الشيخ محمد هادي معرفة ..
الوحي الرسالي، معنى رابع استعمله القرآن في أكثر من سبعين موضعاً، معبراً عن القرآن أيضاً بأنه وحي أُلقي على النبيّ صلى الله عليه وآله): ﴿نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَـذَا الْقُرْآنَ﴾. ﴿وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ قُرْآناً عَرَبِيّاً لِّتُنذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا﴾. ﴿مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ﴾.
وظاهرة الوحي بشأن رسالة الله، هي أولى سمات الأنبياء، امتازوا بها على سائر الزعماء والمصلحين أصحاب العبقريّات الملهّمين. ولم يكن النبيّ محمد صلى الله عليه وآله بدعاً من الرسل في هذا الاختصاص النبويّ، ولا أوّل من خاطب الناس باسم الوحي السماويّ، ومن ثم فلا عجب في هذا الاصطفاء ما دام ركب البشريّة منذ بداية سيرها لم تزل يرافقها رجال إصلاحيّون يهتفون بهذا النداء الروحيّ، ويدعون إلى الله باسم الوحي وتبليغ رسالة الله. ﴿أَكَانَ لِلنَّاسِ عَجَباً أَنْ أَوْحَيْنَا إِلَى رَجُلٍ مِّنْهُمْ أَنْ أَنذِرِ النَّاسَ وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُواْ أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِندَ رَبِّهِمْ قَالَ الْكَافِرُونَ إِنَّ هَـذَا لَسَاحِرٌ مُّبِينٌ﴾.
ودفعاً لهذا الاستنكار الغريب قال: ﴿إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِن بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ وَعِيسَى وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهَارُونَ وَسُلَيْمَانَ وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُوراً. وَرُسُلاً قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَيْكَ مِن قَبْلُ وَرُسُلاً لَّمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ وَكَلَّمَ اللّهُ مُوسَى تَكْلِيماً. رُّسُلاً مُّبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللّهُ عَزِيزاً حَكِيماً. لَّـكِنِ اللّهُ يَشْهَدُ بِمَا أَنزَلَ إِلَيْكَ أَنزَلَهُ بِعِلْمِهِ والملائكة يَشْهَدُونَ وَكَفَى بِاللّهِ شَهِيداً. إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ وَصَدُّواْ عَن سَبِيلِ اللّهِ قَدْ ضَلُّواْ ضَلاَلاً بَعِيداً﴾.
والوحي الرسالي لا يعدو مفهومه اللغويّ بكثير، بعد أن كان إعلاماً خفيّاً، وهو اتصال غيبيّ بين الله ورسوله، يتحقّق على أنحاء ثلاثة، كما جاءت في الآية الكريمة: ﴿وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْياً أَوْ مِن وَرَاء حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ﴾.
فالصورة الأُولى: إلقاء في القلب ونفث في الروع. والثانية: تكليم من وراء حجاب، بخلق الصوت في الهواء بما يقرع مسامع النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم ولا يرى شخص المتكّلم. والثالثة: إرسال ملك الوحي فيبلّغه إلى النبيّ، إمّا عياناً يراه، أو لا يراه ولكن يستمع إلى رسالته.
إذن فالفارق بين الوحي الرسالي وسائر الإيحاءات المعروفة، هو جانب مصدره الغيبي اتصالاً بما وراءّ المادة. فهو إيحاء من عالم فوق، الأمر الذي دعى بأُولئك الذين لا يروقهم الاعتراف بما سوى هذا الإحساس المادي، أن يجعلوا من الوحي الرسالي سبيله إلى الإنكار، أو تأويله إلى وجدان باطنيّ ينتشي من عبقريّة واجده.
وبما أنّ الوحي ظاهرة روحيّة، فإنّه بأيّ أقسامه إنّما كان مهبطه قلبه الشريف شخصيّته الباطنة: (الروح) سواءٌ أكان وحياً مباشرياً من الله أم بواسطة جبرائيل. قال تعالى: ﴿فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ﴾. ﴿نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنذِرِينَ﴾ والقلب هو لبّ الشيئ وحقيقته الأصلية...
قال سيَّدنا الطباطبائي: وهذا إشارة على كيفيّة تلقّيه صلى الله عليه وآله (القرآن النازل عليه، وأنّ الذي كان يتلقاه من الروح هي نفسه الكريمة من غير مشاركة الحواسّ الظاهرة التي هي أدوات لإدراكات جزئية خارجيّة.. فكان صلى الله عليه وآله) يرى شخص الملك ويسمع صوت الوحي، لكن لا بهذه السمع والبصر الماديّتين، وإلاّ لكان أمراً مشتركاً بينه وبين غيره، ولم يكن يسمع أو يبصر هو دون غيره. فكان يأخذه برحاء الوحي وهو بين الناس فيوحى إليه ولا يشعر الآخرون الحاضرون...).
د. سيد جاسم العلوي
الشيخ ناصر مكارم الشيرازي
حيدر حب الله
عدنان الحاجي
الشيخ محمد جواد مغنية
الشيخ محمد صنقور
الشيخ محمد مصباح يزدي
السيد محمد حسين الطهراني
محمود حيدر
السيد محمد حسين الطبطبائي
حسين حسن آل جامع
فريد عبد الله النمر
أحمد الرويعي
حبيب المعاتيق
عبدالله طاهر المعيبد
حسين آل سهوان
أسمهان آل تراب
أحمد الماجد
علي النمر
زهراء الشوكان
نظريّة المعرفة عند كارل بوبر (1)
سورة الناس
إسلام الراهب بُرَيْهَة على يد الإمام الكاظم (ع)
النسخ في القرآن إطلالة على آية التبديل (وَإِذَا بَدَّلْنَا آَيَةً مَكَانَ آَيَةٍ) (3)
هل نحتاج أن نقرأ لنتعلّم أم يكفي الاستماع؟ ماذا يقول علم الأعصاب؟
اختتام النّسخة العاشرة من حملة التّبرّع بالدّم (دمك حياة)
الإمام الكاظم (ع) في مواجهة الحكّام العبّاسيّين
السّيّدة رقيّة: اليتيمة الشّهيدة
وما تُغْنِي الآياتُ والنُّذُرُ
إيثار رضا الله