
الشيخ مرتضى الباشا
أولاً: روى الشيعة وأهل السنة العديد من الروايات (ربما) يظهر منها ذم الاشتغال بالبنيان، وهنا نكتفي ببعضها مع ما تيسر من شرحها:
(1) عن هشام بن الحكم، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: من كسب مالاً من غير حلّه سلّط عليه البناء والماء والطين. (المصدر: وسائل الشيعة 5: 315)
(2) أبو عبد الله الصفواني في كتاب التعريف: عن رسول الله (صلّى الله عليه وآله): إذا أراد الله بعبد هوانًا، أنفق ماله في البنيان. (المصدر: مستدرك الوسائل 3: 455)
(3) وفي صحيح البخاري 7: 10 (إنّ المسلم يؤجر في كل شيء ينفقه إلا في شيء يجعله في هذا التراب).
(4) وروى السيوطي: (إذا أراد الله بعبد هوانا أنفق ماله في البنيان، والماء، والطين). (المصدر: الجامع الصغير 1: 64).
ثانيًا: في المقابل: هناك روايات عند الشيعة وأهل السنة في مدح الدار الوسيعة. منها: عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله): من سعادة المرء المسلم المسكن الواسع. (المصدر: الكافي 6: 526). ومنها: روى الحاكم النيسابوري بسنده عن محمد بن سعد عن أبيه أنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله قال: ثلاث من السعادة، وثلاث من الشقاوة. فمن السعادة المرأة تراها تعجبك، وتغيب فتأمنها على نفسها ومالك. والدابة تكون وطية فتلحقك بأصحابك. والدار تكون واسعة كثيرة المرافق. ومن الشقاوة: المرأة تراها فتسوءك، وتحمل لسانها عليك، وإن غبت عنها لم تأمنها على نفسها ومالك. والدابة تكون قطوفًا، فإن ضربتها أتعبتك، وإن تركبها لم تلحقك بأصحابك. والدار تكون ضيقة قليلة المرافق.
هذا حديث صحيح الإسناد من خالد بن عبد الله الواسطي إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، تفرد به محمد بن بكير عن خالد إن كان حفظه فإنه صحيح على شرط الشيخين. (المصدر: المستدرك على الصحيحين ج 2: 162).
ثالثًا: بعض الروايات الواردة في البناء ليست قوية من حيث الأسانيد.
رابعًا: يجب أن ندقق في معنى الحديث، مثلاً:
أ- (من كسب مالاً من غير حلّه؛ سلّط عليه البناء والماء والطين). لاحظوا جيدًا: الحديث لا يقول بأن كل شخص يبني فماله من حرام. بل يقول: أحد أشكال الابتلاء الذي يصاب به (صاحب الأموال الحرام) هو بلاء البناء، وذلك لأن البناء يشغل الذهن والتفكير والبدن بقوة، ويستهلك الأموال بشدة وسرعة. وهذه الجهة صحيحة لا نقاش فيها.
ب- (إذا أراد الله بعبد هوانًا، أنفق ماله في البنيان). هذا الحديث أيضًا لا يقول بأن كل شخص يصرف على البنيان؛ فالله يريد به هوانًا.
تقريب الفكرة:
قال الله تعالى (زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ۗ ذَٰلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۖ وَاللَّهُ عِندَهُ حُسْنُ الْمَآبِ) (آل عمران: 14). الآية القرآنية تقول إنّ هذه الأشياء مما يغري الناس، وتشغلهم عن آخرتهم. ولم تقل الآية بأن كل زوجة تشغل زوجها عن الآخرة. ولم تطلب الآية القرآنية أن يترك المؤمن كل ذهب وفضة، ويهرب منها.
خامسًا: يمكن أن يكون المقصود من بعض تلك الروايات التحذير من (تعمير الدنيا والدور والبيوت بكيفية يتعلّق قلبه وكيانه بها وينسى الآخرة).
سادسًا: يمكن أن يقال: الدار الوسيعة، لها حد معقول ومقبول، حسب وضع الإنسان الأسري والاجتماعي (عدد أفراد الأسرة، عدد الضيوف الذين يقصدون بيته، وأمثال ذلك). ولكن البعض يتجاوز ذلك بكثير، بحجج واهية. وربما دخل عنصر المباهاة والمفاخرة بين الناس، فاستطال بتزويق البيت وفخامته، فتجري في حقه الأبيات المنسوبة للإمام الهادي (عليه السلام):
باتوا على قلل الأجبال تحرسهم
غلب الرجال فما أغنتهم القلل
واستنزلوا من بعد عز من معاقلهم
فأودعوا حفرًا يا بئس ما نزلوا
ناداهم صارخ من بعد ما قبروا
أين الأسرة والتيجان والحلل
أين الوجوه التي كانت منعمة
من دونها تضرب الأستار والكلل
فأفصح القبر عنهم حين ساءلهم
تلك الوجوه عليها الدود يقتتل
قد طال ما أكلوا دهرا وما شربوا
فأصبحوا بعد طول الأكل قد أكلوا
سابعًا: ربما بلغت متابعة الناس بالمرء مبلغًا كبيرًا، حتى يستدين الأموال الطائلة، ليبني بيتًا يحاكي الآخرين، ويبقى سنوات طويلة وهو عاجز عن سداد الديون التي بذمته.
والحاصل:
إذا كان البناء بالحد المعقول لما يحتاجه المرء وعائلته ومتعلقيه وحوائجه، ويستعين به في أداء الحقوق والأحكام الشرعية والاجتماعية، فهو ينطبق عليه قوله تعالى (لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا إِذَا مَا اتَّقَوا وَّآمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ثُمَّ اتَّقَوا وَّآمَنُوا ثُمَّ اتَّقَوا وَّأَحْسَنُوا ۗ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) (المائدة: 93). وقوله سبحانه (قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ ۚ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ ۗ كَذَٰلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ) (الأعراف: 32).
ومع ذلك، يبقى أن هذا البناء سيستهلك ما لديه من أموال، وتفكير وجهد وتعب وسهر.
صفات الأيديولوجي؛ معاينة لرحلة الفاعل في ممارسة الأفكار (1)
محمود حيدر
معنى (عيش) في القرآن الكريم
الشيخ حسن المصطفوي
لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ
الفيض الكاشاني
التعلم القائم على اللعب: طرق مُثبتة لتعزيز نمو دماغ الطفل وتطوّر إدراكه وشحذ ذكائه
عدنان الحاجي
مناجاة الزاهدين: زهد أحباب الله (1)
الشيخ محمد مصباح يزدي
في رحاب بقية الله: العدالة المهدويّة ترسم المستقبل
الشيخ عبد الله الجوادي الآملي
بَلْ إِيَّاهُ تَدْعُونَ
الشيخ محمد جواد مغنية
في رحاب بقية الله: ليمكّننّ له الدين
الشيخ معين دقيق العاملي
النّفاق والتّظاهر
الشيخ ناصر مكارم الشيرازي
حياتنا بين البخل والترف
الشيخ حسين مظاهري
أم البنين .. رواية من وجع الطف
حسين حسن آل جامع
واشٍ في صورة حفيد
حبيب المعاتيق
أيقونة في ذرى العرش
فريد عبد الله النمر
سأحمل للإنسان لهفته
عبدالله طاهر المعيبد
خارطةُ الحَنين
ناجي حرابة
هدهدة الأمّ في أذن الزّلزال
أحمد الرويعي
وقف الزّمان
حسين آل سهوان
سجود القيد في محراب العشق
أسمهان آل تراب
رَجْعٌ على جدار القصر
أحمد الماجد
خذني
علي النمر
صفات الأيديولوجي؛ معاينة لرحلة الفاعل في ممارسة الأفكار (1)
معنى (عيش) في القرآن الكريم
لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ
التعلم القائم على اللعب: طرق مُثبتة لتعزيز نمو دماغ الطفل وتطوّر إدراكه وشحذ ذكائه
زكي السّالم: (ديوانك الشّعريّ بين النّطورة والدّندرة والطّنقرة)
أم البنين .. رواية من وجع الطف
مناجاة الزاهدين: زهد أحباب الله (1)
في رحاب بقية الله: العدالة المهدويّة ترسم المستقبل
ستّ طرق لاستخدام القلق كمصدر للنّمو
سبيل غلبة العقل على النفس