الشيخ محمد جواد مغنية ..
كان لمحمد (صلى الله عليه وآله) حواريون ، كما كان لعيسى (عليه السلام) ، ولأي نبي من الأنبياء ، ولكن صحابة محمد ما سألوه أن يطعمهم من جوع بآياته ومعجزاته كما فعل أصحاب عيسى الذين قالوا له : نريد أن نأكل منها ، ولا أن يؤمنهم من خوف كما فعل أصحاب موسى ، بل قالوا له في بعض معاركه بلسان المقداد بن الأسود :
« امض يا رسول اللَّه لما أرادك اللَّه ، فنحن معك ، ولا نقول لك ما قال بنو إسرائيل لموسى : اذهب أنت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون ، ولكن نقول : اذهب أنت وربك فقاتلا إنّا معكما مقاتلون ، فوالذي بعثك بالحق ، لو سرت بنا إلى برك الغماد لجالدنا معك من دونه ، حتى تبلغه » .
وكانوا يتساقطون شهداء بين يديه ، وهم يقولون : فزنا ورب الكعبة ، وروى عنهم التاريخ في ذلك ما يشبه الأساطير. قاتل عمارة بن يزيد يوم أحد ، حتى أثخنته الجراح ، ولما أيقن بالموت رمى برأسه على قدمي رسول اللَّه ، ولم يرفعه ، حتى فارق الحياة سعيدا بهذه الخاتمة . وسقط سعد بن الربيع شهيدًا في أحد ، فقال لأحد أصحابه : قل لرسول اللَّه يقول لك سعد بن الربيع : جزاك عنا خير ما جزى نبيًّا عن أمته ، وأبلغ قومك عني السلام ، وقل لهم : إن ابن الربيع يقول لكم : إنه لا عذر لكم عند اللَّه إن خلص إلى نبيكم ، ومنكم عين تطرف .
وكان عمرو بن الجموح أعرج ، وأراد الخروج مع النبي إلى حرب أحد ، فحاول أولاده أن يمنعوه من الخروج ، فاشتكى لرسول اللَّه ، وقال : إني أرجو أن أعرج الليلة إلى الجنة ، فأذن رسول اللَّه له ، وقتل هو وأولاده الأربعة ، وشقيق زوجته ، فجاءت أرملته بعد المعركة ، وحملت زوجها وأخاها وأولادها الأربعة على جمل ، وذهبت بهم إلى المدينة ، فقابلتها النساء يسألنها عن الأخبار . قالت : أما رسول اللَّه فبخير ، وكل مصيبة بعده تهون . فسألنها : وما هذه الجثث ؟ قالت : هؤلاء أولادي وزوجي وأخي أكرمهم اللَّه بالشهادة ، وأحملهم لأدفنهم .
هذه أمثلة نقدمها للدلالة على مدى الفرق بين حواريي محمد ، وحواريي غيره من الأنبياء . ولا نبالغ إذا ما قلنا : إن ما من نبي على الإطلاق ظفر بما ظفر محمد رسول اللَّه (صلى الله عليه وآله) من أصحاب صدقوا ما عاهدوه عليه . أما السر فيكمن في شخصيته ، وعظمة رسالته . {قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا أَنْزِلْ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ تَكُونُ لَنَا عِيدًا لِأَوَّلِنَا وَآخِرِنَا وَآيَةً مِنْكَ وَارْزُقْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ } [المائدة : 114]. لما رأى عيسى منهم الإصرار، وعلم أنهم لا يقصدون العنت والتعجيز دعا اللَّه سبحانه بدعاء العبد الخاضع المتضرع لسيده ، مناديًا : يا ربنا . . ومنك . . وأنت . . الخ دفعًا لكل شبهة وتكذيبًا لكل زاعم أن لعيسى فيها يدا ، وأنها من صنعه ، لا من صنع الواحد الأحد . . والمراد بالآية المعجزة ، وبالعيد الفرحة والسرور .
{قَالَ اللَّهُ إِنِّي مُنَزِّلُهَا عَلَيْكُمْ فَمَنْ يَكْفُرْ بَعْدُ مِنْكُمْ فَإِنِّي أُعَذِّبُهُ عَذَابًا لَا أُعَذِّبُهُ أَحَدًا مِنَ الْعَالَمِينَ} [المائدة : 115]. استجاب سبحانه لتضرع عيسى ليزداد أصحابه ثقة به ، وإيمانًا بنبوته ، وتلزمهم الحجة إذا خالفوا ، ويستحقوا أشد العقاب الذي لا يعاقب اللَّه به أحدًا ممن جحد وكفر ، لأنهم هم الذين اقترحوا المائدة ، وطلبوها بالذات ، ومن استجيب إلى طلبه تقوم عليه الحجة وتنقطع منه كل معذرة إذا خالف ونكص .
الشيخ محمد مهدي الآصفي
السيد عباس نور الدين
الشيخ محمد جواد مغنية
حيدر حب الله
الشيخ باقر القرشي
إيمان شمس الدين
السيد محمد حسين الطهراني
الشيخ حسين الخشن
عدنان الحاجي
الشيخ علي رضا بناهيان
حبيب المعاتيق
حسين حسن آل جامع
شفيق معتوق العبادي
جاسم بن محمد بن عساكر
عبدالله طاهر المعيبد
رائد أنيس الجشي
ناجي حرابة
الشيخ علي الجشي
السيد رضا الهندي
عبد الوهّاب أبو زيد
الذّكر والتّقوى، أمان وقوّة
حين تضيع القيَم!
تفسير سورة الفاتحة
حقيقة بكاء السماء والأرض في القرآن الكريم
كتاب جديد بعنوان: أوضح البيان في حقيقة الأذان
أحلام المشهدي تشارك في معرض ثلاثيّ في الأردن
الإمام الرضا عليه السلام: 19 عاماً من الجهاد
من بحوث الإمام الرّضا (ع) العقائديّة (3)
الشّيخ صالح آل إبراهيم: كيف تنقذ زواجك من الانهيار؟
التسارع والتباطؤ وإنتاج المعارف (4)