الشيخ محمد جواد مغنية
يرى البعض أنه لا معجزة لمحمد صلى الله عليه وآله إلا القرآن، أما نحن فنؤمن بأن معجزاته لا يبلغها الإحصاء. ذلك بأن على الحكيم أن يخاطب كل قوم بلغتهم، وبما تستسيغه عقولهم كي تتم الحجة عليهم، وإلا كانت الحجة لهم عليه، ولا تتم الحجة بحال، ويستحيل أن تتم إلا إذا كانت صحيحة في نفسها، وواضحة في بيانها وأسلوبها كنور الشمس بحيث لا تدع منفذاً لأية شبهة في ذهن المخاطب، وإلا فإن «الحدود تُدرأ بالشبهات».
وبحيث يعد المنكر مكابراً ومتعنتاً في نظر العقلاء جميعاً... وعلى هذا ينبغي أن تتنوع المعجزة وتختلف باختلاف الموارد والأشخاص، كما استدعت حكمته سبحانه أن يباهل نبيّه الكريم نصارى نجران كما قال تعالى: (فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ).
هذا إذا كان طالب المعجزة يبتغيها بصدق وإخلاص، أما الكاذب المتعنت الذي لا يجدي معه شيء فيقتصر معه على القرآن، لأن إعجازه عام لا يختص بعصر دون عصر، ولا بفئة دون فئة، أو بفرد دون فرد.
والذي يدلنا على أن معجزات الرسول الأعظم متعددة ومتنوعة، أن رجل الدين فيما مضى كان يستدل على نبوة محمد بما جاءت به الأخبار من تكلّم الحصى، وسعي الشجرة إليه، ونبع الماء من بين أصابعه... إلى غير ذلك من المعجزات التي أنهاها بعضهم إلى أربعة آلاف وأربعمئة وأربعين معجزة، كما في البحار، وكان الناس يتقبلون هذا آنذاك، أما اليوم حيث يتطلع العالم إلى حياة أفضل، فإنها تدل على نبوة محمد (ص) فيما تدل: بأنه خاطب العقل وحارب الجهل، وساوى بين الناس، ووقف مع المستضعفين، وقاوم الطغاة المترفين، وأخرج بشريعته وتعاليمه العالم من ظلمات التوحش والهمجية إلى دور الحضارة والمدنية، وبفضله نزع رعاة الإبل التيجان عن رؤوس الجبابرة، وألقوا بها تحت أقدامهم.
وقد تستدعي الحكمة أن لا تعرض المعجزة على الشخص إطلاقًا، كما لو اكتفى بمجرد شعوره وإحساسه، فقد روى الرواة، وفيهم ابن حنبل ، والبخاري ومسلم: بيْنَما نَحْنُ جُلُوسٌ مع النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وآله وسلَّمَ في الـمَسْجِدِ، دَخَلَ رَجُلٌ علَى جَمَلٍ، فأناخَهُ في الـمَسْجِدِ ثُمَّ عَقَلَهُ، ثُمَّ قالَ لهمْ: أيُّكُمْ مُحَمَّدٌ؟ والنبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مُتَّكِئٌ بيْنَ ظَهْرانَيْهِمْ، فَقُلْنا: هذا الرَّجُلُ الأبْيَضُ الـمُتَّكِئُ. فقالَ له الرَّجُلُ: يا ابْنَ عبدِ الـمُطَّلِبِ فقالَ له النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وآله وسلَّمَ: قدْ أجَبْتُكَ.
فقالَ الرَّجُلُ للنبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: إنِّي سائِلُكَ فَمُشَدِّدٌ عَلَيْكَ في الـمَسْأَلَةِ، فلا تَجِدْ عَلَيَّ في نَفْسِكَ. فقالَ: سَلْ عَمَّا بَدا لكَ فقالَ: أسْأَلُكَ برَبِّكَ ورَبِّ مَن قَبْلَكَ، آللَّهُ أرْسَلَكَ إلى النَّاسِ كُلِّهِمْ؟ فقالَ: اللَّهُمَّ نَعَمْ. قالَ: أنْشُدُكَ باللَّهِ، آللَّهُ أمَرَكَ أنْ نُصَلِّيَ الصَّلَواتِ الخَمْسَ في اليَومِ واللَّيْلَةِ؟ قالَ: اللَّهُمَّ نَعَمْ. قالَ: أنْشُدُكَ باللَّهِ، آللَّهُ أمَرَكَ أنْ نَصُومَ هذا الشَّهْرَ مِنَ السَّنَةِ؟ قالَ: اللَّهُمَّ نَعَمْ. قالَ: أنْشُدُكَ باللَّهِ، آللَّهُ أمَرَكَ أنْ تَأْخُذَ هذِه الصَّدَقَةَ مِن أغْنِيائِنا فَتَقْسِمَها علَى فُقَرائِنا؟ فقالَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: اللَّهُمَّ نَعَمْ. فقالَ الرَّجُلُ: آمَنْتُ بما جِئْتَ به، وأنا رَسولُ مَن ورائِي مِن قَوْمِي، وأنا ضِمامُ بنُ ثَعْلَبَةَ أخُو بَنِي سَعْدِ بنِ بَكْرٍ.
والخلاصة: أن معجزات الأنبياء على نوعين: خاصة كإبراء الأكمه، وعامة كالقرآن، ومعجزات الأنبياء السابقين كلها خاصة لا تتعدى زمانها، وما لواحد منهم معجزة تشمل وتعم، أما محمد فله معجزات خاصة، كثيرة ومتنوعة، وله وحده المعجزة العامة الخالدة، وهي القرآن.
عدنان الحاجي
الشيخ علي رضا بناهيان
الشيخ حسن المصطفوي
السيد عباس نور الدين
السيد محمد حسين الطهراني
محمود حيدر
الشيخ شفيق جرادي
السيد جعفر مرتضى
الشيخ محمد هادي معرفة
الشيخ عبد الله الجوادي الآملي
حسين حسن آل جامع
حبيب المعاتيق
فريد عبد الله النمر
عبدالله طاهر المعيبد
ناجي حرابة
أحمد الرويعي
حسين آل سهوان
أسمهان آل تراب
أحمد الماجد
علي النمر
لماذا نتذكر بعض اللحظات التي مرت في حياتنا وننسى غيرها؟
المركز الثّاني للشّاعر محمّد الحمادي في جائزة راشد بن حميد للثّقافة والعلوم
(تجّار صغار) فعاليّة تجاريّة للأطفال في تاروت
سرّ غضب الله
معنى (مهل) في القرآن الكريم
سرّ السعادة الزوجية
(قَدْ جَآءَكُمْ مِّنَ اللهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ)
وحيانيّة الفلسفة في الحكمة المتعالية (5)
الدين والعلمنة (في نظام المعرفة والقيم) (2)
إستراتيجية الكوفة في خلافة علي(ع) (2)