الشيخ ناصر مكارم الشيرازي ..
تعرض القرآن الكريم للتطفيف في الوزن مرارًا ، ومن ذلك ما جاء في الآيات (١٨١ ـ ١٨٣) من سورة الشعراء ، حينما خاطب شعيب عليه السلام قومه قائلًا : (أَوْفُوا الْكَيْلَ وَلا تَكُونُوا مِنَ الْمُخْسِرِينَ وَزِنُوا بِالْقِسْطاسِ الْمُسْتَقِيمِ وَلا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْياءَهُمْ وَلا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ) .
فالتطفيف في الوزن والكيل من الفساد في الأرض ، وذلك لما تنتج عنه من مفاسد اجتماعية ذات أبعاد واسعة.
كما جاء التأكيد في الآيتين (٧ و ٨) من سورة الرحمن على ضرورة الالتزام بالعدالة حين استعمال الميزان ، بعد الإشارة إلى أن العدل أصل قد روعي فيه حتى نظام الخلق في عالم الوجود : (وَالسَّماءَ رَفَعَها وَوَضَعَ الْمِيزانَ أَلَّا تَطْغَوْا فِي الْمِيزانِ) .
ولذا ، نجد أئمّة أهل البيت عليهم السلام قد أولوا هذا الموضوع اهتمامًا بالغًا ، حتى روي عن الأصبغ بن نباتة ، أنّه قال : سمعت أمير المؤمنين عليه السلام يقول على المنبر : «يا معشر التجار! الفقه ثمّ المتجر ، الفقه ثمّ المتجر ، الفقه ثمّ المتجر» إلى أن قال : «التاجر فاجر ، والفاجر في النّار ، إلّا من أخذ الحقّ وأعطى الحقّ» (١).
وفي رواية عن الإمام الباقر عليه السلام أنّه قال : «كان أمير المؤمنين عليه السلام بالكوفة يغتدي كل يوم بكرة من القصر ، فيطوف في أسواق الكوفة سوقًا سوقًا ، ومعه الدّرة على عاتقه (لمعاقبة المخالفين) ، فينادي : يا معشر التجّار اتقوا الله عزوجل ، فإذا سمعوا صوته عليه السلام ألقوا ما بأيديهم ، وأرعوا إليه بقلوبهم ، وسمعوا بآذانهم ، فيقول عليه السلام : قدموا الاستخارة ، وتبركوا بالسهولة ، واقتربوا من المبتاعين ، وتزيّنوا بالحلم ، وتناهوا عن اليمين ، وجانبوا الكذب ، وتجافوا عن الظلم ، وأنصفوا المظلومين ، ولا تقربوا الربا ، وأوفوا الكيل والميزان ، ولا تبخسوا النّاس أشياءهم ، ولا تعثوا في الأرض مفسدين ، فيطوف عليه السلام في جميع أسواق الكوفة ثمّ يرجع فيقعد للناس» (١).
وبشأن نزول الآيات ، قال النّبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم : «ولا طففوا الكيل إلّا منعوا النبات وأخذوا بالسنين».
وزبدة ما تقدم : يعتبر التطفيف في الميزان من العوامل الأساسية في عذاب وهلاك بعض الأمم السالفة ، حيث أدى ذلك إلى اختلال النظام الاقتصادي عندهم من جهة ، وإلى نزول العذاب الإلهي عليهم من جهة أخرى.
وقد حثّت الرّوايات الواردة في خصوص آداب التجارة على الأخذ ناقصًا والعطاء راجحًا ، أي بعكس سلوكية من ذمتهم الآيات المبحوثة ، فهم يأخذون بدقّة ويعطون ناقصا. (٢) ..... ، فثمّة من يذهب إلى أنّ مفهوم التطفيف أوسع من أن يحدد بالكيل والميزان ، ويمتد ليشمل أيّ إنقاص في عمل ، وأيّ تقصير في أداء وظيفة فردية أو اجتماعية أو إلهية.
(1) اصول الكافي ، ج ٥ ، ص ١٥٠ ، الحديث ١.
(2) المصدر السابق ، الحديث ٣.
(3) ولمزيد من الاطلاع ... راجع وسائل الشيعة ، ج ١٢ ، ص ٢٩٠ ، أبواب التجارة ، الباب ٧.
السيد جعفر مرتضى
الشيخ محمد صنقور
محمود حيدر
حيدر حب الله
الشيخ شفيق جرادي
السيد عادل العلوي
الشيخ مرتضى الباشا
السيد عباس نور الدين
الشيخ جعفر السبحاني
عدنان الحاجي
حسين حسن آل جامع
حبيب المعاتيق
ناجي حرابة
عبدالله طاهر المعيبد
فريد عبد الله النمر
أحمد الرويعي
حسين آل سهوان
أسمهان آل تراب
أحمد الماجد
علي النمر
الرضا (ع) في مواجهة مؤامرات المأمون
﴿محمد رسول الله وَالَّذِينَ مَعَهُ..﴾ مناقشة في الإطلاق (2)
ميتافيزيقا السؤال المؤسِّس (3)
الشخصية المرجعية للنبيّ بين الرسولية التبليغية والذاتية البشرية (4)
توقيع ثلاث روايات لثلاث كاتبات في الدّمّام
حديث حول أسرار النّجاح في العلاقة الزّوجيّة
رحيل النّبوّة: بسملة رزايا فاطمة
(قلوب عمياء في وسط صمتهم) جديد الكاتبة ولاء الشيخ أحمد
إدارة سلوكيّات الأطفال، محاضرة للمدرّب آل عبّاس في برّ سنابس
ميتافيزيقا السؤال المؤسِّس (2)