
قال الله تعالى: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ).
النقطة الأولى: العلاقة بين (الاستجابة لله) و(الإيمان به):
(الاستجابة لله تعالى) هي امتثال أوامره ونواهيه، ومن ذلك العبادات الخاصة (كالصلاة والصيام والدعاء)، ويمكن أن نقول بأن (الاستجابة لله) = العمل الصالح.
والعلاقة بين (العمل الصالح) و(الإيمان) هي علاقة طردية.
فالعمل الصالح (كالصلاة والدعاء) يؤدي إلى زيادة الإيمان.
والإيمان يؤدي إلى زيادة العمل الصالح.
كل منهما يدعم الآخر، وإذا ضعف أحدهما كذلك يضعف الآخر.
النقطة الثانية: المقصود من الرشد:
(الرّشد) يقابل (السّفه). ولهما عدة مجالات.
منها المجال المالي الاقتصادي، ومنه قوله تعالى (وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا)، (فَإِنْ آنَسْتُم مِّنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ).
والأهمّ على الإطلاق هو الرّشد الديني، عندما يقترب الإنسان من ربه، ويؤمن به، ويبتعد عن الرّذائل والمغريات الدنيوية الزائلة وخدع وحبائل الشيطان وحزبه، ومنه قوله تعالى (وَلَقَدْ آتَيْنَا إِبْرَاهِيمَ رُشْدَهُ مِن قَبْلُ وَكُنَّا بِهِ عَالِمِينَ)، (يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَن نُّشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا)، (فَمَنْ أَسْلَمَ فَأُولَٰئِكَ تَحَرَّوْا رَشَدًا).
(وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا كَمَا آمَنَ النَّاسُ قَالُوا أَنُؤْمِنُ كَمَا آمَنَ السُّفَهَاءُ أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاءُ وَلَٰكِن لَّا يَعْلَمُونَ)، (وَاخْتَارَ مُوسَىٰ قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلًا لِّمِيقَاتِنَا فَلَمَّا أَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ قَالَ رَبِّ لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُم مِّن قَبْلُ وَإِيَّايَ أَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ السُّفَهَاءُ مِنَّا).
إذن السفيه في المسائل المالية له أحكامه الفقهية، ولكن السفيه الأكبر هو من يضيع آخرته، ويصرف عمره في المعاصي والذنوب.
النقطة الثالثة:
هنا تسلسل وترابط:
إذا كنا (عبادًا لله تعالى) فهو قريب منّا.
وإذا كان قريبًا منّا، وهو ربنا، فهو يجيب الدعاء، بشروط.
وإذا كان الله يستجيب الدعاء، فعلى الإنسان أن يستجيب لله. من غير المنطقي أن ننتظر الله الغني الربّ أن يستجيب لنا، ونحن الفقراء المربوبون لا نستجيب له.
وإذا استجبنا لما يطلبه منا وينهانا عنه، نحصل على الإيمان.
وإذا استجبنا وآمنّا، نبلغ الرّشد الروحي والقلبي الحقيقي، وهو الأهم والأدوم والأنفع لنا في الدنيا والآخرة.
الآن ننتقل إلى آية قرآنية أخرى مرتبطة بالدعاء، وهي قوله سبحانه: (وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ).
1: الربّ وهو الذي يسيّر عباده ويربيهم لما فيه صلاحهم وسعادتهم، وقد أمرهم بالدعاء، هذا يكشف عن أهمية الدعاء في تحقيق سعادة الإنسان.
2: معنى (استجابة الدعاء) وشروط الاستجابة، نؤجلها إلى وقت آخر.
3: (يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي) يشمل الاستكبار عن السجود، أو الصيام، أو غيرها من العبادات، ولكن الأبرز في هذه الآية الكريمة هو الاستكبار عن الدعاء، بحيث يرى الإنسان نفسه قويًّا غنيًّا سليمًا، ليس محتاجًا للاستعانة بربّه.
4: (سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ) أي أذلة صاغرين.
قال ابن منظور (والدُّخُورُ: الصَّغَارُ والذل) لسان العرب 4: 278.
صحيحة زرارة عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: إنّ الله عزّ وجلّ يقول: (إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ) قال: هو الدعاء، وأفضل العبادة الدعاء، قلت: (إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَأَوَّاهٌ حَلِيمٌ)؟ قال: الأوّاه هو الدّعاء. المصدر: (الكافي 2: 466).
الدّعاء على وزن (فعّال) أي كثير الدعاء.
وفي صحيحة معاوية بن عمّار قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام: رجلين افتتحا الصلاة في ساعة واحدة، فتلا هذا القرآن فكانت تلاوته أكثر من دعائه، ودعا هذا أكثر فكان دعاؤه أكثر من تلاوته، ثم انصرفا في ساعة واحدة، أيهما أفضل؟ [شخصان، ابتدأ صلاتهما في وقت واحد، وانتهيا في وقت واحد، لكن أحدهما قرأ في صلاته القرآن أكثر من دعائه، والآخر قرأ أدعية أكثر من القرآن الكريم، فأي العملين أفضل؟]
قال الإمام الصادق – عليه السلام-: كلّ فيه فضل، كلّ حسن. [كلا العملين له فضله الخاص، وله ميزاته الخاصة به، وهو حسن] قل: إني قد علمت أنّ كلاً حسنٌ، وأنّ كُلاً فيه فضل [ما زال الراوي مصرًّا لمعرفة أيهما أفضل من الآخر].
فقال الإمام الصادق: الدّعاء أفضل، أما سمعت قول الله عزّ وجلّ (وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ) هي والله العبادة، هي والله أفضل، هي والله أفضل، أليست هي العبادة؟! هي والله العبادة، هي والله العبادة، أليست هي أشدّهن؟! هي والله أشدّهن، هي والله أشدّهن. (المصدر: تهذيب الأحكام 2: 104).
ويبقى سؤال: لماذا الدعاء (أشد العبادات) كما ورد في هذه الرواية الصحيحة؟!
صفات الأيديولوجي؛ معاينة لرحلة الفاعل في ممارسة الأفكار (1)
محمود حيدر
معنى (عيش) في القرآن الكريم
الشيخ حسن المصطفوي
لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ
الفيض الكاشاني
التعلم القائم على اللعب: طرق مُثبتة لتعزيز نمو دماغ الطفل وتطوّر إدراكه وشحذ ذكائه
عدنان الحاجي
مناجاة الزاهدين: زهد أحباب الله (1)
الشيخ محمد مصباح يزدي
في رحاب بقية الله: العدالة المهدويّة ترسم المستقبل
الشيخ عبد الله الجوادي الآملي
بَلْ إِيَّاهُ تَدْعُونَ
الشيخ محمد جواد مغنية
في رحاب بقية الله: ليمكّننّ له الدين
الشيخ معين دقيق العاملي
النّفاق والتّظاهر
الشيخ ناصر مكارم الشيرازي
حياتنا بين البخل والترف
الشيخ حسين مظاهري
أم البنين .. رواية من وجع الطف
حسين حسن آل جامع
واشٍ في صورة حفيد
حبيب المعاتيق
أيقونة في ذرى العرش
فريد عبد الله النمر
سأحمل للإنسان لهفته
عبدالله طاهر المعيبد
خارطةُ الحَنين
ناجي حرابة
هدهدة الأمّ في أذن الزّلزال
أحمد الرويعي
وقف الزّمان
حسين آل سهوان
سجود القيد في محراب العشق
أسمهان آل تراب
رَجْعٌ على جدار القصر
أحمد الماجد
خذني
علي النمر
صفات الأيديولوجي؛ معاينة لرحلة الفاعل في ممارسة الأفكار (1)
معنى (عيش) في القرآن الكريم
لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ
التعلم القائم على اللعب: طرق مُثبتة لتعزيز نمو دماغ الطفل وتطوّر إدراكه وشحذ ذكائه
زكي السّالم: (ديوانك الشّعريّ بين النّطورة والدّندرة والطّنقرة)
أم البنين .. رواية من وجع الطف
مناجاة الزاهدين: زهد أحباب الله (1)
في رحاب بقية الله: العدالة المهدويّة ترسم المستقبل
ستّ طرق لاستخدام القلق كمصدر للنّمو
سبيل غلبة العقل على النفس