قرآنيات

معلومات الكاتب :

الاسم :
الشيخ عبد الله الجوادي الآملي
عن الكاتب :
فيلسوف، مفسر وعالم دين إسلامي و مرجع شيعي، مؤسس مؤسسة الإسراء للبحوث في في مدينة قم الإيرانية

اهتمام العاصين بأنفسهم ونسيانهم لها

يتحدّث القرآن الكريم تارة عن اهتمام المجرمين والعاصين بأنفسهم: {وَطَائِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ} [آل عمران: 154]، وتارة أخرى عن نسيانهم لأنفسهم: {وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ} [الحشر: 19].

 

والسرّ في هذه الازدواجية في التعبير هو أن الإنسان ليس موجوداً أحادي البعد، كي يمضي عمره غارقًا في الشهوة والغضب فقط كالحيوان، أو في التّسبيح والتقديس فحسب كالملائكة، بل إنه في الوقت الذي يمتلك فيه قوى طبيعية وحيوانية، فإن له قوى روحانية وإلهية كذلك، حيث يقال للأولى «النفس» (1) وللثانية «العقل»، وإن هناك في داخله صراعاً مستمراً بين حزبي العقل والنفس.

 

العقل والنفس هما مرتبتان من مراتب الحقيقة الآدمية. فالفسّاق والمنافقون ممن نسوا «ذاتهم الإلهية» هم يفكرون فقط بـ «ذاتهم الحيوانية» والنتيجة المشؤومة لذلك هي ما يتصفون به من شراسة الطبع وضراوته.

 

إذن فالذي يسيطر على المنافقين هو الشهوة والغضب، أما عقلهم فهو أسير هواهم: «وكم من عقل أسير تحت هوى أمير» (2). فهؤلاء قد دفنوا «ذاتهم الإلهية» وحقيقة إنسانيتهم وهي حية، فهم في ذلك بمستوى الحيوان بل وأدنى منه: {إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا} [الفرقان: 44].

 

فالذي يناله الضرر من مكر المنافقين وخداعهم هو «ذاتهم الإلهية»: {وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ} [البقرة: 9].

ــــــــــــــــــــــــــ

1. إذا لم يكن عنوان «النفس» في مقابل (العقل) فإنه يشمل المراتب العليا للروح الإنسانية أيضًا.

2. نهج البلاغة، الحكمة 21.

 

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد