والمضطرب، والمتفرّق. وميزة الفراشات من بين سائر الحشرات أنّها تطير بشكلٍ غير منظّم، فلا تتجنّب وتحذر الأخطار، بحيث قد تحوم حول الشمعة وتلقي بنفسها فيها، فتهلك وتموت.
هذه الآية تمثّل الاضطراب والهول اللذين يعيشهما الإنسان يوم القيامة بأقوى صورهما.
•﴿كَالْعِهْنِ الْمَنفُوش﴾
الجبل في عرفنا مثال للقوّة، والصمود، والرسوخ، ولكن من كثرة الهول والاضطراب يوم القيامة، الجبل الذي هو مثال للقوّة والرسوخ يكون ﴿كَالْعِهْنِ الْمَنفُوش﴾، والعهن يعني الصوف الملوّن، باعتبار أنّ للجبال ألواناً مختلفة: بيض، وسود، وأمثال ذلك، فتتحوّل الجبال إلى "العهن المنفوش"؛ أي الصوف المنفوش المهتزّ. فالله يريد أن يقول إنّ هول ذلك اليوم واضطرابه يحوّلان ما هو أكثر صلابة، ورسوخاً، وصموداً، وارتباطاً بالأرض إلى أضعف الأشياء قوةً، ومتانةً، وتماسكاً.
•ربحٌ وخسارة
﴿مَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ﴾، فالإنسان صاحب الميزان الثقيل والرابح، ﴿فَهُوَ في عِيشَةٍ رَّاضِيَةٍ﴾؛ أي أنّه ينجو ويفوز بعمله الصالح، وهذا مُطْمَئِن. فكلّ هذا الاضطراب، والطوفان، والأمواج، لا يؤثّر أمام ثقل الميزان. ﴿وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ﴾، والشخص الخفيف الميزان، الذي ليس لديه عمل صالح، ﴿فَأُمُّهُ هَاوِيَة﴾، بعض المفسّرين فسّرها بأمّ رأسه؛ باعتبار أنّها قمّة هيكل الإنسان ووجوده، ورغم ذلك فإنّه يهوى ويسقط. وهذا تعبير عن أفظع صورة للسقوط؛ ليس على الرِّجل، أو على اليد، أو على الوجه، وإنّما على أمّ الرأس!
وهناك قسم آخر فسّر الآية بالأمّ الحقيقيّة، وهو ما ينطبق مع القرآن أكثر. فكلمة الأمّ هي دلالة على ملجأ الإنسان ومهجعه، والطفل حين يخاف يلجأ إلى أمّه؛ فالملجأ، والمأمن، والمكان الذي يرتاح إليه الإنسان في اللغة العربيّة يسمّونه أمّاً، فيكون المراد من ذلك أنّ الإنسان الخفيف الميزان مكانه وملجؤه، ومأمنه هاوية، ﴿وَمَا أَدْرَاكَ مَاهِيَهْ نَار حَامِيَة﴾؛ أي النار الحامية، التي لا مفرّ له منها أبداً.
إذاً، ترسم هذه السورة المباركة مشهداً بمثابة إنذار للبشر حتّى يتّعظوا وينتبهوا لأعمالهم؛ لأنّه يوم مليء بالأهوال، والاضطرابات، فلا ينجو إلّا من ثقل ميزانه بالعمل الصالح في مقاييس الله.
الشيخ شفيق جرادي
الشيخ محمد جواد مغنية
الشيخ محمد صنقور
د. سيد جاسم العلوي
عدنان الحاجي
حيدر حب الله
الشيخ ناصر مكارم الشيرازي
الشيخ محمد مصباح يزدي
السيد محمد حسين الطهراني
محمود حيدر
حسين حسن آل جامع
فريد عبد الله النمر
أحمد الرويعي
حبيب المعاتيق
عبدالله طاهر المعيبد
حسين آل سهوان
أسمهان آل تراب
أحمد الماجد
علي النمر
زهراء الشوكان
النّدم (1)
حبّ الذّات
الأنا وعبادة الذات
معنى قوله تعالى:{فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ}
نظريّة المعرفة عند كارل بوبر (3)
تأثير العلاقات الاجتماعيّة في السّلوك الاستهلاكي
(فزع البيدر) ديوان شعريّ للشّاعر إبراهيم الحاجي
(حكايا بلقيس) أناشيد شعريّة للأطفال بقلم الشّاعر علي النّحوي
الاستعداد للسفر الطويل في مواعظ الإمام الحسن (ع)
الشّباب والعافية