
وهو من أهم الآليات الإدارية والقيادية، وسلام الله على أبي الحسن أمير المؤمنين (ع)، كان يقول: «آلَةُ الرِّيَاسَةِ سَعَةُ الصَّدْرِ»[1].
وسعة الصدر تعني الصبر تجاه المشاكل والتحديات، والسيطرة على النفس في حالات الانفعال والغضب، وفي حالات الفرح والتوفيق، والحلم، وهي حالة استيعاب للمشاكل والمتاعب والتحديات التي تواجه العاملين من ناحية الآخرين.
ومثل النفوس مثل الأواني الكبيرة التي لا تفيض، ولا تضيق، ولا تتلوث بما فيها، بعكس الأواني الضيقة، فإنها تفيض، وتضيق، وتنفعل بما فيها، فإذا ألقى فيها ماء آسنًا وقذرًا ظهر عليها.. ويلقى نفس القذر. أما الماء الآسن في البحر والنهر، فلا يبقى منه أثر بعد لحظات، يستهلكه ماء البحر.. وكذلك شأن الصدور الواسعة، تستهلك حالات الغضب والانتقام والانفعال، رغم وجود الإثارات القوية والشديدة.
وكما تقاوم الصدور الواسعة عوامل الغضب والانتقام والانفعال، وتواجهها بالصبر والحلم والتعقّل، فلا يطفح عليها، ولا تتأثر بها، كذلك تقاوم عوامل الانفعال من النوع الآخر، وهو الانفعال تجاه التوفيق والنجاح والفوز، فلا يغلبهم الفرح والحبور، وما يجرّ إليه من البطر والرئاء عادة، فإن وعاء النفوس والصدور، إذا اتسعت لا تضيق بهذا ولا ذاك، وتستوفي كلاًّ منهما، وهاتان الخصلتان وجهان لحالة واحدة، وهي حالة شرح الصدر.
يقول أمير المؤمنين (ع): «لَا تَكُنْ عِنْدَ النَّعْمَاءِ بَطِراً، وَلَا عِنْدَ الْبَأْسَاءِ فَشِلًا»[2].
قد دخل رسول الله (ص) مكة فاتحاً، ويكاد رأسه يمس قربوس فرسه، تواضعاً لله سبحانه وتعالى، لم ينفعل، ولم ينتقم، ولم يظهر عليه من أمارات الفتح العظيمة غير الشكر لله، والتواضع لله، والاعتراف لله تعالى بالجميل فيما أعطاه.
وهذه الخصلة في نفوس المؤمنين هي التي يسميها القرآن بـ (شرح الصدر).
ويَمُنّ الله تعالى به على رسوله (ص) في المراحل الأولى من الأمر بتبليغ الرسالة، فيقول تعالى: (أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ - وَوَضَعْنَا عَنْكَ وِزْرَكَ - الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ)[3]، والوِزْرُ: ثقل المسؤولية الذي ينقض ظهور المسؤولين..
ويمن الله تعالى على عبده ورسوله (ص) في هذه الآيات بأمرين: شرح الصدر، وتخفيف ثقل المعاناة والعذاب والمسؤولية عنه، وهو ما تعبّر عنه الآية الكريمة بـ (وَوَضَعْنَا عَنْكَ وِزْرَكَ الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ)، وبينهما فرق.
وكان (شرح الصدر) أول ما طلبه كليم الله موسى بن عمران (ع) لما أمره الله تعالى أن يذهب إلى فرعون وقومه ليدعوهم إلى الله، فقال: (رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي - وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي - وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي - يَفْقَهُوا قَوْلِي)[4].
ففي هذه الآيات نجد نفس المطالب (شرح الصدر وتيسير الأمر).
وشرح الصدر هو أن يوسع الله تعالى وعاء صدور عباده، لتستوعب المشاكل والتحديات بالصبر والحلم. والأمر الآخر تيسير الأمر (ويسر لي أمري): هو تخفيف ثقل العمل على المؤمنين العاملين.
وفي مقابل (سعة الصدر): ضيق الصدر؛ وهي حالة من الضيق، وعدم الاستيعاب تنتاب الإنسان في السراء والضراء معاً، تجعله عرضة للانفعالات المختلفة كالبطر والرئاء، والتعجل، والانتقام، والتعب، واليأس، وضيق النفس والغضب.
وهذه الحالات تسلب المسؤولين القدرة على إدارة الموقف، وهي حالة ضارة في إدارة الأعمال الكبيرة منها والصغيرة؛ حتى داخل العوائل، وفي الأسواق، وفي العلاقات الاجتماعية المحدودة.
وقد روي في هذا المعنى عن أمير المؤمنين (ع): «إنما الحليم مَن؛ إذا أوذي صبر، وإذا ظلم غفر»[5].
وأبلغ ما ورد عن أمير المؤمنين (ع) في هذا المعنى هو ما أشرنا إليه سابقاً: «لَا تَكُنْ عِنْدَ النَّعْمَاءِ بَطِراً، وَلَا عِنْدَ الْبَأْسَاءِ فَشِلًا»[6].
وهذه الكلمة تحدد حالة سعة الصدر، والقدرة على الاحتواء والاستيعاب من بعدين:
أ. في البأساء والضراء؛ فلا يسرع إليه الفشل والعَيّ والعجز والضعف.
ب. في النعماء؛ فلا يسرع إليه البطر والسرور والحبور.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1] نهج البلاغة، الحكمة: 167، باب المختار من حكم أمير المؤمنين عليه السلام ومواعظه، ص439.
[2] نهج البلاغة، الكتاب: 33، من كتاب له عليه السلام إلى قثم بن العباس، ص349.
[3] الشرح: 1 – 3.
[4] طه: 25 – 28.
[5] عبد الواحد الآمدي، غرر الحكم ودرر الكلم، حكمة: 6408، ص258.
[6] نهج البلاغة، الكتاب: 33، من كتاب له عليه السلام إلى قثم بن العباس، ص349.
صفات الأيديولوجي؛ معاينة لرحلة الفاعل في ممارسة الأفكار (1)
محمود حيدر
معنى (عيش) في القرآن الكريم
الشيخ حسن المصطفوي
لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ
الفيض الكاشاني
التعلم القائم على اللعب: طرق مُثبتة لتعزيز نمو دماغ الطفل وتطوّر إدراكه وشحذ ذكائه
عدنان الحاجي
مناجاة الزاهدين: زهد أحباب الله (1)
الشيخ محمد مصباح يزدي
في رحاب بقية الله: العدالة المهدويّة ترسم المستقبل
الشيخ عبد الله الجوادي الآملي
بَلْ إِيَّاهُ تَدْعُونَ
الشيخ محمد جواد مغنية
في رحاب بقية الله: ليمكّننّ له الدين
الشيخ معين دقيق العاملي
النّفاق والتّظاهر
الشيخ ناصر مكارم الشيرازي
حياتنا بين البخل والترف
الشيخ حسين مظاهري
أم البنين .. رواية من وجع الطف
حسين حسن آل جامع
واشٍ في صورة حفيد
حبيب المعاتيق
أيقونة في ذرى العرش
فريد عبد الله النمر
سأحمل للإنسان لهفته
عبدالله طاهر المعيبد
خارطةُ الحَنين
ناجي حرابة
هدهدة الأمّ في أذن الزّلزال
أحمد الرويعي
وقف الزّمان
حسين آل سهوان
سجود القيد في محراب العشق
أسمهان آل تراب
رَجْعٌ على جدار القصر
أحمد الماجد
خذني
علي النمر
صفات الأيديولوجي؛ معاينة لرحلة الفاعل في ممارسة الأفكار (1)
معنى (عيش) في القرآن الكريم
لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ
التعلم القائم على اللعب: طرق مُثبتة لتعزيز نمو دماغ الطفل وتطوّر إدراكه وشحذ ذكائه
زكي السّالم: (ديوانك الشّعريّ بين النّطورة والدّندرة والطّنقرة)
أم البنين .. رواية من وجع الطف
مناجاة الزاهدين: زهد أحباب الله (1)
في رحاب بقية الله: العدالة المهدويّة ترسم المستقبل
ستّ طرق لاستخدام القلق كمصدر للنّمو
سبيل غلبة العقل على النفس