أندونيسيا
يحتفلُ المسلمون في أنحاءِ أندونسيا بذكرى المولد النّبويّ الشّريف، وتُقام الاحتفالاتُ النّبويّةُ على المستويَين الرّسميّ والشّعبيّ، إذ تنظّمُ وزارةُ الشّؤون الدّينيّة حفلاً في القصر الرّئاسيّ في العاصمة جاكرتا، يحضرُه سفراءُ الدّول وشخصيّاتٌ رسميّةٌ ودينيّة.
كما يُقام الاحتفالُ النّبويّ في «مسجد الاستقلال» الذي يتّسعُ لمائة وعشرين ألف مصلٍّ، وهو المسجدُ الأعظم في البلاد وفي جنوب شرق آسيا، وقد تطلّبَ بناؤه أربعةَ عشر عاماً (1961 - 1975م)، وسُمِّي بذلك لأنّه بُني بعد استقلال أندونيسيا عن هولندا، وفيه تُلقى المحاضرات، وتُتلى المدائحُ في يوم المولد الشّريف على الحشودِ الوافدةِ إليه.
ويُثير إعجابَك في هذا المسجد، تجويدُ إمامِه للقرآن الكريم بشكلٍ يبعثُ في نفسِك السّكينةَ والطُّمأنينة، وتحتارُ كيف لرجلٍ أعجميٍّ أن يتلوَ كلامَ الله تعالى بهذه الفصاحة والجودة، مراعياً لأحكام التّجويد مراعاةً تامّة.
أمّا في «إقليم جاوا» فيتّخذُ الاحتفالُ بالمَولد النبويّ شكلاً فريداً من خلال مهرجان سيكاتن SEKATEN، (معناه بالعربيّة: مهرجان الشّهادتين) الذي يستمرُّ أسبوعاً كاملاً.
وعلى الرّغم من نشأته الإسلاميّة فإنّ مهرجان «سيكاتن» يستقطبُ غيرَ المسلمين من أهلِ البلاد، حيث يحتفلُ الجميعُ بالمولد النّبويّ في ساحة مدينة «يوغياكارتا»، في أجواء تعكسُ تقاليدَ الإقليم وتاريخَه.
بدأ مهرجان «سيكاتن» في جاوا مع السّلطان «هامنغكوبوانو الأوّل»، Hamengkubuwono I(ت: 1792م) وهو أوّلُ مَن أقامَ الاحتفالاتِ النّبويّة في تلك البلاد، ودعا السّكّانَ المحليّين، ومعظمُهم من الهندوس، لاعتناقِ الإسلام.
يُفتَتحُ المهرجانُ عادةً بعَرضٍ يقدِّمُه حرسُ القصر الذي تتزيّن وحداتُه بكامل لباسِها العسكريّ، ومجموعةٌ منه ترتدي الزّيّ التقليديّ للبلاد، تسيرُ أمامَ هَرَمين من الفواكه والخضار، يُحملان إلى ساحة المسجد الكبير، فَيتنافسُ النّاس بروحٍ طيّبةٍ للحصول على الأطعمة من الهرَمين، لأنّ ذلك يحقِّقُ الازدهارَ والسّعادة، وفقَ المعتَقدات المحليّة.
ويُختَتم المهرجانُ بمجموعةٍ من النّشاطات الثّقافية التي يُشرِفُ عليها «سلطان يوغياكارتا»، الذي ما زال يتمتّعُ بسلطةٍ محليّةٍ في الإقليم، فيُلقي الكلمة الختاميّة شاكراً اللهَ تعالى على النِّعَم التي حبا بها بلادَه خلالَ السّنة الفائتة.
كذلك تُقام الاحتفالاتُ في عددٍ من المدن الكبرى، منها: سيريبون Cirebon، وسوراكارتا Surakarta، وسيمارانغ Semarang.
ماليزيا
تتميّز ماليزيا بكَثرة مساجدِها، وباهتمامِ الماليزيّين بإقامة الشّعائر الدّينيّة، وفي المولد النّبويّ الشّريف تعطّلُ الدّوائرُ الرّسميّة والخاصّة، وتزدانُ المساجدُ في جميع الولايات الماليزيّة بأبهى حُلَلِها، وتتقاطرُ إليها الشّخصيّاتُ الرّسميّةُ والشّعبيةُ لإحياء المناسبة بأشكالٍ مختلفة.
فَفي العاصمة الإداريّة الجديدة بتراجاياPutrajaya، يقعُ أجملُ مساجدِ البلاد، وقد بُنِيَ فوق الماء، ويتسّعُ لأكثر من خمسة عشر ألف مصلٍّ، وفيه يُقام كلَّ عام الاحتفالُ الرّسميُّ بالمولد النّبويّ، ويحضرُه ملِكُ البلاد، والوزراء، وسفراءُ الدّول الإسلاميّة.
وفي العاصمة كوالالمبور Kuala Lumpur يخرجُ آلافُ المواطنين في مسيرات، وهم يردّدون التّكبيرَ والصّلوات والأناشيد، وينطلقون من المساجد الكبرى وصولاً إلى ساحة الاستقلال، حيث تبدأُ مراسمُ الاحتفال المركزيّ بتلاوة آياتٍ من الذِّكر الحكيم، ثمّ سيرة المصطفى صلّى الله عليه وآله، وإنشاد المدائح النّبويّة.
الفلبّين
تُقام الاحتفالات بالمولدِ النّبويّ كلَّ عامٍ في المناطق المسلمة في الفلبّين. ومن أبرز الاحتفالات التي حَظِيت بالتّغطية الإعلاميّة، المولدُ النبويّ الذي أُقيم سنة 2010 ميلاديّة في «المسجد الذّهبيّ» بالعاصمة الفلبينيّة مانيلا، فقد حضرَه المستشارُ الثقافيّ للجمهوريّة الإسلاميّة الإيرانيّة في الفلبّين، وشخصيّات ثقافيّة واجتماعيّة، وحشدٌ كبير من المسلمين الفلبّينيّين، لا سيّما الشّباب منهم.
وألقى المستشار الثّقافيّ للجمهوريّة الإسلاميّة الإيرانيّة كلمةً في الحفل هنّأَ فيها الجميع بمناسبة المولد النّبويّ الشّريف، مؤكّداً أنّ هذا اليوم السّعيد هو مدعاةٌ لفخر المسلمين واعتزازهم في العالم أجمع، ومذكّراً بأنّ القائد الرّاحل ومؤسّس الجمهوريّة الإسلاميّة الإيرانيّة الإمام الخمينيّ قدّس سرّه أطلق على الأيّام -من 12 إلى 17 ربيع الأوّل- تسميةَ «أسبوع الوحدة الإسلاميّة» انطلاقاً من الآية الكريمة: ﴿وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُوا..﴾ آل عمران:103.
تحدّث بعد ذلك السيّد «علي باولو» ممثّل «هيئة علماء المسجد الذّهبيّ»، فهنّأَ الجميع بالمولد المبارك، مشيراً إلى عددٍ من الأحاديث النّبويّة الشّريفة في شرح المعنى الحقيقيّ لعبارة «الله أكبر»، كما تحدّث عن الظّلم الذي يلحقُ بالمسلمين، وأنّ الظَّلَمة هم إلى الفناء لا محالة.
وألقى السيّد «داتو بصير إمام» ممثل «مكتب الشّؤون الإسلاميّة» كلمةً أثنى فيها على دور الجمهوريّة الإسلاميّة الإيرانيّة في إعلان «أسبوع الوحدة الإسلاميّة»، مشدّداً على أهميّة الوحدة بين المسلمين. كما طالب السّيّد «بصير إمام» بإنقاذ الشّعب الفلسطينيّ من نير الاحتلال الصّهيونيّ الجاثم على القدس.
وكان الحفل بدأ بإقامةِ صلاةِ المغرب، وانتَهى بإقامةِ صلاةِ العشاء، تمّ بعدَها عرضُ الفيلم الإسلاميّ الشهير "الرسالة".
الصّين
يُحيي المسلمون ذكرى المولدِ النّبويِّ الشّريف في العاصمة بكين، وفي المقاطعات المسلمة مثل «شينجيانغ الويغورية» Xinjiang Uygur، والمناطق الريفيّة في «يونغ كانغ» Yong Kang التّابعة لمدينة «لانغ فانغ» بمقاطعة «خبي» Langfang, Hebei Province. ويفرحُ المسلمون الصّينيّون بهذا اليوم فرحاً عظيماً كفرحتِهم بعيدَي الفطر والأضحى، حيث يتوجّه جميعُ أفراد الأسرة لأداء الصّلاة في المساجد، والاستماعِ لتلاوة السّيرة العَطِرة للرّسول صلّى الله عليه وآله، ثمّ تُقدَّم الحلوى والأطعمة المحليّة التّقليديّة.
وعلى الرّغم من الحرمان الشّديد والمضايقات التي يتعرّضُ لها المسلمون الصّينيّون على المستوى الرّسمي، إلّا أنّ المزاجَ الشّعبيَّ يبدو -عموماً- عير متَشنّجٍ تجاه المسلمين، كما أنّ أجهزة الدّولة بدأت تُبدي شيئاً من المرونة حيالَ المسلمين في السّنوات الأخيرة. ومن مظاهر ذلك، إقدامُ بعض محطّات التّلفزة على بثّ تقارير عن الاحتفالات بالمولد النبويّ، لا سيّما مع تعاظُمِ حجْمِ هذه الاحتفالات في جميع المناطق الصّينيّة التي يقطنُها مسلمون.
وفي الاحتفال الذي أقيم سنة 2009 ميلاديّة دعا «بان قوه تونغ»، إمام «مسجد آنيو» بمقاطعة «خبي» إلى خَلْقِ مجتمعٍ متناغمٍ على هَدي أخلاقِ رسول الله صلّى الله عليه وآله، كما حضرت الاحتفالَ المذكور شخصيّات رسميّة سابقة في المقاطعة، وعددٌ من من المثقّفين والأكاديميّين الذين ألقوا محاضراتٍ تناولت المفاهيمَ الإنسانيّة السّامية التي دعا إليها رسول الله صلّى الله عليه وآله.
ونقَل التّلفزيون الصّينيّ عن «بان قوه تونغ» قولَه «إنّ المولد النّبويّ الشّريف بمنزلة عيدٍ من أعياد المسلمين، لكنّ احتفالَنا به لا يقتصرُ على الشكليّات وإقامة الولائم، بل نهدفُ من الاحتفال إلى دعوة النّاس للتعرُّف على المفاهيم الإسلاميّة، وقُدرتها على الارتقاء بالمجتمع».
وفي «مسجد نيوجيه» Niujie في بكين -أقدم مسجد في شمال الصّين، بُني عام 996م- أُقيم أيضاً الاحتفالُ بالمولد الشّريف، وتُليت السّيرة النّبويّة العَطِرة.
كما وجَّهتْ «صحيفة الشّعب» وهي الصّحيفة الرّسميّة الناطقة باسم «اللّجنة المركزيّة للحزب الشّيوعيّ الصّينيّ»، التّهنئةَ للمسلمين في الصّين والعالم بحلول ذكرى مولد النّبيّ محمّد صلّى الله عليه وآله، واصفةً المجتمع الصّينيّ بأنه يحملُ الصّورة الأكثر إيجابيّة عن الإسلام عموماً، وعن النّبيّ محمّد صلّى الله عليه وآله خصوصاً، من بين كلّ مجتمعات العالم.
ويرى بعضُ الكتّاب الصّينيّين أنّ الحملةَ الغربيّةَ الشّرسة على الإسلام والمقدّسات الإسلاميّة، خاصّةً بعد هجمات الحادي عشر من أيلول، لم تؤثِّر في نظرة الشّعب الصّيني إلى الإسلام والمقدّسات الإسلاميّة، مثلما تأثّرت بذلك الشّعوبُ الغربيّة، ويحرصُ المثقّفون على إظهار المكانة السّامية التي للنبيّ الأكرم صلّى الله عليه وآله في الثّقافة الصّينيّة بصفتِه صلّى الله عليه وآله أحدَ رموز الفضيلة والأخلاق في العالم، وقد بقيت صورتُه صلّى الله عليه وآله في الثّقافة الصّينيّة كما هي، نقيّةً طاهرةً لم تُخدَش.
ومن أكثر العناوين ذِكراً وتداولاً -عن رسول الله صلّى الله عليه وآله- في الثّقافة الصّينيّة هو الحديث المنسوب إليه صلّى الله عليه وآله: «اطلبوا العلمَ ولو في الصّين»، الذي يعرفُه عامّةُ الصّينيّين ويعدّونه مصدرَ فخرٍ لهم، ويرون فيه شهادةً قيّمةً من رجلٍ فاضلٍ وحكيم في حقِّ ثقافتِهم، كما يرون في ذلك الاحترامَ والتّقدير الذي يُوليه الإسلامُ للحضارة الصّينيّة. وما أن تُدوّن عبارات هذا الحديث على محرّكات البحث الصّينيّة حتّى تستعرضَ أعداداً لا تُحصى من المقالات والحوارات التي تتناولُه بالنّقاش والتّحليل.
الشّيشان
يحتفلُ الشّعبُ الشّيشانيّ بالمولد النّبويّ الشريف، ويمتلأُ الجامعُ الكبير «قلب الشّيشان» في العاصمة غروزني بالمصلّين -يتّسع لعشرة آلاف مصلٍّ- وكذلك السّاحات القريبة منه.
وفي العام 2011 شاركَ في احتفالات المولد عددٌ كبيرٌ من الشّخصيات الرّسميّة، ونقل التّلفزيون الحكوميّ الاحتفالاتِ الدّينيّة في بثٍّ مباشر. وأُغلق مركزُ المدينة أمامَ حركة الآليّات بسبب الحشود الكبيرة، كما استقبلت غروزني ممثّلي خمسة عشر بلداً إسلاميّاً، ووفوداً تقاطرت من جمهوريّات سوفياتية سابقاً للمشاركة بالمولد الشّريف.
كما أعلنت السّلطاتُ الشّيشانيّة عن مَنْحِ هبةٍ ماليّةٍ لأُسَر الأطفال المولودين في يوم المولد النّبويّ، من الذين أُطلق عليهم اسمُ «محمّد»، وهو أكثرُ الأسماء انتشاراً في البلاد [وهو أيضاً أكثرها انتشاراً على مستوى العالَم، وفق إحصائيّات جادّة، كما أنّه أكثر الأسماء انتشاراً في جميع الدّول الإسلاميّة من دون استثناء]، يليه اسمُ والدته السيّدة آمنة عليها السلام.
روسيا
للمولد النّبويّ طابعٌ مميّزٌ في روسيا، حيث احتفلَ المسلمون بهذه المناسبة عامَ (2012) في «قصر الشّبيبة بموسكو»، وقد بدأت المراسمُ بتلاوةِ آياتٍ من القرآن الكريم، ثمّ استذكار سيرة رسول الله صلّى الله عليه وآله، وابتهالات دينيّة أنشدَتْها فرقة «إلياخيليار» القادمة من مدينة أوفاUfa ، عاصمة جمهوريّة باشكورتستان الرّوسيّة. Başkortostan
وقُدِّم للحضور عددٌ كبير من الكتُب والمطبوعات التي تعرِّف بالإسلام، كما تخلّلَ الاحتفالَ عرضٌ ضوئيّ، وأناشيدُ دينيّة شاركَ فيها منشدون مسلمون حضروا من مختلــف المناطق الرّوسيّة، والدّول الإسلامية القريبة. وأُقيمت مسابقة في تلاوة القرآن الكريم، جائزتُها الأولى بطاقة سفر إلى مكّة المكرمّة.
وجَرَت احتفالاتُ المولد النبويّ تحتَ إشراف ورعاية رئيس «مجلس المُفتين» في روسيا «راوي عين الدّين»، الذي شدّدَ في كلمةٍ له على أهميّةِ نَشْر تعاليم الإسلام بشتّى الوسائل، ومن أهمِّها تنظيمُ الاحتفالات في المناسبات الدّينيّة. فمستقبلُ المسلمين الرّوس -قال المفتي عين الدين- لا يعتمدُ فقط على التّمسّكِ بأصولِهم الإسلاميّة المتجذّرة، وإنّما أيضاً على تنمية ثقافتِهم ومعارفِهم الإسلاميّة.
الهند
في يومِ المولدِ المبارك، يحرصُ المسلمون في الهند على التوجُّه إلى المساجد، وإحياءِ الذّكرى في جوٍّ من الخشوع والإيمان، إجلالاً وتعظيماً لمقامِ المصطفى الحبيب صلّى الله عليه وآله. ويستقبلون يومَ المولد بمظاهرَ احتفاليّة تُشبهُ احتفالاتِ إخوانِهم المسلمين في مشارقِ الأرض ومغاربِها.
فَفي «نيو دلهي» يقصدُ المسلمون المسجدَ الجامع، أو «جامع مسجد»، كما يُسمّيه الهنود، وهو أكبرُ مسجدٍ في البلاد، استغرقَ بناؤه أربعةَ عشر عاماً (1644م - 1658م) زمنَ الملك المغولي المسلم «شاه جهان»، وتبلغ مساحتُه 1200 متر مربّع، ويتّسع لـ 250 ألف مصلٍّ، وفي الأعياد الإسلاميّة يبلغ عدد المصلّين 500 ألف، يملأون الباحاتِ الدّاخليّة والخارجيّة.
قال محمّد صديق -وهو هندي مسلم من راجستان- : «قدمتُ وعائلتي إلى دلهي لإقامة الصّلاة في "جامع مسجد"، ومكثنا بعد الصّلاة لتلاوةِ القرآن الكريم، والمشاركة في المدائح النّبويّة، جاعلين من هذا اليوم مناسبةً لذكرِ الحبيب».
وفي مدينة كاليكوت Calicut يجتمعُ عشراتُ الآلاف إظهاراً للفرَح بمولد سيّد الكائنات النبيّ محمّد صلّى الله عليه وآله، فتَمتلئُ ضواحي المدينة بجمٍّ غفيرٍ من المسلمين القادمين من أنحاء الهند لإحياء الذّكرى الجليلة في جوٍّ من السّعادة والسّرور. وقد حضرت الاحتفالاتِ التي أُقيمت في شهر آذار من سنة 2010م شخصيّات أكاديميّة وثقافية عربيّة، وتولّت فرقةُ إنشادٍ دينيٍّ من سوريا قراءة المدائح النّبويّة، وجرى الاحتفالُ برعاية «جامعة مركز الثّقافة السُّنيّة» بكاليكوت، وحضرَه عددٌ كبيرٌ من الشّخصيّات البارزة في الهند، وعُدَّ واحداً من أكبر الاحتفالات الدّينيّة التي تشهدُها البلاد.
وأُقيم في مدينة كاليكوت أيضاً مؤتمر «مدح الرّسول صلّى الله عليه وآله»، الذي يُقام كلَّ عام، وقد ألقى كلمتَه الافتتاحية رئيسُ الجامعة الشّيخ أبو بكر أحمد، تناولَ فيها واقعَ المسلمين في الهند، وقد حَظِيت كلمتُه باهتمامٍ بالغٍ في وسائل الإعلام المرئيّة والمسموعة.
وفي منطقة ملابار Malabar بولاية كيرالاKerala دَأَبَ المسلمون على قراءة مواليد خاصّةٍ بالذّكرى، ألّفَها هنودٌ مسلمون، وأشهَرُ ما يُقرأ منها اثنان: الأوّل من تأليف أحدِ مشايخهم المعروفين ويُدعى الشّيخ زين الدّين المخدوم، والثّاني يُعرف بـ «مولد أصحاب البدر».
كشمير
في كشمير يجتمعُ مئاتُ الآلاف من المسلمين للصّلاة والدّعاء، وإحياء ذكرى المولد الشّريف عند مسجد «حضرة بال»، أقدمِ المساجدِ وأشهرِها في تلك النّاحية.
وعلى مدار العام يتدفّقُ المسلمون في وادي كشمير لمشاهدة إمام مسجد «حضرة بال» يُطِلُّ من شُرفةٍ عالية -لا سيّما في ذكرى المولد النّبويّ والإسراء والمعراج- حاملاً بيدِه زجاجةً صغيرة، بداخلها شَعرةٌ يُقال إنّها من المحاسن المباركة لرسول الله صلّى الله عليه وآله، فتَتعالى الصّيحاتُ شوقاً وحبّاً.
ويُقال إنّ أحدَ السّاداتِ من الذّريّة العلويّة المباركة كان استوطنَ وادي كشمير آتياً من المدينة المنوّرة، وجلبَ معه هذا الأثَر الشّريف الذي توارثَه عن آبائه، ولمّا غزا المغولُ الهندَ وما حولَها بعدَ وفاة العلويّ بزَمن، استودعَ أحدُ أبنائه الأثَر المبارك لدى بعضِ وجهاءِ المنطقة، فَبَقِيَ هناك مُحاطاً بكلِّ رعايةٍ واحترام. ورُويت في خبر الأثَر الشّريف حكاياتٌ أخرى.
لكنّ المؤكّدَ أنّ هذا الأثَر المنسوب لرسول الله صلّى الله عليه وآله فُقِدَ في أواخر العام 1963م، فاتّهمَ المسلمون الهندوسَ بسرقتِه، واندلعت احتجاجاتٌ وأعمالُ عنفٍ شديدةٍ في إقليم كشمير، اضطُرّ بعدَها رئيس الوزراء الهنديّ الأسبق جواهر لال نهرو إلى إلقاء خطابٍ علَنيّ تعهّدَ فيه بإعادتِه، فأُعيدَ مطلع سنة 1964م.
هذا وتُعَدُّ زيارةُ قبور الأولياء والصّالحين -لا سيّما في الأعياد- من العادات المتجذّرة في المجتمع الكشميريّ، وكان أحدُ العلماء المعروف باسم «يحيى شاه» قد شنّ في نهاية القرن التّاسع عشر حملةً شعواءَ على زيارة الأضرحة وعلى القائمين بها، ورماهم بالشّرك، لكنّ الكشميريّين وسَموه بالتّطرّف، وأنّه يسعى إلى إيقاع الفتنة وتدمير أُسُس التّعايشِ الآمنِ في الإقليم. ولَقِيَت حركةُ يحيى شاه اعتراضاً شديداً من قبل حكومة كشمير، فَأصدرتْ أمراً بمنعِه من الدّعوة وصّلاةِ الجماعة في مختلف مناطق وادي كشمير.
باكستان
ترتفعُ حرارةُ الاحتفالاتِ بميلاد النّبيّ الأعظم صلّى الله عليه وآله في باكستان، حيث يتوافدُ عشراتُ آلاف الباكستانيّين إلى اللّقاءاتِ التي تُنظّمُها هيئاتٌ دينيّةٌ واجتماعيّة، تتخلّلُها محاضراتٌ يُلقيها علماءُ دين وأساتذةٌ جامعيّون.
ففي كراتشي Karachi، وهي المركز الماليّ والتّجاري، تُنار الطّرُق الرّئيسيّة بالضّوء الأخضر من بداية شهر ربيع الأوّل، كما تُضاء واجهاتُ المساجد بمصابيح ملوّنة، ويجري التّحضيرُ للاحتفالات بوتيرةٍ متسارعة. وتضجُّ أحياءُ المدينة بصخَب الأطفال الذين يرتدي معظمُهم الزّيّ الباكستانيّ التّقليديّ بتصاميمَ مزركشة، وتتعالى صيحاتُهم الصّاخبة لتُضفي على أجواء المولد مسحةً احتفاليّةً خاصّة، ويتردّدُ صدى الابتهالاتِ من داخل المنازل، وتتفنّنُ ربّاتُ البيوت في إعداد حلويات تقليديّة محليّة. وتسيرُ المواكبُ مردّدةً الابتهالات وأناشيدَ المولد، ويقوم الشبّان بنَصب خِيَم صغيرة على جوانب الطّرقات لتوزيعِ المياه والأشربة على المارّة. وتُقام تجمّعات دينيّة كبيرة في الحدائق العامّة، في جميع أنحاء كراتشي.
وتتزيّن بلدة «نومايش» Nomayesh المجاورة، وتُقام فيها خيمة كبيرة تصدح منها أناشيد في مدح النّبيّ صلّى الله عليه وآله يخفقُ لها القلبُ طوالَ اليوم، كما تسيرُ المواكبُ على امتداد الطّرُقِ الكبرى في المدينة، ويشاركُ فيها الآلافُ من النّاس، مردّدين الأناشيدَ الدّينيّة والمدائحَ النّبويّة، ورافعين راياتٍ أعدَّها للمناسبة مجموعة من الشبّان المؤمنين.
ــــــــــــ
العـدد الخامس والثلاثون من مجلة شعائر
السيد محمد حسين الطبطبائي
الشيخ جعفر السبحاني
السيد محمد باقر الحكيم
الشيخ ناصر مكارم الشيرازي
السيد جعفر مرتضى
الشيخ محمد مهدي شمس الدين
الشيخ محمد صنقور
الشيخ علي المشكيني
الشيخ حسين مظاهري
السيد محمد حسين الطهراني
عبد الوهّاب أبو زيد
ناجي حرابة
حسين حسن آل جامع
فريد عبد الله النمر
الشيخ علي الجشي
جاسم بن محمد بن عساكر
أحمد الماجد
عبدالله طاهر المعيبد
ياسر آل غريب
زهراء الشوكان
تحدّي القرآن بالإخبار عن الغيب
الفطرة والغريزة
نظرية أهل البيت (عليهم السلام) في فهم القرآن الكريم
وجود الإنسان والمنظومة الدقيقة
محاضرة للشّعلة بعنوان: ثلاث خطوات لجعل عامك الجديد أكثر نجاحًا
متى تحرّر سلمان الفارسيّ؟ (4)
العلاقة الزّوجيّة في ظلّ المجتمع، محاضرة لأنوار الفتيل في برّ سنابس
لماذا يدخل الإمام علي (ع) عنصر التاريخ في أحاديثه الوعظية؟
الإرادة الإلهيّة
في محاسبة النّفس ومراقبتها