قرآنيات

معلومات الكاتب :

الاسم :
الشيخ ناصر مكارم الشيرازي
عن الكاتب :
أحد مراجع التقليد الشيعة في إيران

حقيقة التوكل على الله

قال تعالى: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا () وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا} [الطلاق : 2 ، 3].

 

المقصود من التوكل على الله هو أن يسعى الإنسان لأن يجعل عاقبة عمله وكدحه على الله ويوكلها إليه، ويدعوه لتسهيل أمره، فإنه لطيف بعباده رحيم بهم وعلى كل شيء قدير.

 

والشخص الذي يعيش حقيقة "التوكل على الله" لا يجد اليأس إليه منفذًا، ولا يدب في عزمه الضعف، ولا يشعر بالنقص والصغر أمام المشاكل مهما كبرت، ويبقى يقاوم ويواجه الأحداث بقوة وإيمان راسخين. ويعطيه هذا الإيمان والتوكل قدرة نفسية عظيمة يستطيع معها تجاوز الصعاب. ومن جانب آخر تنهمر عليه الإمدادات الغيبية والمساعدات التي وعده الله.

 

ففي حديث عن الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم): سألت من جبرائيل: ما التوكل؟ قال "العلم بأن المخلوق لا يضر ولا ينفع، ولا يعطي ولا يمنع، واستعمال اليأس من الخلق، فإذا كان العبد كذلك لم يعمل لأحد سوى الله، ولم يرج ولم يخف سوى الله، ولم يطمع في أحد سوى الله فهذا هو التوكل"(1)

 

فالتوكل بهذا المضمون العميق يمنح الإنسان شخصية جديدة ويكون له تأثير على جميع أعماله. لذا نقرأ في حديث عن الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه سأل الله عز وجل في ليلة المعراج: إلهي أي الأعمال أفضل؟ قال تعالى: "ليس شيء عندي أفضل من التوكل علي والرضا بما قسمت"(2)

 

ومن الطبيعي أن التوكل بهذا المعنى سيكون توأمًا مع الجهاد والسعي وليس مع الكسل والفرار من المسؤوليات.

________________________

1. بحار الانوار ، ج69 ، ص373 ، ح19.

2. سفينة البحار ، ج2 ، ص683 ، مادة (التوكل) . 

 

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد