للوهلة الأولى، قد يتصوَّر قارئُ القرآن والنصوص الإسلاميّة الأخرى وجودَ تناقُضٍ في الموقف من «النّفْس» وكيفيّة التعامل معها. فمثلاً، نجد القرآن الكريم تارةً يحثّ على مواجهة «النفس» ومجاهدتها، كما في قوله تعالى: ﴿وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَىٰ - فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَىٰ﴾(1)، و﴿فَأَمَّا مَن طَغَىٰ- وَآثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا- فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَىٰ﴾(2)، و﴿أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَٰهَهُ هَوَاهُ﴾(3).
كذلك ينقل القرآن الكريم عن يوسف الصدّيق (عليه السلام) أنّه كان ينظر إلى «النفس» بعين الريبة والحذر، يقول: ﴿وَمَآ أُبَرِّئُ نَفۡسِيٓۚ إِنَّ ٱلنَّفۡسَ لَأَمَّارَةُۢ بِٱلسُّوٓءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّيٓۚ إِنَّ رَبِّي غَفُورٞ رَّحِيمٞ ﴾(4). فعلى الرغم من أنّه (عليه السلام) كان متَّهَماً في حادثةٍ معروفة، وكان بريئاً مئة بالمئة من تلك التهمة، ولم يأتِ بأيِّ ذنبٍ أو تقصير، لكنّه يقول: أنا لا أريد أن أُنزّه نفسي، فأنا ذاتاً لست كذلك؛ لأنّي أعلم أنّ «نفس» الإنسان تأمره بالسوء. إذاً، ما يُسَمَّى في القرآن الكريم بـ«النفس»، هو شيءٌ يجب أن يَنظر الإنسانُ إليه بعين الريبة والحذر، ويعدّه عدوّاً، ولا يُفسِح له مجالاً للتسلّط عليه، بل ينظر إليه على أنّه كائنٌ مطيع له، مسيطرٌ عليه. هذا من جهة.
من جهة أخرى، نجد في القرآن الكريم أيضاً، طائفة من الآيات الممجِّدة للنفس، والرافعة من شأنها، مثل: ﴿وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنسَاهُمْ أَنفُسَهُمْ﴾(5)، ﴿قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ﴾ (6).
أيّها الرسول، قل لهم إنّ الفاشلين والخاسرين، ليسوا فقط أولئك الّذين فقدوا أموالهم وذهبت ثرواتهم، فإنّ هذا خسرانٌ حقير، والخسران الكبير هو أن يخسر الإنسان «نفسَه»، وباصطلاح «الوجوديّة» المعاصرة، هو أن يفقد «ذاته» و«شخصيّته».
إنَّ أعظم ذخائر الإنسان هي «نفسه» ذاتها؛ إذا خسر أحدٌ ما ««نفسَه»، فهو صفر اليدَين، وإن مَلَكَ ما مَلَك. إنّ تعبيراً من قبيل (نسيان النفس، خسران النفس، بيع النفس) هو في ذاته لومٌ وتوبيخ شديد اللهجة للنفس، فعلى الإنسان ألَّا ينسى نفسه وألَّا يخسرها، ولا يبيعها. ومن ناحية أخرى، ينبغي للإنسان أن يقاوم هوى النفس؛ لأنّ هذه «النفس» تأمر بالسوء. هذا كلّه من حيث نظر القرآن.
ــــــــــــــــ
[1] سورة النازعات، الآيتان 40 - 41.
[2] سورة النازعات، الآيات 37 - 39.
[3] سورة الجاثية، الآية 23.
[4] سورة يوسف، الآية 53.
[5] سورة الحشر، الآية 19.
[6] سورة الزمر، الآية 15.
السيد عادل العلوي
حيدر حب الله
الشيخ محمد صنقور
الشيخ مرتضى الباشا
عدنان الحاجي
الشهيد مرتضى مطهري
الشيخ محمد جواد مغنية
الشيخ فوزي آل سيف
الشيخ شفيق جرادي
الشيخ جعفر السبحاني
حسين حسن آل جامع
حبيب المعاتيق
ناجي حرابة
عبدالله طاهر المعيبد
فريد عبد الله النمر
أحمد الرويعي
حسين آل سهوان
أسمهان آل تراب
أحمد الماجد
علي النمر
التجّلي الأعظم (سرّ من أسرار رسول الله محمد)
الشخصية المرجعية للنبيّ بين الرسولية التبليغية والذاتية البشرية (1)
﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ﴾ مفادها وفيمن نزلت (1)
حقّ كلمة (لا إله إلا الله)
منطقتان في الدّماغ والإجهاد الذّهني
المهام التي زاولها النبي الأعظم (ص) بأمر رباني
ورشة فنّ الكولاج في القطيف، مساحة من أمل لمرضى السّرطان
وَيْلٌ لِكُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ
وكونوا مع الصادقين
محدودية صلاحية الحمض النووي والبديل في اكتشاف أسرار التاريخ