لعلّ القرآن الكريم كان أول من أشار إلى انتقال الأمراض الوراثية إلى الأبناء وإلى الجنين، فكان أول دليل وأول برهان منذ أربعة عشر قرنًا من الزمان، في حين كان العلم ما يزال يحبو، ولم يتمّ اكتشاف ذلك إلّا حديثًا وبعد تجارب طويلة.
قال اللّه تعالى: (فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَها تَحْمِلُهُ قالُوا يا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئاً فَرِيًّا * يا أُخْتَ هارُونَ ما كانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَما كانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا). «1» هنا قد تعجّب قوم مريم كيف تأتي أمرًا فريًّا وأبوها لم يكن امرأ سوء وأمّها لم تكن بغيًّا!! فبيّن اللّه تعالى في هذه الآية أنّه حتّى الأخلاق تنتقل بالوراثة، وأنّ الأب إن كان غير حميد، والأمّ إن كانت فاسدة نقلا إلى ذرّيتهما سوء الأخلاق بالتوريث.
قال اللّه تعالى: (وَقالَ نُوحٌ رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكافِرِينَ دَيَّاراً * إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبادَكَ وَلا يَلِدُوا إِلَّا فاجِراً كَفَّاراً). «2» ومعنى ذلك أنّ الخلف يأخذ من السلف صفاتهم بالوراثة، فهؤلاء الكفّار الفجّار لا يلدون إلّا أمثالهم، ولا جرم أنّ الولد على سرّ أبيه، ولا تلد الحيّة إلّا حيّة.
قال اللّه سبحانه وتعالى: (قالُوا إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ). «3» أي إن سرق فذلك شيء وراثيّ فيه، سبق أن سرق أخ له من قبل. فالسرقة وراثة في هذا الفرع، وهذا بطبيعة الحال على حسب اعتقادهم، وإن كان لا يطابق الواقع فيما يتعلّق بسيدنا يوسف عليه السّلام.
هذا وفي أحاديث رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله ما يؤيّد تأثير المرأة في توريث أخلاقها لأنسالها، فيقول صلّى اللّه عليه وآله في الحديث الشريف: «تزوّجوا من الحجر الصالح فإنّ العرق دسّاس». ويقول في حديث آخر: «تخيّروا لنطفكم ولا تضعوها في غير الأكفاء».
فنرى في هذين الحديثين الشريفين أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله قد وضع أسس علم الوراثة، فحذّر من زواج المرأة إن لم تكن من الحجر الصالح، أو لم تكن من الأكفاء، لأنّ العرق دسّاس ينقل إلى النسل ما فيها من خير وما فيها من شر. وحقًّا إن تكن المرأة سيّئة الخلق ورثت بويضتها نطفة الرجل فيخرج الجنين كأمّه سيّئ الخلق، وإن تكن غير كفء بأن تكون ضعيفة العقل أو ذات بله، فتنقل بويضتها وراثة البله والجنون وغير ذلك من الأمراض إلى نسلها.
ولذلك أمر الرسول صلّى اللّه عليه وآله باختيار المرأة ذات الدين والخلق، فقال صلّى اللّه عليه وآله في حديث آخر: تنكح المرأة لأربع: لمالها ولحسبها ولجمالها ولدينها. فاظفر بذات الدين تربت يداك، فإنّ النسل سيرث منها خلقها فيكون ملكًا رحيمًا إن صلحت، وشيطانًا رجيمًا إن فسدت، وهي مرآة أبنائها، وهم صورة مصغّرة منها، وفضّل الرسول صلّى اللّه عليه وآله دينها وخلقها. وهذه وجهة نظر الدين في الوراثة من الأبوين....
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1). مريم: 27 و 28.
(2). نوح: 26 و 27.
(3). يوسف: 77.
عدنان الحاجي
الشيخ ناصر مكارم الشيرازي
الشيخ محمد مهدي الآصفي
السيد محمد حسين الطبطبائي
الشيخ محمد صنقور
الشيخ فوزي آل سيف
حيدر حب الله
السيد عباس نور الدين
محمود حيدر
الفيض الكاشاني
حسين حسن آل جامع
الشيخ علي الجشي
عبدالله طاهر المعيبد
حبيب المعاتيق
شفيق معتوق العبادي
جاسم بن محمد بن عساكر
رائد أنيس الجشي
ناجي حرابة
السيد رضا الهندي
عبد الوهّاب أبو زيد
العوامل وراء الشخصية النرجسية وعلاقتها بأنماط التعلق غير الآمن
جبرئيل علّم آدم عليه السلام المناسك
﴿وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ﴾ (1)
المراحل الثلاثة في رحلة الحج (2)
﴿وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِنًا﴾ (2)
المركز الثّاني للفوتوغرافي شاكر الورش في قطر
أمسية شعريّة لابن المقرّب بمشاركة الشّاعريتن الصّبيح والأنصاري
زفاف النّور إلى النّور
كتاب: المراقبات، أعمال السَّنة
حجّ موسى وعدّة من الأنبياء عليهم السلام