
من دلائل إثبات المعاد، وجود الغاية من خلق الوجود (وبضمنه الإنسان)، ولازم ذلك أن يكون وجود العالم عبثًا من دون المعاد؛ تمامًا كما نرى في عالم الأطفال حينما يبادر الطفل لصرف ساعات طويلة من وقته، يبذل فيها الجهود الكبيرة لبناء بيت صغير من الخشب أو الطين، ثم يقوم في نهاية المطاف، وبعد أن يتمّ تشييد البيت وإتمامه؛ يقوم بتخريبه وتهديمه برفسة من رجله، لتضيع بهذه الرفسة جهود يومه عبثًا!
وربّما كانت المقارنة بين المشهدين غير دقيقة، ذلك أن الطفل الذي يرفس برجله البيت الذي صرف في بنائه ساعات طويلة من الجهد والاعتناء، إنّما يفعل ذلك بهدف اللعب، وبذلك نجد أنّ عمل الطفل وإن كان عبثيًّا بظاهره إلّا أنّه يستهدف تحقيق غاية، وهي اللعب. أمّا إذا افترضنا عدم وجود «المعاد» فإنّ الصورة ستبدو أسوأ، إذ سيظهر عالم الوجود وكأنّه مخلوق عبثًا وباطلًا من دون أن يكون ثمّة هدف لوجوده، أو غاية يسعى لتحقيقها.
لذلك تقضي الغاية المفترضة لوجود هذا العالم بضرورة المعاد واليوم الآخر لكي تنتفي العبثية ولا يكون الهدف من الخلق عبثًا وباطلًا.
ثم إنّ عالم الوجود برمّته يحكي حقيقة أنّ وراء هذا العالم مدبّرًا حكيمًا، وهذه الحقيقة شاخصة للجميع، واضحة للعيان. وإلّا فكيف نصدّق أنّ الإنسان المخلوق من نطفة، المخلوقة بدورها من تراب، يعيش حياته بكل ما يرافقها من مشقّة وأذى وألم، من دون أن تكون لوجوده غاية، ولحياته هدف وعاقبة ينقلب إليها؟
وكيف نتعقّل أنّ كل شيء ينتهي بالموت ومع الموت بحيث تبدو كل أشواط الحياة بدون ثمرة وغاية؟ وإذا لم يكن ثمّة «معاد وجزاء» فكيف ومن ينتصف للمظلوم من الظالم؛ وكيف نستطيع أصلًا أن نوجّه فلسفة الخلق والوجود والغاية منهما؟
يعبّر القرآن الكريم عن هذه الحقيقة بقوله (تعالى): «أفحسبتم أنّما خلقناكم عبثًا وأنّكم إلينا لا ترجعون» «1». وكذلك قوله تعالى: «وما خلقنا السماء والأرض وما بينهما باطلًا ذلك ظنّ الذين كفروا فويل للذين كفروا من النار» «2». والآية واضحة في أنّ من لا يتصوّر أنّ للخلق هدفًا وغاية ومآلًا، هو الكافر الذي لا يعتقد ب «المبدأ»، وإلّا فلو كان مؤمنًا ب «المبدأ» لاعتقد بالمعاد حتمًا وضرورة «3».
ويؤكّد القرآن الكريم في آيات أخرى، أنه لو لم يكن مآل الخلق إلى المعاد واليوم الآخر؛ وأنّه لو لم يكن منتهى كلّ شيء في مسيرة عالم الوجود إلى اللّه (سبحانه) «4»، للزم أن يكون الخلق عبثًا؛ ولـمّا كان العبث والباطل مستحيلي الصدور عن اللّه (سبحانه) لأنّه خالق العقل، ولا يصدر منه (سبحانه) غير المعقول، لذلك وجب أن يكون «المعاد» لكي لا يكون الوجود عبثًا وباطلًا «5».
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) المؤمنون: 115.
(2) ص: 27.
(3) ذلك أنّ الأوّل ذاتًا هو الآخر ذاتًا، يقول (تعالى ): «هو الأوّل والآخر»، الحديد: 3.
(4) يقول (تعالى): «إنّ إلى ربّك الرجعى» (العلق: 8) «وإنّ إلى ربّك المنتهى» النجم: 42.
(5) يقول (تعالى) في نفي العبث عن الخلق: «وما خلقنا السماوات والأرض وما بينهما لاعبين». الدخان: 38. ويقول (سبحانه) في إثباته الغاية: «وما خلقنا السماوات والأرض وما بينهما إلّا بالحقّ»، الحجر: 85.
صفات الأيديولوجي؛ معاينة لرحلة الفاعل في ممارسة الأفكار (1)
محمود حيدر
معنى (عيش) في القرآن الكريم
الشيخ حسن المصطفوي
لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ
الفيض الكاشاني
التعلم القائم على اللعب: طرق مُثبتة لتعزيز نمو دماغ الطفل وتطوّر إدراكه وشحذ ذكائه
عدنان الحاجي
مناجاة الزاهدين: زهد أحباب الله (1)
الشيخ محمد مصباح يزدي
في رحاب بقية الله: العدالة المهدويّة ترسم المستقبل
الشيخ عبد الله الجوادي الآملي
بَلْ إِيَّاهُ تَدْعُونَ
الشيخ محمد جواد مغنية
في رحاب بقية الله: ليمكّننّ له الدين
الشيخ معين دقيق العاملي
النّفاق والتّظاهر
الشيخ ناصر مكارم الشيرازي
حياتنا بين البخل والترف
الشيخ حسين مظاهري
أم البنين .. رواية من وجع الطف
حسين حسن آل جامع
واشٍ في صورة حفيد
حبيب المعاتيق
أيقونة في ذرى العرش
فريد عبد الله النمر
سأحمل للإنسان لهفته
عبدالله طاهر المعيبد
خارطةُ الحَنين
ناجي حرابة
هدهدة الأمّ في أذن الزّلزال
أحمد الرويعي
وقف الزّمان
حسين آل سهوان
سجود القيد في محراب العشق
أسمهان آل تراب
رَجْعٌ على جدار القصر
أحمد الماجد
خذني
علي النمر
صفات الأيديولوجي؛ معاينة لرحلة الفاعل في ممارسة الأفكار (1)
معنى (عيش) في القرآن الكريم
لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ
التعلم القائم على اللعب: طرق مُثبتة لتعزيز نمو دماغ الطفل وتطوّر إدراكه وشحذ ذكائه
زكي السّالم: (ديوانك الشّعريّ بين النّطورة والدّندرة والطّنقرة)
أم البنين .. رواية من وجع الطف
مناجاة الزاهدين: زهد أحباب الله (1)
في رحاب بقية الله: العدالة المهدويّة ترسم المستقبل
ستّ طرق لاستخدام القلق كمصدر للنّمو
سبيل غلبة العقل على النفس